يمتلك المنتخب الكولومبي في خط وسطه لاعباً محورياً، هو صلة الوصل بين خطَّي الدفاع والهجوم، لاعب «كلوب أميركا» المكسيكي، ماتيوس أوربي. يستفيد كثيراً خط الوسط من خبرة هذا اللاعب الذي لم يحالفه الحظ في أن يكون لاعباً في الدوريات الأوروبية. إلى جانب أوربي، ينشط كلّ من نجم المنتخب جيمس رودريغيز، ولاعب يوفنتوس خوان كوادرادو. الأخير، وجد نفسه لاعباً في خط الوسط تحت إشراف كيروش، الجميع يعلم أهمية مركز جناح يوفنتوس الإيطالي الأصلي، جناح أيمن أو في بعض الأحيان يتحوّل إلى ظهير أيمن مع تغيير الخطّة إلى (5-3-2) في يوفنتوس. في كولومبيا، وتحديداً في هذه النسخة من كوبا أميركا، ولد كوادرادو من جديد، وهذه المرة في مركز لاعب خط الوسط المتقدّم والذي لديه في الوقت عينه أدواراً دفاعية واضحة. وهذا ما يسمّى في عالم كرة القدم بلاعب الـ«بوكس تو بوكس»، أي اللاعب الذي لا «يكل ولا يملّ» من الجري طوال المباراة، والذي يقوم بدورين مختلفين على الصعيدين الدفاعي والهجومي. يقدّم لاعب تشيلسي وفيورنتينا السابق دوراً مهماً في هذا المركز، وهذا ما يحسب للمدرب كيروش، الذي آمن بلاعبه في مركز لم يعتد عليه. وفي الحديث عن كارلوس كيروش، لا بدّ من مدح هذا المدرب، الذي انتقل من قارة إلى قارة مختلفة تماماً في فلسفتها الكروية. كيروش، اعتمد عندما كان المدير الفني في المنتخب الإيراني على الصلاّبة البدنية، واللعب التكتيكي في كثير من المناسبات، بعيداً عن الجمالية في الأداء. وهذا ما نقله فعلاً إلى كولومبيا، المنتخب الذي أمتع الجميع في مونديال 2014 وفي مونديال 2018 تحت إشراف المدرب الأرجنتيني بيكرمان. كولومبيا، وتحديداً في النسخة الحالية من كوبا أميركا، تغيّرت كثيراً، وبات المنتخب الجدّي الذي يبحث عن الفوز بأي طريقة ممكنة. وهذا ما شاهده الجميع في المباراة الأولى أمام المنتخب الأرجنتيني، حينما استغل الكولومبيون هفوتين في دفاع «الألبي سيليستي»، وانتصر كيروش على سكالوني بهدفين من دون رد، وبسهولة تامّة.
لم تتلقَّ شباك كولومبيا أي هدف في الدور الأول
ومن بين الحلول الأخرى التي قدّمها كيروش، هي الحريّة الكاملة لنجم الفريق جيمس رودريغيز، اللاعب الذي افتقد لهذه الحرية في ألمانيا، حيث كان المدرب نيكو كوفاتش يشركه دائماً على الجهة اليمنى. لم ينجح جيمس مع البايرن، وهذا ما سيؤدّي به إلى الذهاب نحو فريق آخر، ولعلّ الأوفر حظاً للظفر بجهود صانع الألعاب، هو نادي نابولي الإيطالي، والذي يديره المدرب كارلو أنشيلوتي، المدرب الذي قدّم تحت إشرافه جيمس أفضل أداء في مسيرته مع ريال مدريد. جيمس في كولومبيا، يعتبر محور اللعب، بل إن كولومبيا لا يمكنها أن تعمل بدون جيمس. لا وجود لمركز معيّن ينشط فيه رودريغيز مع «الكافيتيروس»، يتحرّك أينما شاء وكيفما شاء، وهذا ما أظهر جيمس بأفضل حالاته في الكوبا الحاليّة.
بالنسبة إلى الجهة الأخرى، أي جهة حامل اللقب تشيلي، لا يزال المنتخب يعتمد على «حرسه القديم»، والذي قدّم حتى الآن أداء لا بأس به. إلّا أن ما هو واضح، أن تشيلي لم تعد المنتخب القوي في الكوبا، فهؤلاء اللاعبون افتقدوا الكثير من إمكانياتهم، وعلى رأسهم كل من ألكسيس سانشيز لاعب اليونايتد، وآرتورو فيدال لاعب برشلونة. إضافة إلى تراجع أداء هدّاف البطولة في النسختين الماضيتين إدواردو فارغاس. على الورق، يبدو أن الكفّة ستميل لأبناء العاصمة الكولومبية «بوغوتا»، نظراً إلى فارق المستوى والأداء في البطولة حتّى الآن، أضف إلى ذلك أن للعمر حق على لاعبي تشيلي، والحديث هنا عن آرتورو فيدال الذي سيدخل عامه الـ33، وألكسيس سانشيز الذي بدوره أصبح يبلغ من العمر 30 عاماً، الأمر عينه بالنسبة إلى المهاجم فارغاس ولغاري ميديل لاعب الارتكاز. مما لا شك فيه، أن هذا العامل من الممكن أن ينقلب عاملاً إيجابياً في مباريات خروج المغلوب، فمن الممكن أن تلعب «خبرة البطل» دوراً كبيراً خلال أحداث المباراة، ويخرج الكولومبيون عن تركيزهم، تماماً كما فعلوا في مونديال روسيا الأخير أمام منتخب الأسود الثلاثة إنكلترا. لا يمكن التنبؤ بنتيجة اللقاء، إلّا أن ما يمكن قوله، هو أنها ستكون المباراة الأكثر تشويقاً بين المباريات الأربع في ربع نهائي الكوبا.