يرحل نادي ليفربول الإنكليزي الليلة إلى ألمانيا، حيث يواجه نادي بايرن ميونيخ في إياب دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا. في مباراة الذهاب تعادل الفريقان من دون أهداف على ملعب الأنفيلد في مدينة الشمال الإنكليزي. منذ ذلك الحين تغيّر الكثير من الأمور. البايرن عاد من بعيد محليّاً، واعتلى سلم ترتيب الدوري الألماني، أما أداء ليفربول فهو مستمر في التذبذب، وخسر الصدارة لصالح مانشستر سيتي. مباراة قويّة الليلة، لن تقبل القسمة على اثنين.في بداية الموسم، أو على الأقل قبل نهاية مرحلة الذهاب، اعتقد الجميع بأن الدوري الإنكليزي هذه السنة سيكون من نصيب نادي ليفربول، وأن يورغن كلوب هو المدرب الذي انتظره النادي منذ زمن طويل جداً. «الريدز»، بدؤوا الموسم بطريقة استثنائية، حتى أنهم حافظوا على صدارة الترتيب العام للدوري المحلي لجولات عدّة، لكن الأمور بدأت تسوء شيئاً فشيئاً مع بداية مرحلة الإياب من الدوري. ها هو بيب غوارديولا وفريقه مانشستر سيتي، قد عادا من جديد إلى صدارة الترتيب، بعد أن وصل الفارق في مراحل سابقة إلى 7 نقاط بين كل من ليفربول والسيتي. يبدو أن يورغن كلوب، بالفعل، ليس المدرب المناسب لليفربول، أو بالأحرى، ليس المدرب المناسب لأيّ فريق يطمح لتحقيق الألقاب. كلوب، لطالما كان يبدأ بدايات مميّزة مع الفرق التي درّبها، لكن سرعان ما ينحدر أداء هذا الفريق عندما يقترب الموسم من النهاية. هذا هو كلوب، وهكذا تجري الأمور تحت قيادته. لا يمكن تجاهل الدور الكبير الذي قام به المدرب الألماني في صناعة هذا الفريق الذي بات منافساً جدياً للسيتي على الدوري المحلي، ولباقي فرق أوروبا على دوري الأبطال. إلّا أن دور كلوب، يقتصر على صناعة الفريق وإخراج أفضل ما يمكن من اللاعبين الذين في تشكيلته. لكن بالنسبة إلى الألقاب، هنا الأمر يصبح مختلفاً تماماً. كلوب المدرب، الذي خسر الكثير من النهائيات في حياته، ها هو اليوم، معرّض لأن يخسر الدوري من جديد، بعد بداية تاريخية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، بالنسبة إلى ليفربول وبالنسبة له على الصعيد التدريبي. في بداية الموسم، كان المتابعون يشعرون وكأن كلوب، أخيراً، علم من أين تؤكل الكتف، ويسير على السكة الصحيحة لتحقيق اللقب، إلّا أن التراجع الكبير في أداء الثلاثي الهجومي الذي يتمثل بكلّ من السينغالي ساديو مانيه، والبرازيلي روبرتو فيرمينو والمصري محمد صلاح، أدّى إلى ابتعاد الفريق عن المركز الأول، وتصدر السيتي للترتيب بفارق نقطة واحدة.
بدأ ليفربول بداية قوية ومن ثم تراجع على عكس البايرن الذي استعاد مستواه مؤخراً


من الواضح أن الهدف الأوّل للنادي الأحمر هو لقب الدوري الإنكليزي الممتاز، الذي لم يدخل خزائن النادي لأكثر من 25 سنة، وهو رقم لن تتحمّل جماهير الفريق بأن يزيد أكثر من ذلك، خاصة بعد تفوق مانشستر يونايتد عليهم بعدد مرات الفوز باللقب. لذا، فإن التركيز الأكبر من اللاعبين والمدرب كلوب، سيكون على أهم لقب محلّي، في حين، أن لقب دوري الأبطال، وفي حال تحقيقه، سيكون أمراً مميزاً لكلوب ولليفربول. لكن عدم التمكن من الفوز بالكأس ذات الأذنين، لن يؤثر على ليفربول، أمّا انعدام الفوز بالـ«بريميرليغ»، فهنا المسألة بدأت تأخذ منحنى آخر، وربما يتمثّل بإقالة، أو استقالة المدرب الألماني يورغن كلوب، لأنه وبكل بساطة، اللقب المحلي هو الأهم بالنسبة لكلوب، وللإدارة، وللمشجعين المتعطّشين للفوز به منذ سنوات كثيرة. وهنا لا بدّ من العودة إلى فترة وصول كلوب للنادي الإنكليزي، ووعده الشهير بأنه سيجلب الألقاب بعد ثلاثة مواسم، ويعتبر هذا الموسم الأخير لكي يفي الألماني بوعده. المباراة اليوم أمام العملاق البافاري (الساعة 22:00 بتوقيت بيروت)، لن تكون سهلة أبداً، فأن تواجه البايرن في معقله، وهو في أفضل أحواله أيضاً، فهذه مشكلة كبيرة يجب على كلوب أن يجد سريعاً حلاً لها.
في الجهة المقابلة، يحدث العكس تماماً. في الإقليم البافاري في ألمانيا، عاش بايرن ميونيخ برفقة مدربه الجديد الكرواتي نيكو كوفاتش بداية موسم كارثية. تمثّلت بتوسّع الفرق بينه وبين الغريم التقليدي بوروسيا دورتموند إلى أكثر من تسع نقاط في بدايات المراحل والجولات الأولى من الدوري. على ما يبدو، المدرب الذي قاد فريقه السابق آينتراخت فرانكفورت للفوز بلقب كأس ألمانيا على حساب البايرن فريقه الحالي، كان يحتاج لبعض الوقت، لكي ينظّم صفوف فريقه، ولكي يثبت على تشكيلة، يراها مناسبة وتؤدي للنجاح. اليوم، ومع مرور الجولات وبداية مرحلة الإياب من الدوري الألماني الـ«بوندسليغا»، ها هو البارين وبقيادة مدربه كوفاتش، يتقاسم الصدارة مع دورتموند بنفس عدد النقاط (57 نقطة لكل فريق مع صدارة للبايرن بفارق الأهداف). إذاً، مباراة البايرن اليوم أمام ليفربول وفي معقله «آليانز آرينا»، سيدخلها بمعنويات عالية جداً، نظراً لسيره من جديد على سكة الانتصارات، وثبات مدربه على التشكيلة المناسبة. هذه التشكيلة، تعتمد بشكل أساسي على عناصر، بدأت تدخل في المنظومة البافاريّة بشكل كبير في المراحل الماضية، على غرار الألماني الشاب سيرج غنابري، وصانع الألعاب الكولومبي جايمس رودريغيز إلى جانب لاعبي خط الوسط، كل من الألماني ليون غورتزكا، والإسباني لاعب برشلونة السابق تياغو ألكنتارا.
الوقت يلعب دوراً كبيراً في تغيّر شكل الفريقين في هذه المباراة، فليفربول بدأ بداية جيدة، وبدأ يتراجع نسبياً، أمّا البارين، فبدايته كانت سيئة جداً، وها هو الآن عاد وعادت شخصية البطل معه. كرة القدم، لعبة لا يفوز فيها دائماً الفريق الأقوى، وهذا ما سننتظره من مباراة اليوم في الـ«آليانز آرينا».