بعد الدوري، يأتي «دربي» الكأس في أمسية رمضانية يلتقي خلالها الأنصار والنجمة الساعة (22.30) على ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية. هو «الدربي» الأخير بالنسبة الى الفريقين اللذين يريدان إنهاء الموسم بلقبٍ، ولكلٍّ منهما وضعه الخاص«الدربي» الرقم 3 هذا الموسم بين الغريمين التقليديين يختلف عن سابقيه ولو أن الصورة العامة لم تختلف كثيراً نسبةً الى الوضعين الفني والمعنوي. هي قمّة مهمة بالنسبة إلى كلٍّ منهما، وربما تتخطى بأهميتها اللقاء الأول خلال الدوري، والذي فصل بينهما في مكانٍ ما عندما وضع النجمة نفسه على سكة منافسة العهد على اللقب، وأبعد الانصار عن هذه الدائرة. فعلاً هو «دربي» أكثر أهمية بحسب النتيجة النهائية للفريقين بعد مشوارٍ صعب وطويل، كون مباراة الليلة تشكّل فرصة أخيرة لهما للخروج بشيء ما من الموسم بعد خيبة الدوري، فلم تنفع الحدّة التي كانت موجودة بينهما، وكانت النقاط الست على سبيل المثال التي حصدها «النبيذي» على حساب «الأخضر» كفيلة بتدمير آمال الأخير وإبعاده عن العهد.
قطبا بيروت التقيا في 11 مناسبة سابقة على مستوى الكأس، ففاز الأنصار في 7 مناسبات والنجمة في 4. صحيح أن مباريات الكأس لا تعترف بأفضلية فريقٍ على آخر، بل تبقى كل الاحتمالات مفتوحة، لكن الإجماع الأكبر لدى المتابعين يقول إن «الزعيم» الذي توّج باللقب 14 مرة مقابل 6 مرات لغريمه، يفترض أن يحرز انتصاره الثامن في «دربي» المسابقة. هو نفس الكلام الذي قيل قبل مباراة الإياب في الدوري، وذلك استناداً الى واقعٍ معيّن، لكن، هل هذا الواقع يمكن أن يفرز نتيجة حاسمة؟
هنا ينقسم الرأي، لكن الأصح هو أنه لا يمكن الجزم بأن الأنصار سيخرج فائزاً من هذه المباراة، بغض النظر عن الوضع العام للنجمة في الفترة الحالية، إذ إن وضعه الآن مشابه كثيراً لوضعه قبل اللقاء الثاني الذي جمعهما، لكن بعكس المباراة الأولى التي كان فيها الأنصار الأفضل نسبياً وخرج خاسراً، كان النجمة أحسن بكثير، وتمكن من تجديد فوزه على منافسه ليكسب المعركة المعنوية قبل موقعة الكأس.
أفضلية الأنصار تحضر من خلال الاستقرار الفني والمادي الذي يعيشه، إضافةً الى وجود عددٍ أكبر من اللاعبين أصحاب المستوى الثابت مقارنةً بالنجمة، والأمر عينه ينطبق على صعيد العنصر الأجنبي، علماً بأن الاستقرار في الأنصار أطل في أوجهٍ عدة، منها ضمان بقاء السنغالي الحاج مالك والتونسي حسام اللواتي، والتعاقد أمس مع لاعب وسط البقاع المميز جهاد أيوب، وهي نقاط تدل على أن الفريق يعدّ للموسم المقبل بشكلٍ مبكر، وما ضمانه لبقاء نجومه إلا دافع لهم إيضاً للمشاركة في عملية البناء وتحقيق إنجاز يمكنه أن يعطيهم دافعاً مستقبلياً.
وإذا كان الإنجاز هو الحجر الأساس لاستمرارية ناجحة، واعتبار أن كلّ شيء تقريباً يصبّ في مصلحة الأنصار، فلا يمكن القول بأن لقاء الليلة سيكون سهلاً بالنسبة إليه، إذ استناداً الى المواجهة الأخيرة مع النجمة، افتقد لاعبو المدرب الأردني عبد الله أبو زمع الشخصية القوية التي تبعد عنهم الضغوط، فرزحوا تحتها وخسروا أفضليتهم المعنوية قبل المباراة، ليفشلوا أمام التحدي الصعب أي عند مواجهة أحد الكبار، ولا يمكن أيضاً وضع الفوز على العهد في إطار الاختبارات الحقيقية.
مرة جديدة، سيكون الأنصار أفضل من النجمة معنوياً، وخصوصاً بعد الخضة الأخيرة التي عاناها أبناء المنارة مع الخروج من كأس الاتحاد الآسيوي من دون أي انتصار، والتغيير الفني الذي عرفه الفريق مجدداً وللمرة الثالثة هذا الموسم. كما أن النجمة سيلعب منقوصاً ومتأثراً في مركزين حساسين، الأول هو قلب الدفاع حيث لا بديل للبنيني محمد شاونا، والثاني في قلب الهجوم حيث لا مهاجم أجنبي يعوّض علي علاء الدين، علماً بأن ثالث الدوري سيخوض اللقاء بأجنبي واحد هو السنغالي إدريسا نيانغ.
والنجمة بدا في الفترة القريبة الماضية من دون لاعب حاسم مع افتقاد كل نجومه للفعالية المطلوبة بعكس الأنصار، لتبقى بارقة الأمل الوحيدة التي يمكنه أن يعوّل عليها هي شخصية لاعبيه الذين يحبون هذا النوع من المباريات، متسلحين بجمهورهم المرعب لكل المنافسين.
هي فرصة أخيرة لا في الموسم الحالي فقط، بل أيضاً للانتقال الى موسمٍ جديد مع بعض الإيجابية، إذ بالنسبة إلى الانصار ليس هناك من فرصة أسهل للفوز على النجمة الذي لم يمرّ منذ زمنٍ طويل بهذه الظروف السيئة جداً على مختلف المستويات. أما بالنسبة الى الأخير، فإن مجرد تحقيق فوز ثالث على الغريم وإقصاءه من الكأس هي مسألة وحدها تستحق الاحتفال.