حراك كبير يحصل داخل أسوار نادي برشلونة الاسباني. صفقاتٌ تبرم من تحت الطاولة، وثباتٌ في الكادر الإداري، يُصعّب التنبؤ بمستقبل الفريق. إدارة النادي أنهت حربها مع نادي أتلتيكو مدريد، ونجحت في ضم النجم الفرنسي انطوان غريزمان، وهي لا تزال في صراع مع باريس سان جيرمان للتوقيع مع نيمار، تمهيداً لبناء النسخة الأقوى لبرشلونة منذ سنواتٍ عديدة. صفقتان من شأنهما إعادة برشلونة إلى الطريق الصحيح، بعد ثلاثة مواسم من الظلال أوروبياً.تراجعت أسهم نادي برشلونة في بورصة كرة القدم العالمية في السنوات القليلة الماضية. النادي الذي أرعب العالم مع المدرب الإسباني بيب غوارديولا، خسر الكثير بعد تواتر العديد من المدربين الغريبين عن ثقافة النادي. سوء تنسيقٍ بين الإدارة والمدربين حول اللاعبين المستقدمين، عاد بنتائجٍ سيئة، خاصةً على صعيد دوري أبطال أوروبا.
تعاقد برشلونة أيضاً مع متوسط الميدان الهولندي فرينكي دي يونغ (لويس جين - أ ف ب)

أخيراً، استيقظت إدارة برشلونة. تغييراتٌ جذرية في نوعية اللاعبين المنتدبين بشّرت بحقبةٍ ذهبية للنادي الكاتالوني، والتي قد تكون خير تكريمٍ لليونيل ميسي بعد أن بدأ العد العكسي لنهاية مسيرته الكروية. رغم الإبقاء المفاجئ على المدرب ارنستو فالفيردي، الذي فشل في نظر الكثير من عشاق الفريق، خاصة بعد دوري أبطال أوروبا الأخير، تسير الإدارة باتجاهٍ سليم للتوقيع مع لاعبين يتناسبون مع ثقافة النادي. بدأ الأمر بمتوسّط الميدان آرثر، اللاعب الأقرب لأسلوب نجمي وسط الفريق السابقين أندريس إنييستا وتشافي من ناحية بناء الهجمة والتمريرات. صفقةٌ أخرى تحسب لإدارة النادي، تمثلت في التوقيع مع متوسط الميدان الهولندي فرينكي دي يونغ، اللاعب الذي سيضيف الكثير من الجودة إلى وسط الفريق. بعد تعزيز خط الوسط، اتجهت الإدارة نحو الهجوم، وتم الإعلان عصر أمس (الجمعة) عن التعاقد بشكل رسمي مع الفرنسي أنطوان غريزمان، نجم أتلتيكو مدريد. ونشر الحساب الرسمي لبرشلونة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، مقطع فيديو للترحيب باللاعب. وبحسب الموقع الرسمي للنادي، وقّع غريزمان على عقد لمدة 5 سنوات، (حتى صيف 2024)، بشرط جزائي بقيمة 800 مليون يورو. وكان محامي غريزمان قد ذهب إلى مقر رابطة الليغا، يوم أمس الجمعة أيضاً، لدفع الشرط الجزائي في عقد اللاعب مع أتلتيكو مدريد، والبالغة قيمته 120 مليون يورو.
يخشى نادي برشلونة من الوقوع في فخ قانون اللعب المالي النظيف


وتعتبر صفقة غريزمان مهمة جداً اليوم، في ظل تراجع مستوى الهداف الأوروغواياني لويس سواريز، وعدم ظهور هجوم البلاوغرانا بالصورة المطلوبة. ومن الأمور التي أسهمت في وصول غريزمان الى الكامب نو، توقيع أتليتيكو مع المهاجم البرتغالي جواو فيليكس، إذ سيكون البرتغالي الشاب بمثابة المعوض الرئيسي لرحيل غريزمان عن الروخي بلانكوس. ومن المقرر أن يقدم نادي برشلونة لاعبه الفرنسي الجديد، يوم الاحد المقبل، على أن تقام أول حصة تدريبية يوم الإثنين المقبل. يذكر أن غريزمان كان قد أعلن رحيله عن صفوف الروخي بلانكوس بنهاية الموسم الماضي، ورفض الانتظام في تدريبات فريق العاصمة الإسبانية مؤخراً من أجل إتمام رحيله إلى البارسا، وهو ما أوجد نوعاً من التوتر بين إدارتي الناديين.
ورغم كل ما قيل عن تعقيدات، إلا أن صفقة غريزمان تمت بأقل خسائر ممكنة للطرفين، وبسلاسة كبيرة، بعكس صفقة نيمار، التي تبدو محاصرة بالتعقيدات.
عام 2017، خرج نيمار من برشلونة إلى باريس سان جيرمان الفرنسي، مقابل 222 مليون يورو (أغلى لاعب في العالم). حينها، أعلن اللاعب البرازيلي اقتناعه بالمشروع الباريسي، وأنه النادي الأنسب لإظهاره بصورة النجم الأول في عالم كرة القدم، غير أن ما حدث كان مغايراً تماماً. موسمان ناجحان على صعيد الأرقام المحلية، كانا بمثابة الوقت الضائع في مسيرة اللاعب البرازيلي، نظراً إلى فشل الفريق الواضح أوروبياً. الأموال الطائلة التي يتقاضاها نيمار في باريس، لم تعد محفزاً لابن الـ27 عاماً، إذ تمرد البرازيلي على إدارة النادي الباريسي بعد أن تغيّب عن تحضيرات الموسم المقبل، بانتظار ما سيفعله برشلونة من أجل ضمّه.

تبدو صفقة نيمار محاصرة بالتعقيدات (ليونيل بونافينتور - أ ف ب)

في حديثٍ مع صحيفة «لو باريزيان» الفرنسية، لم يخف ليوناردو، المدير الرياضي للفريق الباريسي، إمكانية رحيل نيمار عن حديقة الأمراء خلال سوق الانتقالات الحالي، غير أنه أنكر وجود اهتمام جدي من أي طرف كان، نظراً إلى قيمة عقد نيمار الكبيرة. برشلونة يحتاج إلى نيمار على المستوى الفني، خاصة أن الجناح الفرنسي عثمان ديمبلي لم يحقق النجاح حتى الآن. كما أن الصفقات التي أبرمها ريال مدريد، تجعل الكفة تميل لمصلحته، لذا على برشلونة التحرك سريعاً. الخطر الوحيد هو أن الشق المالي للصفقة، وما سيجلبه من مشاكل إثر مخالفة قواعد اللعب المالي النظيف، سيكونان هما العائق. إذا ما أصرّ نادي برشلونة على نيمار، فسيضطر إلى أن يرضخ لمطالب الباريسيين، ما سيوجب بيع العديد من اللاعبين لمواجهة أي عجز محتمل في ميزانية النادي الكاتالوني، والهروب من الخضوع لعقوبات ومنعه من إتمام الصفقات مستقبلاً.
مع صفقات برشلونة اللافتة أخيراً، وإعادة هيكلة ريال مدريد من جديد، قد تعود كرة القدم الإسبانية إلى الواجهة الأوروبية بعد أن تركت مكانها للإنكليز، الذين سيطروا على عالم المستديرة الموسم الماضي.