كثرٌ هم اللبنانيون في بلاد الانتشار، ومنهم نسي حتى أصوله اللبنانية كون الهجرة الكبيرة حصلت في فتراتٍ عدة، منها خلال حُكم السلطنة العثمانية للبنان، ومنها في العهد الحديث للجمهورية اللبنانية خلال الحرب الأهلية التي دفعت عدداً كبيراً من المواطنين إلى ترك وطن الأرز.كل هجرة من هذا النوع أفرزت لاحقاً أسماء لامعة في مجالات مختلفة في السياسة والثقافة والعلوم وطبعاً في الرياضة. وهذه المسألة ستطلّ مجدداً بلا شك في المستقبل القريب مع توالي دفعات الهجرة أخيراً بسبب الأزمة الاقتصادية الصعبة التي تمرّ بها البلاد وحمل الكثيرين لأولادهم باتجاه الخارج لإبعادهم عن شبح الجوع والفقر والعذاب.
من أبٍ لبناني أو من أمٍ لبنانية، لا فرق بالنسبة إلى أولئك الذين مثّلوا منتخباتٍ كبيرة، فهم اختاروا بلاد النشأة على حساب منتخبٍ لم يتمكن يوماً من اختراق ساحة الكبار، وبقي أبرز حضورٍ له في أهم بلدان الكرة هو احتراف رضا عنتر ويوسف محمد في الدوري الألماني.

موندياليّون كُثر
هذان النجمان حملا شارة قيادة لبنان، لكن آخرين كان بإمكانهم أن يحصلوا على هذا الشرف أيضاً لو سنحت الظروف، وعلى رأسهم حارس المرمى الكولومبي فريد موندراغون علي، المولود في كالي من أبٍ كولومبي وأمٍ لبنانية، وقد لُقّب بـ«التركي»، وهو اللقب الذي يمنح لأي شخصٍ قادمٍ من الشرق في كولومبيا.


وإذا ما رسمنا تشكيلة من 11 لاعباً ذوي الأصول اللبنانية دافعوا عن ألوان منتخبات عالمية، نضع أمام موندراغون، الظهير الأيسر ميغيل ليّون الذي تعود أصوله إلى بيت ملّات في عكار، وهو مثّل منتخب المكسيك في مونديالي 2014 و2018، ليحصد شهرةً كبيرة هنا كلبناني مكسيكي توازي تلك التي كسبها هناك الملياردير كارلوس سليم والممثلة سلمى حايك.
على الجهة اليمنى سيكون ليو دوبوا موجوداً. قد يستغرب البعض هذا الأمر، وخصوصاً أن قائد فريق ليون يحمل اسماً فرنسياً بحتاً. القصة تبدو غريبة بعض الشيء، إذ إن دوبوا مولود من أبٍ تمّ تبنّيه من قبل عائلة فرنسية وهو طفل رضيع، وقد علم بأصوله بعدما كبر في كنفها، لينقل حبّ بلاده الأصلية إلى نجله الذي يمثّل منتخب فرنسا، والذي بادر بعد انفجار مرفأ بيروت إلى إطلاق صندوق تبرعات لإعادة إعمار العاصمة.
أما في قلب الدفاع فهناك اسم ليس بالغريب عن الكرة اللبنانية، وهو بيار عيسى الذي لعب في الدوري اللبناني بين عامَي 2002 و2004 محرزاً اللقب المحلي مع فريق أولمبيك بيروت. عيسى ولد في جنوب أفريقيا وحجز لنفسه مكاناً أساسياً في تشكيلة منتخبها الذي خاض معه كأس العالم عام 1998. وإلى جانبه يمكن تسمية خوليو سيزار منصور الذي لعب مع منتخب الباراغواي في مونديال 2006 وفي كوبا أميركا 2007، وأحرز أيضاً ميدالية فضية مع بلاد المولد في الألعاب الأولمبية الصيفية عام 2004.

يونس لبناني أصيل
في الوسط الدفاعي يبرز اسم كلاوديو حسين الذي لُقّب بـ«إل توركو» أي التركي أيضاً في الأرجنتين حيث برز بقميص فيليز سارسفيلد وريفر بلايت ونيولز أولد بويز، وفي إيطاليا بقميصَي بارما ونابولي. أما أبرز محطاته الدولية فكانت مع المنتخب الأرجنتيني ولو أنه خرج خائباً منها بعد إقصاء «بلاد الفضة» من الدور الأول لمونديال 2002.
بسبب أصول والده اللبناني أطلق لاعب منتخب فرنسا دوبوا صندوقاً للتبرعات عقب انفجار المرفأ


أمام حسين، هناك نجمٌ يزور لبنان غالباً، وهو أمين يونس الذي يلعب حالياً مع الاتفاق السعودي بعد صولات وجولاتٍ بين ألمانيا وهولندا. يونس كان هدفاً للبنان منذ بروز اسمه مع بوروسيا مونشنغلادباخ، لكنه اختار اللعب لمنتخب ألمانيا فساهم في قيادته إلى الفوز بلقب كأس القارات عام 2017. لاعبٌ آخر في الوسط مثّل منتخباً أجنبياً، وهو عباس سعد المولود في بعلبك قبل أن يهاجر مع أهله إلى أوستراليا البعيدة، ليدافع عن ألوان منتخبها في 4 مباريات دولية بين عامَي 1992 و1998.

ماريو (زخور) زاغالو
لبناني - أوسترالي آخر ذاع صيته قبل أعوامٍ قليلة، وهو الجناح الأيمن أندرو نبّوت الذي أطلّ بقميص الـ«سوكروز» في كأس العالم الأخيرة التي أُقيمت عام 2018 في روسيا.
أما أشهر نجمٍ ذي أصولٍ لبنانية فهو الجناح الأيسر الأسطوري ماريو زاغالو، الذي حقّق إنجازاً استثنائياً لم يخطّه سوى «القيصر» الألماني فرانتس بكنباور والفرنسي ديدييه ديشان بفوزه بلقب كأس العالم لاعباً (1958 و1962) ومدرباً (1970)، إضافةً إلى فوزه بالكأس الذهبية كمدربٍ مساعدٍ لكارلوس ألبرتو باريرا عام 1994. وتقول المصادر البرازيلية بأن اسم العائلة الأصلي لزاغالو هو زخور، وقد هاجر أجداده من زحلة إلى «بلاد السامبا» منذ زمنٍ بعيد.
وزاغالو ليس اللبناني الأصل الوحيد الذي فاز بكأس العالم بقميص «السيليساو»، فهناك أيضاً كلاوديو ابراهيم المعروف ببرانكو الذي كان أحد نجوم المونديال الأميركي (1994).
ويبقى مركز المهاجم للاعبٍ لبناني - مكسيكي هو ميغيل صبّاح الذي كان أحد نجوم الدوري في البلاد التي وُلد فيها لمدة 15 سنة (2000-2015)، وقد لعب لمنتخبها من دون أن يُشارك في المونديال حيث اضطر إلى الغياب عن التشكيلة التي سافرت لخوض كأس العالم 2010 بسبب الإصابة. علماً أن اسماً آخر من بلاد «الأزتيك» كان قريباً من تمثيل لبنان وهو خيرونيمو أميوني الفائز مع منتخب المكسيك الأولمبي بالميدالية الذهبية في دورة الألعاب الأميركية في عام 2011، وهو حضر بالفعل إلى بيروت قبل 4 أعوام تقريباً لإتمام عملية نقل تمثيله الدولي من المكسيك إلى لبنان من دون أن تتمّ بنجاح.
وتكثر الأسماء الأخرى التي فات لبنان الاستفادة من مواهبها، أمثال الجناح الأيمن شربل توما الذي لعب مع السويد، والأخوين طارق الريش (ظهير أيمن) وأحمد الريش (جناح أيمن)، والهداف الأرجنتيني أنطونيو محمد الذي أصبح مدرباً معروفاً في أميركا اللاتينية حيث يشرف حالياً على تدريب أتلتيكو مينيرو البرازيلي.