لا يوجد حل وسط عندما يتعلّق الأمر بالـ«الدون». إما الانتساب لكتيبة مشجعيه أو الوقوف ضده. هي معادلة رافقت رونالدو طيلة مسيرته الكروية، التي شارفت ربما على النهاية.يُعد كريستيانو من أكثر اللاعبين تتويجاً بالجوائز والألقاب في تاريخ كرة القدم، على الصعيدين الفردي والجماعي.
إنجازات مختلفة حققها المهاجم البرتغالي أينما حل، كان أبرزها التتويج بخمس كرات ذهبية. حصد أغلبها رفقة نادي ريال مدريد الإسباني، الذي مثّل المحطة الأبرز في مسيرته.
ومنذ تركه «الميرينغي» عام 2018، بدأ وهج رونالدو يخفُت تدريجاً. حطَّ كريستيانو رحاله بعدها في تورينو الإيطالية، تحديداً في نادي يوفنتوس، وتركَ بصمة واضحة على الصعيد الفردي. ما لم يُكتب له النجاح، هو التتويج بدوري أبطال أوروبا، الذي كان بمثابة المحفّز الرئيسي لليوفي وراء التوقيع مع الدون حينها.

ثلاثة مواسم «قاحلة» أوروبياً انتهت بانتقال رونالدو إلى مانشستر يونايتد الإنكليزي خلال الموسم الماضي. أراد «صاروخ ماديرا» إعادة الفريق الذي توج معه بأول كرة ذهبية إلى الواجهة من جديد، لكن ذلك لم يحدث. مشكلات مستمرة بين الدون والمدرب السابق رالف رانغنك، تبعتها مشكلات أكبر مع المدرب الحالي إيريك تن هاغ، جعلت رونالدو رفيقاً لدكة البدلاء.
أمرٌ ردَّ عليه المهاجم البرتغالي بمقابلة صحافية أطلق خلالها تصريحات ضد مدربه ومجلس النادي عموماً، لينتهي به الحال خارج أسوار مانشستر بقرارٍ من الإدارة.
هكذا، دخل رونالدو المونديال مثقلاً بأزمات متراكمة على صعيد مسيرته الاحترافية. تأمَّل بأن يقود بلاده لحصد اللقب في محاولته الأخيرة ربما، لكن «اسمه» لم يشفع له بحجز مكان أساسي في تشكيلة المنتخب أيضاً.
يمتلك رونالدو رغبةً في الظهور بمنافسات دوري أبطال أوروبا مرة أخرى


قرّر المدرب فرناندو سانتوس عدم الاعتماد على الدون بشكل أساسي، وسط انقسام لردود فعل الوسط الرياضي، سواء عبر مساندة قرار المدرب بإجلاسه على الدكة أو الدعوة لإقحامه في التشكيل الأساسي. في النهاية، جلس الدون دكة البدلاء أغلب المونديال، وزاد الأمور صعوبةً عليه عندما تجاوزت البرتغال دور الستة عشر بغيابه. اكتسح المنتخب نظيره السويسري حينها بستة أهداف، مع تسجيل بديل رونالدو المباشر ثلاثية في أولى مشاركاته المونديالية.
هنا، انقلبت المعادلة. الصورة بدأت تُرى بشكل مغاير في الأوساط الرياضية. شريحة كبيرة، اعتبرت صاروخ ماديرا غير قادر على الانطلاق كما السابق، مع تجاوزه سن السابعة والثلاثين من عمره. رونالدو الآن ليس هو رونالدو مدريد ولا هو حتى رونالدو يوفنتوس.
وفي دور ربع النهائي، انتهى حلم كأس العالم بالنسبة للدون، ومن خلفه البرتغاليين، على العتبة المغربية. خرج كريستيانو باكياً من الملعب بعد الخسارة، في لقطةٍ لاقت تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي. السؤال يحوم حالياً حول مشاركته في بطولة «اليورو» المقبلة من عدمها، وحول النادي الذي سيوقّع معه.

مستقبل غير واضح
يحيط الغموض حول مستقبل رونالدو. شاع في الوسط الرياضي رغبة مالك تشيلسي الجديد، تود بولي، باستقدام صاروخ ماديرا في الصيف، لكن المدرب السابق للفريق رفض ذلك. وفي ظل اقتراب تعاقد «البلوز» مع المهاجم الفرنسي نكونكو، تبدو صفقة رونالدو بعيدة المنال.
كان لافتاً خلال دور مجموعات المونديال العربي، إشارة عدة تقارير صحافية إلى وجود مفاوضات قوية تقوم بها إدارة النصر السعودي من أجل التعاقد مع كريستيانو لمدة موسمين، لكن اللاعب نفى الخبر.
وبحسب تقارير برتغالية، يمتلك رونالدو رغبةً في الظهور بمنافسات دوري أبطال أوروبا مرة أخرى، وهو ما يجعل قرار الاحتراف خارج القارة العجوز غير وارد.

الوجهة المُقبلة لرونالدو قد تهدف إلى تأمين اللعب على أعلى مستوى مقابل أجر لا يبتعد كثيراً عن عقده الأخير (الدوحة-طلال سلمان)

في هذا الإطار، كشف الصحافي فابريزيو رومانو المختص بأخبار انتقالات اللاعبين، أن «كريستيانو رونالدو لم يتخذ أي قرار بشأن مستقبله. هو ينتظر عروضاً من الأندية الأوروبية، لكي يحسم قراره».
الوجهة المُقبلة لرونالدو قد تهدف إلى تأمين اللعب على أعلى مستوى مقابل أجر لا يبتعد كثيراً عن عقده الأخير ربما، ويتيح له تباعاً تحقيق أرقام قياسية جديدة.
هي المحاولة الأخيرة لرونالدو، لكي يعيد صورته الناصعة إلى العلن، وإلا فإنه سيودع كرة القدم من بابها الضيق، بخاصة إذا استمر في وضع الشروط، وعدم التواضع قليلاً، وتقبل فكرة أنه بات كبيراً في السن بالنسبة للاعب كرة قدم، وعليه التوقف عن المكابرة.