من خارج التوقعات ذهب تشلسي الإنكليزي للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا في الموسم الماضي. ومن خارج التوقعات أيضاً أطاح «البلوز» بريال مدريد الإسباني من دور الأربعة في طريقهم للصعود إلى منصة التتويج.كل هذا يجعل من قمّة الليلة أكثر قوةً من سابقتيها، إذ لن يسلّم الفريق اللندني أمره للترشيحات التي ترجّح كفّة الفريق الملكي بعد إطاحته بباريس سان جيرمان الفرنسي، وتوازياً لن يقبل المدريديون بنكسةٍ جديدة أمام فريق اعتبرت الصحافة الإسبانية أنه لا يفوق ممثّلها قوةً وإمكانات.
كلامٌ زاد طبعاً بعد خسارة تشلسي في نهاية الأسبوع الماضي أمام برنتفورد في الدوري الإنكليزي الممتاز، وقابله كلامٌ واثق في الصحافة الإنكليزية يحكي عن أفضلية لفريقها رغم كل ما مرّ به في الفترة الأخيرة من خضات إدارية ومن ثم فنيّة، لا بل إن بعض الخبراء اعتبروا أن تلك الهزيمة الأخيرة لتشلسي كانت مجرد تمويه قبل المواجهة «المسمارية» مع الريال!
هذا الكلام مردّه إلى اعتماد المدرب الألماني توماس توخيل على استراتيجية 4-3-3، وهي تختلف عن تلك التي يفترض أن يعتمدها أمام «الميرينغيز» مقتبساً الكثير من انتصار الموسم الماضي، لذا من الطبيعي أن يستغني عن الخطة الأولى التي اعتمدها أمام برنتفورد، ليلجأ إلى الـ 3-5-2 الكفيلة بتقليص قدرة ريال مدريد على الاستحواذ، وهي إحدى نقاط القوة لديه بوجود عقلين مفكّرين هما الكرواتي لوكا مودريتش والألماني طوني كروس.
ومن تلك المواجهة بين الريال وباريس سان جيرمان، يمكن استخلاص الأفكار التي قد توقف فريق العاصمة الإسبانية الذي وجد الحلول غالباً في كل المباريات وفي كل المواقف الصعبة التي واجهها هذا الموسم، وذلك بفضل خط لعبٍ صريح يمرّ بالخطوط الثلاثة للوصول إلى المرمى.
«البلوز» يواجهون «الميرينغيز» بمعنويات عدم الخسارة أمام الفرق الإسبانية في 8 مباريات


من هنا، يعلم تشلسي بأنه عندما يحصل الفريق الأبيض على الكرة في ملعبه عليه أن يتذكّر ما فعله في الموسم الماضي لناحية التحوّل إلى شكلٍ دفاعي يرتكز على خمسة لاعبين بمهمةٍ محددة ضمن استراتيجية 5-2-3. هنا يخلق «البلوز» الكثافة العددية لقطعِ خطوط التمرير في الاتجاهات المختلفة من دون الحاجة إلى إرهاق أنفسهم بالضغط على حامل الكرة بل إن الهدف هو منعها من الوصول إلى منتصف الميدان حيث يتواجد مودريتش وكروس اللذين يقومان عادةً بتنظيم عملية بناء الهجمات ومن ثم المشاركة بها لخلق الزيادة العددية الهجومية وتشكيل خطورة إضافية.
لكن التجارب أثبتت أيضاً أنه لا يفترض تجاهل الضغط عند مواجهة ريال مدريد، وهو ما قد يفعله تشلسي فقط عندما تصل الكرة إلى الظهيرين عند طرفي الملعب، وذلك للحؤول دون ولادة أي فكرةٍ هجومية. وهذا يجبر الريال على اللعب ضمن مساحةٍ محدودة وضيّقة يغطيها عادةً ثنائي الارتكاز البرازيلي جورجينيو والفرنسي نغولو.
هذان الاثنان هما السلاح القوي في وجه أثقل أسلحة ريال مدريد أي الهجمات المرتدة، فهما يلعبان دوراً محورياً في تغيير اتجاه اللعب نحو المساحة الفارغة بهدف ضرب الخصم في المرتدات، وهي الميزة الأقوى عند الريال المعتمد غالباً على استراتيجية 4-3-3، والتي إذا ما التزم فيها الظهيران بواجباتهما الدفاعية، يبقى الثقل موجوداً على أحد الطرفين بوجود البرازيلي المتألق فينيسيوس جونيور، وطبعاً النجم الفرنسي كريم بنزيما الذي يعمد غالباً إلى تبادل المراكز مع الجناح الآخر من أجل بعثرة الأوراقِ الدفاعية للفريق المنافس.
الأفضلية لمن؟ من الصعب الإجابة على هذا السؤال ولو أن الترشيحات عشية اللقاء انطلقت من عدم تلقي الفريق اللندني أي خسارة في مبارياته الثماني الأخيرة أمام الفرق الإسبانية، ومن عدم قدرة فريق العاصمة الإسبانية على تحقيق أي فوزٍ في الأراضي الإنكليزية منذ إسقاطه ليفربول 3-0 في موسم 2014-2015، فلم تحمل رحلاته الخمس الأخيرة إلى إنكلترا أي انتصار، لا بل أن آخرها كان مؤلماً لأن «البلوز» تغلبوا عليهم بهدفين في طريقهِم إلى إحراز اللقب الكبير.