تعود اليوم عجلة دوري أبطال أوروبا للدوران من جديد، وذلك من خلال بداية مباريات دور الـ16 من البطولة الأعرق أوروبياً والأغلى على مستوى القارة العجوز. يستقبل النادي المتخبّط هذا الموسم أتلتيكو مدريد حامل اللقب وأفضل نادٍ في أوروبا حالياً ليفربول، وفي مباراة أخرى اليوم أيضاً، يستقبل النادي الألماني بوروسيا دورتموند في معقله «سينغنال إيدونا بارك» باريس سان جيرمان في مباراة معقّدة يصعب التكهّن بنتيجتها.يحتل نادي أتلتيكو مدريد المركز الرابع في ترتيب الدوري الإسباني هذا الموسم برصيد 40 نقطة مع انقضاء الجولة الرابعة والعشرين. موسم متخبّط يعيشه رجال المدرب الأرجنتيني دييغو سيميوني، فالنادي الذي خطف الأضواء قبل بداية الدوري بسبب اقتحامه سوق الانتقالات وتوقيعه مع عدّة لاعبين، كان من المتوقّع أن يستفيد الفريق منهم بصورة مباشرة، نظراً إلى قيمتهم الفنية العالية وإلى الأسعار والأرقام الكبيرة التي كلّفت خزائن النادي ما يفوق الـ240 مليون يورو، ولكن ذلك لم يحدث. من بين هذه الأسماء، هناك الموهبة الشابة ولاعب بنفيكا البرتغالي السابق جواو فيليكس. الأخير، كلّف النادي لوحده مبلغاً وصل إلى 126 مليون يورو، وذلك بسبب زيادة الطلب عليه من قبل الكثير من الأندية الأوروبية الكبرى وعلى رأسها نادي يوفنتوس الذي نافس الـ«أتلتي» على فيليكس قبل أن يخطفه «الروخي بلانكوس». 24 مباراة خاضها فيليكس حتى الآن هذا الموسم مع فريقه الجديد، سجّل خلالها 4 أهداف فقط إضافة إلى تمريرتين حاسمتين. أرقام خجولة من لاعب كان من المتوقّع أن يكون حديث العالم في أتلتيكو مدريد، كيف لا وهو من استلم جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب شاب في العالم عن عام 2019. فيليكس، تلقى الكثير من الانتقادات منذ ارتدائه للونين الأبيض والأحمر، وهذا أقل ما قد يتعرّض له صاحب الـ20 عاماً بسبب أدائه المتواضع والذي لم يصل إلى نصف ما كان يقدّمه الفرنسي أنطوان غريزمان مع الفريق (انتدبت إدارة «الروخي بلانكوس» جواو فيليكس بنفس القيمة المالية التي اشترى بها برشلونة أنطوان غريزمان منها). أداء فيليس هو انعكاس لصورة نادي أتلتيكو مدريد هذا الموسم، إذ حقق الفريق 10 انتصارات من أصل 24 مباراة خاضها في الدوري فقط، إضافة إلى أربع هزائم و10 تعادلات. لكن دائماً ما تكون حالة أتلتيكو مدريد الفنية متواضعة، وفي الوقت عينه، يقدّم الفريق صورة مغايرة تماماً في دوري الأبطال، وتحديداً عندما تصبح الأمور متعلّقة بأدوار خروج المغلوب.
تُلعب المباراتان الليلة الساعة 22:00 بتوقيت بيروت


منافس أتلتيكو مدريد اليوم هو ليفربول، أحد أنجح الأندية الأوروبية على الصعيدين الإداري والفني، النادي الذي حقق 76 نقطة من أصل 78 ممكنة في الدوري الإنكليزي الممتاز. هي أفضل انطلاقة في تاريخ الدوريات الأوروبية الخمس الكبرى، النادي الذي أصبح على بعد 7 مباريات فقط، من كسر رقم نادي آرسنال وتحديداً في موسم 2004-2005 والذي يتمثّل بانقضاء 49 مباراة متتالية من دون التعرّض لهزيمة واحدة (يملك ليفربول في رصيده 43 مباراة متتالية من دون هزيمة في جميع المسابقات وتحديداً منذ خسارته في الدوري الإنكليزي الموسم الماضي أمام مانشستر سيتي). بكل بساطة، هو النادي الأفضل في أوروبا حالياً، ولا وجود لأي نادٍ قادر على مجاراة الأرقام الكبيرة التي يحققها المدرب المميز الألماني يورغن كلوب مع فريقه ليفربول. من بين النقاط الإيجابية لليفربول، هي استعادة مهاجمه السينغالي المميز ساديو مانيه، بعد أن غاب لفترة من الوقت عن الفريق بسبب الإصابة، لكنه سرعان ما عاد وأكّد على جهوزيته التامة لقمّة اليوم من خلال تسجيله هدف الفوز في المباراة الأخيرة في الـ«بريمرليغ» أمام نوريتش سيتي (سجّل ساديو مانيه هدفه الـ100 في الملاعب الإنكليزية).
مهمّة أتلتيكو مدريد لن تكون سهلة أبداً، بل يمكن وصفها بالـ«مهمّة المستحيلة»، نظراً إلى الفوارق الفنية بين الفريقين، وإلى ثبات المستوى الذي يمر به ليفربول، والذي يقابله تخبط كبير في نتائج نادي العاصمة الإسبانية مدريد. لكن تبقى كرة القدم تخفي الكثير من الأسرار، ولا تعترف بالأرقام القياسية والنتائج الإيجابية، وأتلتيكو مدريد من بين أكثر الأندية نجاعة في دوري الأبطال وتحديداً في المواسم القليلة الماضية. المباراة الأولى ستكون في مدريد، وعلى الـ«أتلتي» أن لا يتلقّى هدفاً من ثلاثي ليفربول الناري المتمثل بمحمد صلاح، روبيرتو فرمينو وساديو مانيه إذا ما أراد التفكير في فرصه للتأهل.

دورتموند x باريس سان جيرمان
في مباراة أخرى اليوم، يستقبل «المارد الأصفر» بوروسيا دورتموند نادي العاصمة الفرنسية باريس سان جيرمان. الأخير، وبعد المباراة الأخيرة له أمام آميان في الدوري الفرنسي، التي انتهت بنتيجة (4-4)، انهالت عليه الانتقادات بسبب خط الدفاع الذي تلقى 4 أهداف من فريق يحتل المركز الـ19 في ترتيب الـ«ليغ 1». الأسماء التي شاركت مع الـ«بي أس جي» في الخط الدفاعي، لم تكن متأقلمة مع بعضها البعض، فاللاعبون يخوضون مباراتهم الأولى سوياً، وهذا ما أدّى إلى انعدام الانسجام في ما بينهم وهو الأمر الذي بدا واضحاً خلال أحداث اللقاء. المدرب الألماني توماس توخيل، أراح الكثير من لاعبيه للقاء دورتموند اليوم، فكان كل من كيليان مبابي ونيمار دا سيلفا خارج القائمة المستدعاة للقاء آميان. يبقى الثنائي البرازيلي المتمثل بتياغو سيلفا قائد الفريق ومواطنه المميز ماركينيوس خياران لا يمكن لتوخيل الاستغناء عنهما في ما يتعلق بالشق الدفاعي، ولهذا السبب، تمت إراحتهما خلال مباراة آميان كذلك.
لقاء الذهاب اليوم سيكون في ألمانيا، وتحديداً بين أسوار ملعب سيغنال إيدونا بارك، الملعب الذي يخوض دورتموند مبارياته فيه بصورة مغايرة تماماً. أداء هجومي مهما كانت هوية الخصم، تركيز عال ومساندة من الجماهير، يخلقان الكثير من الفرص السانحة للتسجيل، ولهذا السبب، تكون مباريات دورتموند على أرضه وبين جماهيره مليئة بالأهداف. لا يزال دورتموند متمسكاً بمنافسته على لقب الدوري، فهو يحتل حالياً المركز الثالث وبفارق 4 نقاط فقط عن المتصدّر بايرن ميونيخ، وبثلاث نقاط عن صاحب المركز الثاني لايبزغ. المنافسة على لقب «البوندسليغا» لا تزال قائمة بالنسبة إلى أبناء المدرب السويسري لوسيان فافر. أمّا على صعيد دوري الأبطال، فقد قدّم دورتموند أداءً يمكن وصفه بالجيد نسبياً نظراً إلى صعوبة المجموعة التي تأهل من خلالها محتلاً المركز الثاني خلف المتصدّر برشلونة ومتقدماً على صاحب المركز الثالث في المجموعة، نادي إنتر ميلانو. لا يمكن التكهّن بنتيجة اللقاء، فكلا الفريقين يملكان لاعبين على مستوى عال، فإذا كان النادي الباريسي يملك في تشكيلته كلاً من مبابي وينمار، فإن النادي الأصفر يملك بدوره لاعبين قادرين على صناعة الفارق كالإنكليزي الشاب جايدن سانشو (يعتبر سانشو من بين أفضل اللاعبين الشباب حالياً وهو مطلوب من عدة أندية أوروبية على رأسها كل من تشلسي ومانشستر يوناتيد الإنكليزيين)، إيرلينغ هالاند النرويجي الشاب الذي قدّم أوراق اعتماده منذ البداية (سجّل هالاند 8 أهداف في أولى خمس مباريات له في «البوندسليغا» وهو رقم قياسي لم يحدث من قبل). على الورق، تبدو المباراة صعبة على كلا الفريقين، فكلاهما يملكان مفاتيح لعب مميزة وقادرة على تحقيق النتائج الإيجابية، ومن الممكن أن يتسلّح دورتموند بسلاح الشخصية والجمهور، اللذين يُعتبران عاملين مفقودين لدى فريق كباريس سان جيرمان.