لم يكن مستغرباً أن تعكس وجوه لاعبي منتخب لبنان الكثير من الراحة عشية سفرهم إلى العاصمة القطرية الدوحة لخوض غمار كأس العرب بصبغتها المونديالية في العاصمة القطرية الدوحة. هي مسألة طبيعية، إذ إن لاعبي منتخبنا باتوا أكثر جاهزية ذهنية للعب على الساحة الخارجية، وذلك انطلاقاً من ارتفاع مستوى معنوياتهم بعد الأداء الجيّد الذي قدّموه في التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2022، وآخرها خلال المواجهتين أمام إيران والإمارات رغم الخسارتين المريرتين.الكل يعرف أن المشوار العربي لن يكون سهلاً ولو أن المنتخبات المرشحة للعب الأدوار الأولى مثل مصر والجزائر لم تصل إلى قطر بصفوفٍ مكتملة بحيث يغيب أبرز نجومها المحترفين، لكن مجرد اللعب أمامها يعطي دفعاً كبيراً للاعبينا الذين يتفقون على أنهم لن يوفروا جهداً للاستمتاع بكل لحظة أمام منافسين ذائعي الصيت، واللعب على استادات المونديال، كون البطولة تشكّل تجربة للمضيف قبل أن يفتح ذراعيه للعالم الذي سيتوافد إليه في نفس الفترة من السنة المقبلة لمتابعة أكبر تظاهرة كروية.
فعلاً هي مناسبة استثنائية لـ «رجال الأرز»، وهو ما أشار إليه المدير الفني التشيكي إيفان هاشيك، الذي يبدو محقاً باعتباره أن هذه المشاركة جيّدة بغض النظر عن حسابات النتائج، فهي ستشكّل فرصة للاحتكاك مع منتخباتٍ تبدو مقاربتها لكرة القدم مغايرة بشكلٍ كبير عمّا يعرفه لبنان في مواجهاته مع عرب آسيا أو أي خصمٍ آخر.
اليوم في مواجهة مصر ستطفو التحديات البدنية للاعبين خصوم أصحاب بنية جسدية قوية ولياقة بدنية عالية وقدرات تكتيكية ومهارية مميّزة، وهو الأمر عينه الذي ينطبق على الجزائر، وحتى بشكلٍ أكبر عند مواجهة الخصم الثالث في الدور الأول وهو المنتخب السوداني الذي سيطلق «مصارعيه» في مواجهة لبنان.
من هنا، فرصة الاحتكاك هذه ستكون مهمة تحديداً للاعبين الشبان أو الوافدين الجدد الذين ينتظرون الفرصة لإثبات أحقيتهم بالتواجد مع المنتخب في الفترة المقبلة بعدما انخرط بعضهم في معسكراته أو تمارينه من دون أن يحجزوا مكاناً لهم في الخيارات النهائية لهاشيك أو قبلها مع مساعده الحالي جمال طه.

محو الخيبات القديمة
لكن لا يخفى أن الكل ينتظر من لبنان ما يليق بسمعته الحالية في القارة الآسيوية وتالياً المنطقة العربية، خصوصاً مع لمس مؤشراتٍ إيجابية في نواحٍ مختلفة، فقبل النتائج الطيّبة للمنتخب الأول، كان العهد بطلاً لكأس الاتحاد الآسيوي، وبعد الجولة الأخيرة من التصفيات المونديالية عكس منتخب الشباب صورةً رائعة عن الكرة اللبنانية ببلوغه المباراة النهائية لبطولة غرب آسيا.
آلاف اللبنانيين في الدوحة تهافتوا للحصول على بطاقات مباراة مصر ولبنان اليوم


من هنا، يبدو المطلوب واضحاً وهو كتابة فصل جديد من مسلسل النجاحات للعبة الشعبية الأولى في لبنان، وتغيير التاريخ الذي يربط صاحب فكرة كأس العرب أي لبنان بالنتائج السلبية من دون أي إنجازٍ يذكر، فهو يشارك للمرة الثامنة في البطولة التي غاب مرتين عنها فقط، إذ خاض 27 مباراة فيها فائزاً في 8 مباريات ومتعادلاً في 7، وخاسراً في 12 مناسبة، إذ حلّ ثالثاً في النسخة الأولى عام 1963 من أصل 5 منتخبات، ورابعاً في نسخة 1964 من أصل 5 منتخبات أيضاً، وهي النتيجة نفسها التي حققها عام 1966 بمشاركة 9 منتخبات. أما في أعوام 1988، 1998، 2002 و2012 فقد لقي المصير الأسوأ وهو الخروج من الدور الأول.

البحث عن المفاجأة
عشية اللقاء أمام مصر كان الأمر المشترك في الحديث المتنقل عن المباراة عبر شاشات التلفزيون العربية، هو أن لبنان ليس بالخصم السهل، وقد وصفه أحدهم بـ «لبنان الجميل» الذي يجب ترقّب بحذر ما سيقدّمه، وذلك وسط التصويب كثيراً على الميزات التكتيكية لمنتخبنا التي تعوّض النقص في النوعية في بعض المراكز بغياب لاعبين مؤثرين في تشكيلته الأساسية، وهي مسألة مطلوبة طبعاً أمام المنتخب المصري اليوم بحيث يفترض على لاعبينا تنفيذ مهماتهم الفردية بدقّة، وذلك بموازاة الالتزام الجماعي بالتعليمات التي سيعطيها لهم هاشيك. كما عليهم عدم الاكتراث إلى رهبة اسم المنتخب الذي يواجههم على اعتبار أن المواجهة خاصة ووضع مصر خاص رغم أن مجرد اللعب أمام «الفراعنة» هو حافز بحدّ ذاته للظهور بصورة مشرّفة على حدّ قول هاشيك الذي لم يقلّل من أهمية بعض الغيابات، لكنه شدّد على أهمية المحطة «المحفّزة للمستقبل والمثالية لمتابعة الاستعداد للمباريات المتبقية من الدور الحاسم من تصفيات كأس العالم... وكل مباراة سنخوضها هي تحدٍّ بحدّ ذاته، وهذا أمر مهم».
كما أكد هاشيك ثقته بلاعبيه، فهم «مجموعة منسجمة وقد برهنت عن فعاليتها في المباريات الأخيرة ضمن تصفيات المونديال، إذ خاضتها بقوة واندفاع وحماسة، وستعيد الكرّة في كأس العرب».
إذاً القوة هي الأساس، إذ يجب على لاعبي لبنان بالدرجة الأولى الإيمان بقدراتهم التي دفعت الآلاف من أبناء الجالية اللبنانية في الدوحة للتهافت على الحصول على بطاقات حضور المباراة، وذلك بعدما بثّ المنتخب عن بُعد حماسةً وطنية في نفوسهم، وأعاد ربطهم بأرض الوطن بطريقةٍ غير مباشرة بعدما ابتعدوا عنها قسراً. هم يعرفون منتخبهم، والعرب يعرفونه أيضاً، ويبقى عليه ألا يخيّب الآمال والذهاب إلى أبعد مكانٍ ممكن في «الموندياليتو» العربي الذي يشدّ انتباه واهتمام العالم المترقّب لمعرفة ما يمكن أن تقدّمه الإمارة الخليجية الصغيرة تنظيماً، ولما لا يكون لبنان أحد عناوين بطولتها الإقليمية من خلال تسطير مفاجأة يتوقّعها قسمٌ لا يستهان به من المتابعين والخبراء حول الوطن العربي.



لقب غرب آسيا ينتظر شباب لبنان


يوم حافل لكرة القدم اللبنانية مع إقامة المباراة النهائية لبطولة غرب آسيا لمنتخبات الشباب، والتي ستجمع بين منتخبي لبنان والعراق على ملعب المدينة في بغداد، وهي ستدشّن هذا الاستاد الذي يتسّع لـ 32 ألف متفرج.
عددٌ كبير قد يختفي من خلال إقبال المشجعين العراقيين الذين توافدوا لمتابعة مباريات منتخبهم في الدور الأول بالآلاف، وهو ما قد يضع ضغطاً على شبابنا الذين كانوا قد حققوا نتائج رائعة في البطولة بعد اعتلائهم صدارة المجموعة الثانية التي استضافتها مدينة إربيل العراقية، حيث أنهوا مبارياتهم الثلاث من دون خسارة ليجمعوا 7 نقاط، في مجموعةٍ ضمّتهم إلى منتخبات الأردن، سوريا، والإمارات.
وتبدو الفرصة مؤاتية لشباب المدرب بلال فليفل لإضافة إنجازٍ كبير آخر إلى الكرة اللبنانية بوجود مواهب مميّزة جداً على رأسها نجم البطولة علي الفضل، الذي ترك بصماتٍ رائعة شدّت الانتباه إليه كثيراً، وهو سيكون طبعاً محط رقابة العراقيين الذين بلغوا النهائي من خارج الترشيحات باعتراف مدربهم، وهو أمر إذا ما صحّ فسيكون لبنان في موقفٍ جيّد لرفع الكأس على منصة التتويج.
وكان المدرب العراقي عماد محمد قد حذّر من قدرات اللبنانيين، قائلاً: «جميع لاعبينا على أتمّ الجاهزية لخوض المباراة النهائية باستثناء محمد جميل الذي تعرض للإصابة في المباراة أمام فلسطين، وسنخوض المباراة بواقعية، فالفريق المنافس محترم ويضم مجموعة طيّبة من العناصر ولديه طموح التتويج باللقب كذلك».