إنّها عطلة الأعياد. أسبوع التلفزيون إن صحَّ التعبير. موعدُ تغلّب الشاشة الصغيرة على وسائل التواصل الاجتماعي. لا تكاد تمرُّ ثلاثة مشاهد في المسلسل حتّى تقتحم إعلانات سهرات رأس السنة وحسومات المحالّ التجارية وعروض الهدايا المشهد. ليالي المنجِّمين أيضاً. ما هو غير متنبّأ به، أن يغيب الإعلام عن دعم منتخب لبنان لكرة القدم قبل أيامٍ على انطلاق بطولة كأس آسيا، ولو بنصف دقيقةٍ في زحمة الإعلانات. للمصادفةِ أن منتخب السعودية يلعب مع المنتخب اللبناني في المجموعة عينها، لكنّ تغطية مهرجان «شتاء طنطورة» مباشرةً من الأراضي السعودية هو الأبدى؟ هناك حيث اجتمع مشاهير الفنّ والإعلام، الذين غابوا بدورهم عن دعم منتخب بلادهم، ولو برسالة. بطبيعة الحال، لن يعلم النجوم بالمشاركة الآسيوية إذا لم يُبلّغوا بذلك عبر الإعلام، والأخير لن يُواكب بغياب الدولة عن الصورة. بعضهم قد يُسافر إلى الإمارات أيضاً، حيث تُلعب البطولة، لكن لتمضية إجازة رأس السنة لا أكثر. للعلم والخبر، يخوض المنتخب اللبناني لكرة القدم بدءاً من التاسع من كانون الثاني الجاري بطولة كأس آسيا لأول مرةٍ بعد 19 عاماً. 23 لاعباً وعددٌ من الفنيين والإداريين سيتوجّهون إلى الإمارات لتمثيل لبنان بين 23 منتخباً آخر، من دون دعمٍ حكومي ولا إعلامي ولا حتّى شعبي إلّا من المتابعين. لكم الله.تسأل النائبة بولا يعقوبيان، راغد قيس من «شرطة المشاهير» خلال فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إذا علم بتأهّل منتخب لبنان لكرة القدم إلى بطولة كأس آسيا، وعن سبب «التعتيم» على هذا الموضوع، ثمّ تُبارك للبنانيين واللاعبين بهذا «الخبر الحلو». المنتخب تأهّل بالفعل لأوّل مرّة إلى نهائيات البطولة الآسيوية الأكبر، بعدما كان قد استضافها عام 2000. لكن هذا الخبر، مرَّ عليه أكثر من سنة، والمنتخب يستعد للمشاركة في البطولة التي تنطلق في الخامس من كانون الثاني الجاري. حاولت النائبة يعقوبيان أن تكون سبّاقة عن نظرائها، مشكورة، ولو أبلغت بالخبر بعد سنة، ولم تُصب الهدف بدقّة، لكن ما أصابت به هو التعتيم. غيابٌ شبه تام للدولة عن المنتخب الذي يمثّل لبنان في أكبر حدثٍ رياضيٍّ آسيوي. وحده النائب فادي علامة (الرئيس الفخري لنادي شباب الساحل) تمنّى التوفيق للمنتخب «على الرغم من الظروف الصعبة»، قبل الأسبوع الماضي، وأتبعه النائب محمد نصر الله بتغريدةٍ على «تويتر»، في حين زار وزير الشباب والرياضة محمد فنيش المنتخب الاثنين الماضي، يرافقه رئيس الاتحاد هاشم حيدر والأمين العام جهاد الشحف وبعض أعضاء اللجنة التنفيذية، بعد العودة من المعسكر في البحرين.
مصدرٌ إداري في المنتخب يُشير إلى «الأخبار» أن لا زيارة لأيٍّ من الرؤساء الثلاثة في الروزنامة. لا شيء على جدول الأعمال سوى الحصص التدريبيّة قبل السفر إلى الإمارات. بعضُ التجهيزات الجديدة والأطقم الرياضيّة حصل عليها اللاعبون في الأيام الماضية، بدلاً من المكافآت المالية. الاتحاد الآسيوي لكرة القدم سيقدّم مبلغ 200 ألف دولار لكل منتخبٍ مشارك، يُنتظر أن يحصل اللاعبون على جزءٍ منه. هبة خارجية للمنتخب أيضاً، كما الدولة. هو يمثّلها أساساً.
ستكون الحصة التدريبية الأخيرة اليوم مفتوحة أمام وسائل الإعلام(عدنان الحاج علي)

وعلى الصعيد المالي، تسافر بعثة المنتخب فجر السبت المقبل، في يوم المباراة الافتتاحية للبطولة، وقبل أربعة أيامٍ على المباراة الأولى مع قطر. هكذا، سيكون المنتخب اللبناني آخر الواصلين إلى الإمارات، في حين أن عدداً لا بأس به من المنافسين أقاموا معسكراتهم هناك، بينهم المنتخب السعودي، بينما وصلت بعثتا المنتخبين الكوري الشمالي والقطري قبل أيام، وهم يلعبون في المجموعة عينها مع لبنان. أمرٌ طبيعي، ما دام المنتخب «يشحد» ملعباً يتمرّن عليه، حيث يقيم تمارينه حالياً على ملعب نادي النجمة في المنارة، إذ لا ملعب خاصاً له، فيما ينشغل ملعب مجمّع بئر حسن المهني (يتمرّن المنتخب على أرضه عادة) باستضافة الفرق والأكاديميات، ولا يُمكن للمنتخب إقامة التمارين في ملعبَي مدينة كميل شمعون الرياضية وصيدا البلدي بسبب الأرضية السيئة للملعب وغياب التجهيزات والأمور اللوجستية المطلوبة في هذه الملاعب.
إعلامياً، غابت القنوات المحليّة عن الترويج للمنتخب حتّى علت الصرخة. البداية كانت مع قناة الجديد التي بثّت مقاطع فيديو تشجيعي (16 ثانية)، وتبعتها قناة mtv الاثنين الماضي، كما غطّت قناة المنار تمرين المنتخب خلال زيارة الوزير فنيش.
ويؤكد العديد من المصادر أنه كان من الأجدر أن يُعقد مؤتمرٌ صحافي لتقديم المنتخب بحضور فاعلياتٍ رياضيةٍ وسياسية داعمة، ستكتفي إدارة المنتخب بإقامة تمرينٍ مفتوحٍ اليوم في الثانية عشر والنصف ظهراً على ملعب النجمة، إفساحاً في المجال لوسائل الإعلام والجمهور بحضور التمرين ودعم المنتخب معنوياً.
لم يذكر أحدٌ من مقدِّمي البرامج الاجتماعيّة والترفيهيّة المنتخب ولو بكلمة. غابت التغطية عن الشاشات، وغاب الدعم الجماهيري بطبيعة الحال. لا عِلم من دون إخبار. البعض يلقي جزءاً من المسؤولية على الاتحاد اللبناني لكرة القدم أيضاً، الذي فشل بدوره في التسويق بخلاف اتحاد السلّة، الذي يروّج بشكل كبير لدى كل استحقاق لمنتخبه، ولو لم يجد دعم الدولة، لكنه نجح في الإضاءة على المشكلة. أساساً، اتحاد اللعبة كان قد أعلن عن حاجته إلى مدير تسويق ومبيعات في تشرين الأول الماضي، من دون أن يُسمّي أحداً في هذا المركز الشاغر. غيابٌ للتسويق حتّى في هذه المرحلة التي تتسابق فيها الشركات والمؤسسات لرعاية ممثّل لبنان في المحفل الآسيوي.
لم تختلف الأمور على الساحة الفنيّة. وحده عاصي الحلاني من بين النجوم قدّم دعمه للمنتخب الوطني من دون «عزيمة»، بتغريدةٍ على «تويتر»، أتبعها بأغنية له كان قد سجّلها قبل أربع سنوات، في حين انتظر باقي النجوم من يدعوهم إلى هذه الخطوة الوطنية، إذ بدأت الحملة من «شرطة المشاهير»، حيث دُعيَ أحد الفنانين إلى تقديم رسالة دعمٍ للمنتخب عبر فيديو قصير، وبدوره دعا زميل آخر وهكذا دواليك.
بعثة من 34 شخصاً بين إداري وفنيّ ولاعبين سيغادرون لبنان فجر السبت إلى الإمارات، حاملين آمال «بعض» اللبنانيين، من هم على علم بالأمر على الأقل، بتقديم أداءٍ مشرِّف في البطولة التي من المتوقّع أن يتابعها أكثر من 800 مليون مشجّعٍ في القارة.