هما أفضل وأقوى فريقين في العالم تكتيكياً في نظر الكثيرين، وهما أيضاً من أكثر الفرق في العالم التي تضمّ مواهب استثنائية وأسماءً كبيرة جعلت من الصراع بينهما على لقب الدوري الإنكليزي الممتاز أجمل معركةٍ كروية في القارة الأوروبية.منافسة محتدمة ليست وليدة الصدفة، إذ إن العودة إلى المواسم القريبة الماضية تعكس سباقاً حماسياً بين «الأزرق السماوي» و«الحمر» على صدارة «البريميرليغ»، التي كاد السيتي يسيطر عليها حتى نهاية الموسم لولا الانتصارات العشرة المتتالية التي أعادت ليفربول بقوة إلى المنافسة على اللقب.
هذا المسار الناجح لفريق «الريدز» سيهدد بعد ظهر غدٍ الأحد لا محالة مانشستر سيتي في ملعبه، وطموحات الأخير الرامية إلى فوزٍ جديد في مشواره هذا الموسم يبعده بفارق 4 نقاطٍ عن ملاحقه المباشر، ما يجعل هذه القمة شبه حاسمة لأحد طرفيها.
هو واقع يعرفه كل من المدربين الإسباني جوسيب غوارديولا والألماني يورغن كلوب اللذين أخذا في الاعتبار بلا شك عدم إشراك مفاتيح أساسية في تشكيلتيهما خلال مباراتيهما في دوري أبطال أوروبا خلال منتصف الأسبوع.
وهذه المسألة كانت واضحة من خلال بعض الخيارات التي تركت أسماءً رنّانة على مقعد البدلاء، وهو ما سيكشف عن صورةٍ أخرى لكل فريق استناداً إلى ما عرفه في إطلالته الأخيرة على الساحة الأوروبية.
بطبيعة الحال استعرض رجال غوارديولا ورجال كلوب عضلاتهما في دوري الأبطال بانتصارين، أحدهما على فريقٍ صعبٍ وعنيد دفاعي بالنسبة إلى السيتي، وثانيهما كان سهلاً لفريقٍ يعيش حالة جوعٍ دائمٍ للألقاب.
ببساطة هي قمة لن تختلف بقوتها عن تلك التي انتهت بالتعادل بهدفين لكلٍّ منهما في أكتوبر الماضي، لكن لا مجال فيها لإهدار النقاط، فكل نقطة مهمة إلى أبعد الحدود في هذه المرحلة، والدليل ما حصل في ختام موسم 2018-2019 عندما أحرز السيتي اللقب على حساب «الريدز» بفارق نقطةٍ واحدة فقط.
مواجهة «الويك أند» يمكن اختصارها بـ «لقاء العباقرة» بين مدربين أحدهما مبدعٌ في الاستراتيجيات المبهرة والآخر في خلق أسلوبٍ مزعج لأي خصمٍ قوي وهو كلوب، إذ يستمد الاثنان قوة فريقيهما من إمكاناتهما التقنية المتنوّعة دفاعياً وهجومياً.
لذا فإن لدى كلوب الأسلوب المناسب لتصعيب الأمور على «بيب»، والأمر عينه ينطبق على الأخير.
فصلٌ ثانٍ من الحرب الدائرة بين فريقين كبيرين سينتقل قريباً من الدوري إلى الكأس


من هنا، يمكن الإضاءة مثلاً على عاملٍ مفصلي يرتبط برغبةٍ دائمة عند «الحمر» للضغط المتقدّم، وهو ما يواجهه فريق مدينة مانشستر بإشراك حارسه في عملية البناء، ما يعني أنه يلعب فعلياً بـ11 لاعباً، ثلاثة في خط الظهر، أربعة في الوسط، إضافةً إلى لاعبَين أمامهم، ناهيك عن المهاجمَين.
عملية البناء تتمّ بتحوّل قلبَي الدفاع إلى شبه ظهيرين حول الحارس البرازيلي إيدرسون، بينما يوسّع الظهيران الملعب ويتركان مهمة صناعة اللعب إلى ثنائي الوسط الذي يبحث عن خط التمرير للخروج من الضغط. علماً أن قوة ليفربول هنا تكمن في الجناحين والظهيرين، ما يجبر السيتي على العودة إلى الحارس الذي سيبحث عن المساحة الفارغة لوضع الكرة فيها آملاً أن يواكبها أحد اللاعبين غير المراقبين، وخصوصاً إذا ما لعب غوارديولا بمهاجمٍ وهمي بحسب المتوقّع.
لكن تبرز نقطة ضعفٍ أيضاً لليفربول في بعض الحالات الدفاعية، إذ يبدو أحياناً أن الجناحين لا يرغبان بالمؤازرة، فعلى سبيل المثال لا يحبّذ النجم المصري محمد صلاح أحياناً بذل مجهودٍ دفاعي كبير لتوفير لياقته البدنية من أجل خلق الخطورة في المقلب الثاني من الملعب. لكنها أيضاً مسألةٌ مفيدة أحياناً لأنها ستكبّل أحد لاعبي الارتكاز عند صاحب الأرض، بحيث سيكون مجبراً على الخروج من مركزه في أكثر من مناسبة للمساعدة في التغطية على اعتبار أن جناحَي السيتي سيتمركزان بعيداً من منطقة الوسط.
«استاد الإمارات» سيستضيف هذه المعركة التي تُعدّ جزءاً من سلسلة الحرب الطويلة، وأيّاً تكن نتيجتها فإن هذه الحرب لن تضع أوزارها مع نهاية اللقاء، إذ هناك فصل جديد منها بعد أسبوعٍ تماماً عندما يلتقي الفريقان في 16 الشهر الحالي في نزالٍ حاسمٍ آخر يتمثّل بالدور نصف النهائي لمسابقة كأس إنكلترا.