جَمعت النجمة والأنصار «مُصيبةٌ» واحدة. إطلالةُ رئيسي الناديين أسعد صقال ونبيل بدر في مقابلةٍ تلفزيونية أول من أمس الاثنين، جاءت لتصويب الأسهم على العهد، الذي كان تغلّب لتوّه على النجمة، منفرداً بصدارة الدوري، ومُلحقاً بـ«النبيذي» خسارة وقعُها أكبر من نتيجة المباراة، ومآلها أن الهوة واسعةٌ بين العهد ومُلاحقه، ومُلاحق ملاحقه، الأنصار، الذي صار بعيداً بفارق ثماني نقاط. «العلاقة الأخوية» بين الناديين ليست غريبة، بل لم تكن ظاهرة للعلن. علاقةٌ بُنيت على مقولة «أنا وخيي على إبن عمّي». السقف الواحد الذي يجتمع النجمة والأنصار تحته، تحمله أعمدةٌ فنيّة، أدّت إلى ابتعاد الناديين عن لقب الدوري، بسبب سياسة الإدارتين، الأولى بقيادة بدر، والثانية مع صقال، الذي لا يتحمّل المسؤولية وحده، بل من كان قبله أيضاً. سياسة «تجميع» النجوم واللاعبين والأجانب لـ«تركيب» فريقٍ منافس، سقطت أمام خطّةٍ طويلة الأمد رسمها العهد، الذي حصد ما زرع.في الواقع، لا يختلف النجمة عن الأنصار كثيراً على الصعيد الإداري، وغالباً، هذا هو السبب الرئيسي خلف ابتعادهما عن لقب الدوري. الأنصار خطف الأضواء أكثر نسبةً إلى القرارات الإدارية التي أطاحت بعددٍ كبيرٍ من المدربين خلال فترةٍ قصيرة، لكن النجمة أيضاً لم يغب عن هذا الإطار. بين الفوز الأخير لـ«النبيذي» على العهد في بطولة الدوري، ثماني مباريات وأربع سنوات. التشكيلة الأساسية التي دخلت اللقاء حينها، لم يبقَ منها أي لاعب في النادي. إضافة إلى اللاعبين الأجانب الثلاثة، استغنت الإدارة عن كابتن الفريق عباس عطوي، الذي يلعب مع شباب الساحل حالياً، مع لاعبي الوسط محمد شمص والفلسطيني محمد قاسم، وانتقل الحارس نزيه أسعد إلى طرابلس وشادي سكاف إلى التضامن صور ومحمد حمود إلى الإخاء الأهلي عاليه وخالد تكه جي إلى الأنصار، فيما احترف وليد اسماعيل في إيران وعاد من بعدها إلى الصفاء. في المقابل، لا يزال الحارس محمد حمود واللاعبون خليل خميس، حسين دقيق، حسين زين، هيثم فاعور ومهدي فحص ضمن صفوف العهد، بينما انتقل حسين حيدر بالإعارة إلى الصفاء.
إذا أخذنا الفترة عينها، نجد أن تشكيلة الأنصار الأساسيّة التي لعبت الجولة العاشرة، نفسها حين فاز النجمة على العهد ضمن موسم 2014-2015، التي فازت على الشباب الغازية، بقيَ منها لاعبَان، هما الحارس حسن مغنية، والمدافع أنس أبو صالح، الذي لعب بالإعارة مع طرابلس في الموسم الماضي، ولم يشارك في أي مباراة مع «الأخضر» منذ نيسان 2017، فيما غادر محمد القرحاني ومحمد عطوي وحمزة عبود وأمير لحاف ووسام صالح وعماد غدار.
في السياق عينه، يمكن العودة إلى الموسم الأخير الذي ظفر فيه النجمة باللقب (2013-2014)، حين كان العهد يضم في صفوفه محمد قدوح (17 عاماً آنذاك)، حسين زين (19)، خليل خميس (19)، مهدي فحص (22)، إلى جانب غيرهم من اللاعبين الصاعدين كحسين الدر وغازي حنينه وحسين فاعور وحسين حيدر، ومن بعدها بموسمٍ واحد، صعد علي حديد إلى الفريق الأول. منذ ذلك الوقت، كان العهد يُحضّر الفريق الذي سيحتكر الألقاب لمواسم عدّة.
نجح نادي العهد في بناء فريق متجانس وأمّن له الاستقرار المادّي والمعنوي


صحيحٌ أن العهد أبرمَ صفقاتٍ محليّة كبيرةٍ كتعاقده مع مهدي خليل ونور منصور ومحمد حيدر وربيع عطايا، الذين يُعدّون من أعمدة الفريق حالياً، لكن فوزه الأخير على النجمة يُعيد الأمور إلى المربّع الأول، حيث التحضير والاستقرار اللذان عاشهما النادي في السنوات الأخيرة. في المباراة الماضية، غاب حيدر وعطايا، وحضر حديد وزين وقدوح وخميس، برفقة حسين منذر، خرّيج مدرسة العهد، ومعهم اللاعبون نفسهم الذين وجدوا في آخر خسارة للفريق أمام النجمة، كفاعور ودقيق وحمود، وأحمد زريق أيضاً، الذي شارك بديلاً حينها.
نجح العهد في ما عجز النجمة والأنصار عن تحقيقه، وهو تأمين الاستقرار في الفريق، والاستفادة من اللاعبين الشباب الصاعدين، الذين لم يجدوا مكاناً لهم مع قطبي الكرة اللبنانية، فغاب الأخوان يوسف وعلي الحاج ومعهم حسن القاضي ومحمد مرقباوي ومصطفى كساب عن النجمة، الذي يبدو أنه يُكمل الطريق، بسبب غياب الحاج وحسين شرف الدين ومهدي زين وخليل بدر عن الواجهة، ومعهم الوافدون الجدد، محمود كعور وأندرو صوايا. أمّا الأنصار، فيعيش الحال عينه، بغياب جميع لاعبيه الشباب، من حسين فاضل وموسى الطويل ودانيال بو فخر وقاسم الشوم، حتّى آدم السيّد وحسين ابراهيم وعلي الحاج حسن.
واقعٌ أن النجمة والأنصار مطالبان دوماً بالألقاب، إلا أن العهد ليس استثناء أيضاً، وفي جعبته ألقابٌ عدة حتّى قبل انطلاق مشروعه. رُبما لا يقع اللوم كُلّه على إدارتي الناديين، لأنهما تحت ضغط الجمهور، لكن النجمة الذي عجز عن التتويج بلقب الدوري أربعة مواسم متتالية، والأنصار الغائب عن البطولة الأغلى منذ 11 عاماً، كانا قادرين على استغلال هذه السنوات في بناء فريقٍ ينافس في المستقبل (اليوم)، بدلاً من تجميع اللاعبين من كلّ حدبٍ وصوب، دون رؤية واضحة.