لم يكن أحد يتوقع أن يكون المدير الفني لمنتخب لبنان الأول التشيكي إيافن هاسيك. فالأخير اسم كبير وسيرة ذاتية عالية المستوى. لم يكن متوقعاً من الاتحاد اللبناني القيام بهذه الخطوة وخصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد على جميع الصعد. خطوة تشير إلى أن النظرة إلى منتخب لبنان ومشاركته في التصفيات الآسيوية النهائية لكأس العالم 2022 وكذلك كأس العرب نهاية العام الحالي ومن بعدهما كأس آسيا 2023 تبدو مختلفة جداً.
وضع مسوّدة برنامج تحضيري للمنتخب يتضمّن العديد من المعسكرات قبل كل جولة من التصفيات (طلال سلمان)

أخذ التعاقد مع هاسيك وقتاً طويلاً وكافياً. صحيح أن الجمهور اللبناني عرف به يوم الخميس الماضي بعدما بدأ الحديث عن إمكانية التعاقد مع مدرب أجنبي للمنتخب عقب التأهل الى التصفيات النهائية. لكن لدى الاتحاد اللبناني بدأ العمل من لحظة اقتراب منتخب لبنان من التأهل عن المجموعة الثامنة، حيث بدأت السِّيَر الذاتية تتوارد إلى المسؤولين في الاتحاد وتحديداً الرئيس هاشم حيدر ولجنة المنتخبات برئاسة مازن قبيسي. بدأ العمل على المدرب الجديد بهدوء وبعيداً عن الضجيج الإعلامي.
«موضوع التعاقد مع مدرب لمنتخب لبنان الأول حساس ويتطلب دراسة هادئة ومتأنّية لاختيار المدرب المناسب انطلاقاً من عدّة اعتبارات» يقول رئيس الاتحاد هاشم حيدر لـ«الأخبار» في حديث حول كيفية إدارة الاتحاد لعملية اختيار مدرب المنتخب الأول وطبيعة المرحلة المقبلة وتحدياتها.
يعتبر رئيس الاتحاد اللبناني لكرة القدم أن مجموعة عوامل كان لها دورها في اختيار المدرب هاسيك لقيادة منتخب لبنان في التصفيات النهائية وفي بطولة كأس العرب. «سيرته الذاتية التي تتضمن تدريبه لعدد من الفرق والمنتخبات. الأصداء الإيجابية حول طريقة تعامله واحترافيته والتي وصلت إلى الاتحاد بعد سلسلة اتصالات قام بها الاتحاد مع أطراف في تشيكيا وفي الإمارات والسعودية حيث درّب هاسيك سابقاً. أضف إلى ذلك قدراته الفنية والتي جرى الإشادة بها من قبل لاعبين سبق أن درّبهم هاسيك، على رأسهم قائدا المنتخب حسن معتوق ويوسف محمد «دودو»» يشرح حيدر الأسباب التي كانت وراء التعاقد مع هاسيك.
أدّى قائد المنتخب حسن معتوق دوراً رئيسياً في ترجيح كفة هاسيك على حساب مدربين آخرين


وتشير المعلومات إلى أن معتوق كان له دور رئيسي في ترجيح كفة هاسيك على العديد من المدربين كالبرازيلي جوران فييرا، الكرواتي دراغان تاليتش، البلجيكي طوم ساينتفيت، البرتغالي ليونيل بونتس. إلى جانب عدد من المدربين العرب كالمصري عظيمة الذي سبق أن درّب النجمة والعراقي باسم قاسم والمصري حمادة صدقي.
وبالإضافة إلى رأي معتوق الفني، فإن العديد من الأصداء الإيجابية على الصعيد الإداري وصلت الى الاتحاد. فهاسيك سبق أن درّب عدة أندية، ومن ثمّ عاد إليه إن كان بشكل مباشر وغير مباشر. كما أن شخصيته القوية وطريقة تعامله مع المدربين رجّحت كفته. هذا لا يعني أن المدربين الآخرين الذين طرحت أسماؤهم ووصل عدد سيرهم الذاتية إلى عشرين ليسوا كفوئين.
«ما جعلنا نختار هاسيك هو أن المدرب التشيكي يلائم منتخب لبنان على جميع الصعد، فنياً وإدارياً وحتى مالياً. ففي ظلّ الظروف المالية الصعبة لا بد وأن نكون واقعيين مع قدراتنا. هذا لا يعني أن هناك تقشفاً اتحادياً على صعيد التعاقد مع مدرب المنتخب، لكن كان لا بد من مراعاة قدراتنا المالية ومتطلبات المنتخب الأخرى إلى جانب التعاقد مع المدرب وفي طليعة تلك المتطلبات المعسكرات المنوي إقامتها قبل كل مرحلة من التصفيات» يقول الرئيس حيدر لـ«الأخبار».
أما الأسباب التي دفعت بالمسؤولين عن المنتخب بالذهاب إلى خيار التعاقد مع مدرب أجنبي، فتعود إلى متطلبات المرحلة المقبلة حيث سيواجه لبنان أقوى منتخبات في آسيا، كذلك الأمر خلق صدمة إيجابية وحافزاً لدى اللاعبين والتعاقد مع مدرب يأتي لإكمال ما تحقق مع المدرب جمال طه وجهازه الفني.

تم التعاقد مع هاسيك لفترة عام واحد ومن دون وكيل مدربين

اللافت في عقد هاسيك أمران. فقد علمت «الأخبار» أن عقد المدرب التشيكي يمتد لسنة واحدة فقط بناءً على طلبه. كما أن التعاقد بينه وبين الاتحاد جرى من دون وجود وكيل يتقاضى عمولة مالية وهو ما وفّر على خزينة الاتحاد.
شرط عقد السنة الواحدة يبدو منصفاً للطرفين: الاتحاد اللبناني والمدرب هاسيك. فالمدرب التشيكي الذي يصل بعد العيد، من المفترض أن يبدأ عقده مطلع آب 2021. والتصفيات الآسيوية المؤهلة إلى مونديال قطر تنطلق في 2 أيلول وتنتهي في شهر آذار 2022، وبالتالي ستتوضح الصورة للطرفين بعد انتهائها. ففي حال كانت التجربة ناجحة وهناك توجّه لتمديد العقد إلى ما بعد كأس آسيا 2023 والتي تقام مطلع العام، فسيكون هناك متسع من الوقت والموضوع سهل. أما في حال كان هناك قرار بالافتراق وتغيير المدرب، فسيكون أمام الاتحاد فترة خمسة أشهر على الأقل (من آب حتى كانون الأول 2022) كي يختار مدرباً جديداً ويبدأ الاستعداد لنهائيات كأس آسيا في الصين التي ستقام في كانون الثاني 2023.
فالاتحاد اللبناني قام بما عليه من ناحية اختيار مدرب قدير ويتمتع بسيرة ذاتية مهمة، لكن العبرة في النتائج وتقويم تجربة المدرب مع المنتخب. وبالتالي فإن جميع الاحتمالات واردة في عالم كرة القدم، لكن يبقى الأهم هو اتخاذ القرار الصحيح وتأمين جميع متطلبات النجاح وانتظار تحقيق النتائج.

مسودة برنامج للتحضيرات
على صعيد المتطلبات وطريقة إدارة ملف المنتخب اللبناني ومشاركته في التصفيات النهائية، يبدو أن الاتحاد اللبناني وضع مسوّدة برنامج تتضمن معسكرات داخلية وخارجية سيتم عرضها على المدرب التشيكي بعد وصوله إلى لبنان نهاية الأسبوع الحالي والذي سيكون معه مساعده التشيكي أيضاً، وهو أمرٌ مريح حتى لو كانت هناك أعباء مالية إضافية.
ومن ضمن مسودة البرنامج عدة معسكرات قبل كل جولة من التصفيات. فهناك خطة لإقامة معسكر في لبنان لثلاثة أيام بعد نهاية مرحلتين من الدوري اللبناني، قبل التوجه إلى الإمارات مبكراً وتحديداً في 24 آب للخضوع لمعسكر قبل لقاء الإماراتيين في 2 أيلول.
بعد ذلك سيواجه منتخب لبنان نظيره الكوري الجنوبي في 7 أيلول في بيروت، علماً بأنه كان من الأفضل خوض هذه المباراة في كوريا الجنوبية لأسباب لوجستية تتعلق براحة اللاعبين وجهوزيتهم للمباراة. فالمنتخب اللبناني سيكون في الإمارات، وبالتالي في نصف المسافة بين لبنان وكوريا. كما أن توجهه من الإمارات إلى كوريا سيكون سهلاً ومريحأً أكثر للاعبين بدلاً من السفر من لبنان إلى كوريا وتحمل ساعات الانتظار في المطار، سواء في الإمارات أو قطر. لكن القرعة فرضت خوض المباراة الأولى في لبنان والإياب في كوريا.
معسكر آخر سيقام قبل لقاءي العراق وسوريا في 7 و12 تشرين الأول خارج لبنان. وسيتحدد مكان المعسكر وفقاً للبلد الذي سيختاره العراق لخوض مبارياته البيتية فيه.
لكن كل هذا البرنامج منوط بموافقة المدرب التشيكي إيفان هاسيك ورأيه فيه، علماً بأنه على تواصل دائم مع رئيس لجنة المنتخبات مازن قبيسي خلال هذه الفترة لاختصار الوقت وتحضير ما يمكن تحضيره قبل وصول هاسيك إلى لبنان.