خمسة أيام باتت تفصل عشّاق كرة القدم عن نهاية منافسات كأس العالم (قطر 2022). هذه النسخة استحقت لقب «مونديال المفاجآت»، بعد خروج منتخبات كبرى من الباب الضيّق، ووصول أخرى لم تكن مرشحة إلى المربع الذهبي. كرواتيا التي احتلت وصافة النسخة الماضية في روسيا، بعد خسارتها المباراة النهائية أمام فرنسا (4 ـ 2)، خالفت كل التوقعات في الدوحة ووصلت إلى نصف النهائي. طريق كرواتيا لم تكن سهلة، ولكن بقليل من الحظ وكثير من الذكاء تمكّن الكروات من تجاوز طريق صعبة للغاية. حقق رفاق لوكا مودريش فوزاً واحداً في 5 مباريات كان على حساب كندا في الدور الأول، مقابل تعادلهم مع المغرب وبلجيكا. وفي الدورين الثاني والربع النهائي، حقق الكروات فوزين بركلات الترجيح على اليابان والبرازيل.لعب المدرب زلاتكو داليتش بواقعية معتمداً على تشكيلة (4 ـ 3 ـ 3) في معظم الأحيان ليحافظ على القوة الدفاعية والتوازن في خط الوسط. استراتيجية أثبتت نجاحها وخاصة عند مواجهة البرازيل المدججة بالنجوم في دوري الـ 8. وهذه الخطة ستكون حاضرة اليوم أيضاً في ظل اعتماد داليتش على وسطه القوي والخبير، المؤلف من الثلاثي: لوكا مودريتش ومارسيلو بروزوفيتش وماتيو كوفازيتش.
سيحاول الكروات امتصاص حماسة الأرجنتينيين منذ البداية، وضربهم عبر الهجمات المرتدة، وبصورة أكبر عبر الكرات الثابتة التي يمتازون بها.
وصلت كرواتيا إلى نصف النهائي بعد تحقيقها فوزاً واحداً خلال 5 مباريات


التعلّم من الأخطاء
على عكس كرواتيا، دخلت الأرجنتين الى المونديال الشتوي في قطر وهي مرشحة للفوز باللقب. البداية كانت بطيئة بعد خسارة أمام السعودية، ولكن جاءت بعدها 4 انتصارات، واحد منها على هولندا في ربع النهائي بركلات الترجيح. استفاد الأرجنتينيون من خسارة البرازيل، ومن المتوقع أن لا يدعوا كرواتيا تسيّر نسق المباراة كما تريد، فهم سيحاولون الضغط من البداية لإنهاك الخصم والتسجيل في وقت مبكر.
مدرب منتخب التانغو ليونيل سكالوني مطالب بلعب خطة (4 ـ 3 ـ 3) هو الآخر من أجل تأمين مناطقه، والانطلاق لضرب دفاعات الخصم. وسيخسر سكالوني في مباراة اليوم جهود ماركوس أكونيا وغونزالو مونسييل بسبب تراكم الإنذارات، كما أن ليونيل ميسي يمتلك بطاقة وسيكون مطالباً بالهدوء اليوم. وعشية المباراة، قال سكالوني: «لن نغيّر الطريقة التي نفكر بها. الجميع يعلم أنها مباراة في كرة القدم، ونقدم كل شيء على أرضية الملعب. في بعض الأحيان، قد يكون الحظ الى جانبك وفي أحيان أخرى لا. إنها مباراة حاسمة ولا سيما بالنسبة إلى شعبنا».
معركة كبيرة في خط الوسط ستشهدها مباراة اليوم بين الثلاثي الكرواتي، والثلاثي الأرجنتيني المتوقع أن يشارك، وهم: إنزو فيرنانديز ورودريغو دي بول وأليكسيس ماكاليستر.
يدرك الأرجنتينيون أنه ليس بإمكانهم الرهان على تعب الكروات حتى ولو أنهم لعبوا 4 أشواط إضافية حتى الآن في المونديال، على اعتبار أن معدل أعمار اللاعبين متقارب، فهو 28.4 للأرجنتين و29.2 لكرواتيا، وبالتالي فإن من يخطئ أقل سيحقق الفوز.


التركيز هو المطلوب في مباراة اليوم، وهو ما أكد عليه الإعلام الأرجنتيني عندما طالب لاعبيه بالتركيز على الخصم الكرواتي، وعدم التركيز على حكم المباراة كما حصل في مباراة هولندا الأخيرة.
الأفضلية على الورق تتّجه نحو الأرجنتين، وخاصة أن جماهيرها ستكون حاضرة بقوة كبيرة على مدرجات ملعب لوسيل في تكرار لمشهد المباريات السابقة. وهذا الدعم الجماهيري يعطي قوة لتشكيلة التانغو التي تقاتل كما لم تفعل من قبل، وهو ما سيتكرر اليوم بحسب نيكولاس تاليافيكو الذي قال خلال المؤتمر الصحافي أمس: «كرواتيا مرة أخرى في الدور نصف النهائي. إنهم فريق جيد. هناك بعض أوجه التشابه (مع 2018)، لكنها ستكون مباراة مختلفة تماماً عن تلك التي لعبناها قبل أربعة أعوام». وأضاف: «لدينا أسلحة جديدة، وكذلك خبرة من تلك المباراة السابقة. قمنا بتحليل طريقة لعب كرواتيا ونعلم أنهم يملكون لاعبين رائعين يتمتعون بكفاءة عالية في وسط الملعب». وشدّد تاليافيكو على دور ميسي الحاسم قائلاً: «بالنسبة إلينا هو قائدنا. هو من يدفعنا ويحفّزنا».
واللافت أن اللقاءات التاريخية لا تميل إلى منتخب على حساب آخر، فكانت المواجهة الأولى بين الأرجنتين وكرواتيا عام 1994، في لقاء ودّي حسمه التعادل السلبي بدون أهداف، والمناسبة الثانية كانت في كأس العالم 1998 والتي انتهت بفوز الأرجنتينين بهدف نظيف.
وفي عام 2006، حقق المنتخب الكرواتي الفوز بثلاثية مقابل هدفين على الأرجنتين بلقاء ودي، قبل أن تعود الأرجنتين وتفوز في عام 2014 في مواجهة ودية انتهت (2 ـ 1). أما اللقاء الأخير فكان في مونديال روسيا وانتهى بثلاثية نظيفة للكروات خلال الدور الأول.
مباراة منتظرة والفائز بها سيقترب أكثر من رفع الكأس الأغلى.