سيطر بايرن ميونخ على لقب الدوري الألماني في السنوات العشر الأخيرة، حيث ساهمت متانة المنظومة وحُسن الإدارة في حصد كؤوس متتالية في سباقٍ أُحادي. لطالما تميّز البايرن بكمال الفريق، غير أن عنصر الحسم تمثّل خلال المواسم السابقة بالمهاجم البولندي روبرت ليفاندوفسكي. سيغيب هذا الأخير عن الاستحقاقات المقبلة وهو ما قد يقلب الموازين. يمتلك ليفاندوفسكي سجلاً لافتاً، فقد تُوّج بطلاً للدوري الألماني عشر مرات (مرتين مع بوروسيا دورتموند وثماني مرات مع بايرن ميونخ)، كما فاز رفقة الفريق البافاري بالعديد من الألقاب الأخرى، أهمها دوري أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية. على الصعيد الشخصي، يُعد ليفا ثاني أفضل هدّاف في تاريخ الدوري الألماني برصيد 312 هدفاً خلف الأسطورة غيرد مولر (365 هدفاً)، وهو أيضاً ثالث أفضل هدّاف في دوري أبطال أوروبا برصيد 86 هدفاً (بالتساوي مع الفرنسي كريم بنزيما)، ما يجعل خسارته صعبة على بايرن ميونخ.
على الجانب الآخر، خسر دورتموند خدمات المهاجم إرلينغ هالاند، لكنّ السياق التاريخي للنادي يثبت أن باستطاعته المضي قدماً وبسرعة. كان هالاند هو الحاسم الرئيسي في دورتموند خلال المواسم القليلة الماضية، غير أن ذلك لن يشكل عقبة أمام استمرار الغزارة الهجومية للفريق.

هالير جاهز
لطالما تميّز «أسود الفيستيفال» باقتناص مهاجمين فعّالين أمام المرمى. باستثناء تشيرو إيموبيلي الذي لم يجد نفسه في ألمانيا. عرف أغلب رؤوس الحربة، على اختلاف قيمتهم الفنية، معدل أهداف غزير. تشهد على ذلك أرقام الغابوني بيير إيميريك أوباميانغ، الإسباني باكو ألكاسير، البلجيكي ميتشي باتشيوايي والنرويجي إرلينغ هالاند... يتميز الفريق بأسلوب اللعب الشامل وتسخير كم هائل من الفرص للمهاجم الرئيسي، الذي لا يجد صعوبة عادةً في ترجمة أغلب تلك الفرص إلى أهداف. ومن هذا المنطلق، من المرجّح أن يستمر استقرار الخط الأمامي بعد التوقيع مع الدولي الألماني كريم أديمي ومهاجم أياكس سيباستيان هالير.
يمتلك بوروسيا دورتموند الاستقرار لأن المنظومة لن تتغير كثيراً مقارنةً ببايرن ميونخ


يمتلك هالير المقوّمات الكافية لمساعدة دورتموند على المنافسة، وذلك بفعل خبرته القارية وإمكاناته الكبيرة أمام مرمى الخصوم. تمكّن هالير من تسجيل 34 هدفاً وصناعة 9 أهداف خلال 43 مباراة خاضها مع أياكس أمستردام في جميع البطولات، كما لفت الأنظار إليه في دوري أبطال أوروبا خلال الموسم الماضي أيضاً، بعد أن أحرز 11 هدفاً لفريقه الهولندي.
من المرجّح أن يتفوّق دورتموند في هذه النقطة، حيث إن المنظومة لن تتغير كثيراً مقارنةً ببايرن ميونخ، الذي قد يعتمد أسلوب لعب مغايراً بعد التوقيع مع ساديو مانيه ورحيل ليفاندوفسكي.
هي مرحلة انتقالية جديدة بالنسبة إلى «أسود الفيستيفال» مع المدرب الواعد إدين ترزيتش. إعادة هيكلة شاملة تعد بالكثير في ظل رحيل، بعيداً عن هالاند، كل من أكسل فيتسل، رومان بوركي، ماروين هيتز، دان أكسل زاغادو وغيرهم، دون إغفال تقاعد المدير الرياضي السابق مايكل زورك. في المقابل، قام النادي بتدعيمات مختلفة، برز منها قلبا الدفاع نيكلاس سولي ونيكو شلوتربيك بعد تلقّي شباك دورتموند 52 هدفاً في الموسم الماضي (أقل بهدف واحد من الهابط أرمينيا).
تغييرات كبيرة تقود إلى سؤالٍ أكبر: هل كل هذا كافٍ لسد الفجوة مع بايرن ميونخ في سباق البوندسليغا؟ تعتمد الإجابة على كيفية استجابة بايرن ميونخ لرحيل ليفاندوفسكي ومدى تأقلم الصفقات الجديدة في دورتموند.