يعد مانشستر يونايتد أحد أكبر أندية كرة القدم في إنكلترا. وصل الفريق إلى القمة مع ملّاكه الحاليين «آل غلايزرز»، الذين تسلّقوا النجاح مع المدربّ الأسبق، السير أليكس فيرغيسون، صاحب الفضل الأكبر في إبراز النادي محلياً وأوروبياً. وبعد اعتزاله التدريب عام 2013، سقط مانشستر يونايتد تدريجياً. هكذا، ابتعد النادي عن الألقاب الكبرى طيلة العقد الماضي، مقابل ارتفاع أصوات المشجعين في وجه الملّاك، خاصة هذا الموسم. وفي ظل الغضب الجماهيري، إضافةً للديون المتراكمة، رضخ آل غلايزرز «جزئياً» وأعلنوا، في تشرين الثاني انفتاحهم على بيع النادي. شعبية مانشستر يونايتد الجارفة إضافةً إلى علامته التجارية الضخمة جذبت العديد من المستثمرين، إلّا أن عرضين بارزين وصلا الأسبوع المنصرم شغلا الوسط الرياضي.قدّم رئيس مصرف قطر الإسلامي، الشيخ جاسم آل ثاني، عرضاً لشراء مانشستر يونايتد، ثم أكدت مجموعة «إينيوس» للبتروكيماويات، بقيادة الملياردير البريطاني جيم راتكليف، تقديم عرضها أيضاً بعد محاولة فاشلة لشراء تشيلسي العام الماضي. وأشارت صحيفة «تيليغراف» الإنكليزية إلى وجود مرشّحين آخرين، من بينهم «كونسورتيوم» يقوده مستثمرين أميركيين.
لا تزال الأمور ضبابية، حتى إن الوسط الإنكليزي أشار إلى إمكانية عدول عائلة غلايزرز عن فكرة البيع، سيراً على خطى ملّاك ليفربول، خاصةً بعد تداول أخبار عن نية بنك «إليوت» الأميركي، الاستثمار في مانشستر يونايتد مع إبقاء الملّاك الحاليين. يتعيّن على عائلة غلايزرز ومصرف «راين» الاستثماري الأميركي، المسؤول عن عملية البيع، قبول العرض الأفضل لبيع النادي المدرج في بورصة نيويورك، والذي يُقدّر بمبلغ 5 مليارات جنيه استرليني، إذا أرادوا التنحي عن الملكية، أو إيجاد «بدائل استراتيجية» للنهوض بالنادي مجدداً كما أشارت العائلة نفسها قبل بضعة أشهر.

معايير النزاهة
سوف يُسمح للجهات التي قدّمت عروضاً لشراء مانشستر يونايتد في نهاية الأسبوع الماضي، الوصول إلى البيانات الخاصة بالنادي، بما في ذلك المعلومات المالية وكل ما يخص العقود وصفقات الرعاية. كان من المقدّر انتهاء صفقة الملكية خلال الشهر المقبل، أو في نهاية الموسم كحد أقصى، لكن ذلك قد لا يحدث بالضرورة.
مستقبل مانشستر يونايتد مجهول، خاصةً مع التطورات الحاصلة بشأن «دعم» بنك إليوت الأميركي. إضافةً إلى ذلك، هناك قوانين في كرة القدم الأوروبية قد تصعّب عملية البيع إلى أبرز المهتمّين.
تمتلك هيئة كرة القدم الأوروبية قواعد تمنع الأندية من المشاركة في مسابقاتها ضمن أي موسم إذا كان للمالكين «تأثير حاسم» على فريقين يتأهلان في نفس الوقت، أبرز تلك القواعد تعكسها المادة 5 من اللوائح في كل مسابقات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. تتمحور المادة حول النزاهة والملكية المتعددة، بحيث لا يمكن للأندية الاحتفاظ بأسهم أو السيطرة الإدارية في نادٍ آخر يشارك في مسابقة «يويفا»، ولا يمكن للأفراد والكيانات القانونية امتلاك أكثر من نادٍ أو السيطرة الإدارية عليها. في هذا الإطار، يحوم الشك حول العرضين الإنكليزي والقطري. سوف يكون لمجموعة إينيوس المملوكة من راتكليف تضارباً واضحاً من الناحية القانونية، إذ يمتلك أحد أغنى البريطانيين «محفظة» رياضية خصبة تضم فيها فريق نيس الفرنسي.
هناك عرضان مقدمان لشراء مانشستر واحد إنكليزي وآخر قطري


بالنسبة إلى عرض الشيخ جاسم، من المقرر أن يكون ناصر الخليفي، رئيس باريس سان جيرمان الفرنسي، شخصية رئيسية في أي عرض ملكية قطري، حتى لو لم يكن له دور مباشر في النادي. لذا، سوف يترتب على القطريين إثبات الانفصال عن الصندوق الممول لفريق باريس سان جيرمان، وأي عرض قطري لشراء مانشستر يونايتد بالكامل، يجب أن يأتي من خلال أفراد مستقلّين أو هيئة مختلفة.
خاض الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لأول مرة دعوى قانونية ضد «الملكية متعددة الأندية» منذ 25 عاماً، وتعود أبرز التحقيقات في الماضي القريب إلى عام 2017، عند التحقيق في ملكية ناديا لايبزيك وسالزبورغ، المرتبطين بشركة «ريد بول». سلّط المحققون الماليون في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم حينها الضوء على «المستوى المرتفع غير المعتاد لقروض/ انتقالات اللاعبين» بين الأندية و«الهوية المرئية المشتركة/ العلامات التجارية المماثلة». ومع ذلك، أعلن متحدثون باسم سالزبورغ عن إزالة بعض الأفراد الذين زُعم أنهم على صلة بريد بول، إضافةً إلى إبرام اتفاق تعاون مع لايبزيك وتقليص رعاية ريد بول. انتهى الأمر بإعلان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم على وجود «أدلة غير كافية» حول الملكية المشتركة، والتقى الفريقان في الدوري الأوروبي موسم 2018-2019.
تعددت القضايا في الإطار نفسه على امتداد السنوات الماضية، حيث شملت التحقيقات مسائل منفصلة تتعلق بباريس سان جيرمان ومانشستر سيتي، لكن العقوبات انتهت بأقل الأضرار الممكنة.
تجدر الإشارة إلى أن «يويفا» أعرب أخيراً عن قلقه إزاء «التهديد المادي» المحتمل للملكية المتعددة للنوادي على نزاهة المنافسات على مستوى الأندية، فيما توجه البعض إلى دعوة الهيئة الأوروبية الحاكمة لتغيير قوانينها حول الملكية المزدوجة.