لم تتمكّن رابطة الدوري الإيطالي لكرة القدم من بيع حقوقه التلفزيونية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. أسباب كثيرة أدّت إلى هذا الفشل، أبرزها التراجع الفني لأندية دوري الدرجة الأولى الإيطاليّة، إضافة إلى غياب التنافسية التي كانت موجودة قبل سنوات بين أكثر من 4 أندية، دون إغفال الأسباب السياسية أيضاً. منذ العام الماضي حصلت مشاكل كثيرة بين قناة «beIN Sports» التي تنقل المباريات في السنوات الأخيرة، ورابطة الدوري الإيطالي. القناة الناقلة للمباريات سحبت التوتر القطري ـ السعودي إلى إيطالياً، واحتجّت كثيراً على توقيع الإيطاليين ثلاثة عقود للعب ثلاث كؤوس سوبر إيطالية في المملكة العربية السعودية. القطريون حاولوا الضغط على الرابطة الإيطالية لكي تضغط بدورها على الفيفا لوقف عملية القرصنة التي حصلت سابقاً على قناة «beoutQ» المرتبطة بجهات سعودية بحسب العديد من التقارير. وفي وقت استمرّت عملية القرصنة في السنوات الماضية (توقفت أخيراً)، لم تتقدم القناة القطرية بطلب ملائم لتجديد صفقة الحقوق الإعلامية مع الدوري الإيطالي التي انتهت في نهاية الموسم الماضي.وفي ظلّ كلّ هذه التطورات وعدم تقديم «beIN Sports» أو غيرها من القنوات عرضاً يرضي رابطة الدوري الإيطالي أو الأندية الإيطالية (كونها تأخذ حصة من عائدات النقل)، فإنّه من المقرر أن يطلق دوري الدرجة الأولى الإيطالي قناته الخاصة على منصة «YouTube» باللغة العربية لبثّ مبارياته في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) لموسم 2021/2020. صوّتت الأندية الإيطالية لصالح الخطوة يوم الجمعة الماضي وسط «صراعات» الدوري لتأمين صفقة بثّ في المنطقة. وبحسب وكالة «رويترز»، ستبثّ القناة خمس مباريات عن كلّ يوم من أيام البطولة، على أن تستمرّ الاتفاقية مع منصة الفيديو المملوكة لشركة «Google» لمدة عام، وسيتم تعليقها إذا تمكّن دوري الدرجة الأولى الإيطالي من بيع الحقوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى هيئة بث تتسلم هي مسؤولية النقل...
اعترضت الأندية الإيطالية على بيع حقوق النقل التلفزيوني بأسعار متدنية لكي لا تصبح هذه القاعدة ثابتة مستقبلاً


تراجع العائدات
من الواضح أن الدوري الإيطالي بدرجته الأولى يواجه انخفاضاً كبيراً في عائدات الحقوق في الخارج على خلفية أزمة كورونا، إضافة إلى تراجع مستوى البطولة، وقد تجلّت الأزمة إثر الفشل في تأمين صفقة ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فبعد أن تلقّت خزائن الكالتشيو 970 مليون يورو من دورة حقوق البث التلفزيوني الدولية السابقة، ذكرت وكالة رويترز أن الدوري الإيطالي نجح حتى الآن في استرداد 640 مليون يورو من صفقاته الحالية لدورة 2021 إلى 2024. عدم اهتمام beIN بالحصول على الحقوق حرم الدوري الإيطالي من عائدات كبيرة، حيث كانت القناة القطرية تدفع في السابق 500 مليون دولار مقابل البث على مدى ثلاثة مواسم في 36 منطقة، بما في ذلك 24 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو ما يمثّل أكثر من نصف إيرادات الدوري في الخارج. وفي ظلّ الجمود في سوق الشرق الأوسط، سيتوجّب على الأندية الإيطالية إيجاد موارد جديدة للتعامل مع تداعيات الأزمة (من غير المرجّح أن تحقق منصة يوتيوب عائدات كبيرة)، الأمر الذي قد يدفع دوري الدرجة الأولى الإيطالي إلى التفكير في إحياء المحادثات لبيع حصة في أعماله الإعلامية لمستثمري الأسهم الخاصة.
هذه النقطة الأخيرة كانت مطروحة، وسبق أن وافق القيّمون على الكالشيو في العام الماضي من حيث المبدأ على صفقة بقيمة 1.7 مليار يورو لبيع حصة 10٪ من أعمال الدوري الإعلامية لمجموعة من المستثمرين بما في ذلك شركة الأسهم الخاصة «سي في سي»، غير أنّ عملية البيع تجمّدت حينها بسبب معارضة بعض الأندية، بينها يوفنتوس.

رفض الابتزاز
يجد الدوري الإيطالي صعوبة كبيرة في تسويق «منتجه» وذلك لأسبابٍ كثيرة، يتمحور معظمها حول ضعف إدارة الترويج والاعتماد على «التاريخ» دون مواكبة متطلبات العصر، الأمر الذي ساهم في تفوق دوريات أخرى على الكالشيو، مثل «بريميرليغ» و«لا ليغا» كما الدوري الفرنسي هذا العام. تعاني الأندية الإيطالية من أزمة مالية خانقة، تمتدّ جذورها إلى ما قبل تداعيات كورونا. إفلاس بعض الأندية وفشل أخرى في استقدام النجوم ساهم في تراجع نسب المشاهدة، الأمر الذي أجبر القيمين على لعب الأوراق كافة. هكذا، قام يوفنتوس باستقدام رونالدو ثم أعاد إنتر ميلانو هيكلة الفريق ليزيد التنتافسية برفقة إي سي ميلان. رغم نجاح الخطوة نسبياً في الموسمَين الماضيين، اصطدم مشروع إعادة الكالشيو إلى الواجهة بفيروس كورونا الذي خفّض العائدات. وفي ظلّ تراجع نسب المشاهدة وعدم تقديم الشركات عروضاً جيّدة لبث مباريات الدوري، من المرجّح أن ينخفض وهج الكالشيو من جديد بدرجة أكبر عما كان عليه في العقد الماضي، ما لم يتم اعتماد إجراءات فعّالة.

لجأ الاتحاد الإيطالي في الأعوام الماضية للعديد من الأساليب بهدف زيادة الإعلانات ونسب المشاهدات، وبالتالي تأمين عوائد أكثر، فقام بإقرار قانون يُلزم الأندية بلعب مباريات في فترة عيد الميلاد «Boxing Day» (تم إلغاؤه فيما بعد)، كما حاول تعديل جدول المباريات، حيث كان الاتحاد الإيطالي ينوي إقامة المباريات في 10 تواقيت مختلفة لزيادة الربح المالي من حقوق النقل التلفزيوني. وفي ظلّ انسحاب أغلب شركات النقل التلفزيوني هذا العام أو تقديمها عروضاً منخفضة للغاية مقارنةً بالسنوات الماضية، وجدت رابطة الأندية الإيطالية نفسها أمام عدة خيارات، منها قبول أحد عروض النقل المتدنّية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نظراً لحاجة الأندية الماسة للمال، وهو الأمر الذي اعتبره البعض ابتزازاً من القنوات الناقلة. وضع الاتحاد والأندية أمام الأمر الواقع، رفضته بعض الفرق، بقيادة نابولي وروما، معتبرةً أن القبول بهذه العروض الهزيلة سيصعّب من بيع الحقوق في المستقبل مقابل المبالغ التي اعتادت الأندية الحصول عليها (تقدّر بثلاثة أضعاف المبلغ المطروح حالياً). هكذا، وبهدف عدم الغياب عن المنصّات المرئية لجماهير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والحؤول دون خسارة شريحة كبيرة من الجمهور لصالح دوريات أخرى، لجأ الاتحاد الإيطالي إلى منصة يوتيوب، على أن تظهر نتائج هذا الحل في المستقبل القريب.