يستحق العهد كل الإشادة بعد المباراة الكبيرة التي قدّمها في مواجهة غريمه النجمة، وهي المباراة التي توقّع كثيرون أن تكون الأصعب للفريقين منذ بداية الموسم. هي كانت كذلك بالنسبة إلى «النبيذي»، لكن لا بالنسبة إلى الأصفر الذي احتاج إلى 28 دقيقة فقط ليسجل 3 أهداف، ويحصد بالتالي 3 نقاط مكّنته من القبض على الصدارة.ومن شاهد الدقائق الأولى للقاء، اعتقد أنّ النجمة سيُحرج العهد، وخصوصاً بعد رأسية أبو بكر المل الخطيرة في بداية المباراة، لكن ثورة العهد لم تطل، فاهتزت الشباك النجماوية سريعاً بواسطة الغاني عيسى يعقوبو، ثم عبر حسين زين، وبعدها من خلال حسين منذر.
3 أهداف حمل كل واحدٍ منها شكلاً مختلفاً، لكنها دلّت على أشياء كثيرة أعطت الفارق للعهد وأسقطت النجمة في فخ خسارة أولى، وبلا شك في دوامة لن يخرج منها في وقتٍ قريب، حيث ستبدأ التحليلات وتوجّه الاتهامات بحثاً عن «كبش محرقة» لتحميله أسباب الهزيمة القاسية.
بطبيعة الحال، استحق العهد الفوز، وبنظر الكثيرين استحق الخروج بنتيجةٍ أكبر حتى، وهو أمر كاد أن يحصل، لكن البلغاري مارتن توشيف أهدر ركلة الجزاء التي حصل عليها بعد عرقلة علي بزي له وتلقيه على إثرها البطاقة الحمراء.
استحقها العهد طبعاً، لأنه أولاً لم يتأثر ذهنياً بسبب غياب نجمه محمد حيدر وبقاء اللاعب المهاري الآخر ربيع عطايا على مقعد البدلاء. هي مباراة أصلاً لم تكن تحتاج إلى المهارات، بل إلى العزيمة والإصرار اللذين مثّلهما ثلاثي الوسط يعقوبو، منذر، والقائد هيثم فاعور. ومن عند هؤلاء تكسّرت الهجمات النجماوية وانطلقت الغارات العهداوية، وهي كانت النقطة الثانية التي أعطت الأفضلية لبطل الموسم الماضي على وصيفه.
أما النقطة الثالثة، فهي تُحسب للمدرب باسم مرمر، فهو صنع خطة دفاعية شارك فيها المهاجمون حتى، فتمكن من خلالها تعطيل مفاتيح لعب النجمة، فكان لرجل المباراة حسين زين الدور الأكبر فيها. الظهير الأيمن المميز الذي شغل مركز الجناح في اللقاء سجل هدفاً وصنع آخر، والأهم من كل هذا أنه طارد نجم النجمة حسن معتوق (أكثر اللاعبين تسجيلاً في تاريخ لقاءات الفريقين بـ 14 هدفاً) في كل أرجاء الملعب، ونجح بإيقافه بمؤازرة زميليه علي حديد وحسين دقيق أينما حلّ على طرفي الملعب.
هي معركة أطراف أساساً، وكسبها العهد بامتياز، بفضل أربعة لاعبين سريعين ومتفاهمين كثيراً لم يظهروا بأفكارٍ محدودة، والدليل حالة الهدف الثاني الذي سجله زين، ثم حالة الهدف الثالث الذي بدأ من عند أحمد زريق، مستغلاً بشكلٍ كبير المساحات الخالية في وسط ملعب النجمة ليدخل في العمق ويمرر الكرة الأول الذي وضعها بإتقان على رأس منذر، فسجل الأخير الهدف الرقم 100 للعهد في تاريخ لقاءاته الرسمية مع النجمة في المسابقات المختلفة.
ومشكلة شغل المساحات هي الكارثة الكبيرة التي ضربت النجمة، فكانت المشكلة في مكانين: الأول غياب السنغالي إدريسا نيانغ للإصابة (وبدرجةٍ اقل عمر زين الدين)، وثانياً القرار الغريب من المدرب الصربي بوريس بونياك بإشراك أحمد جلول أساسياً، وهو الذي غاب منذ الموسم الماضي بسبب إصابة قوية تعرّض لها، وقد ظهر غير قادرٍ على مجاراة نسق المباراة وضغطها، لكون كل اللاعبين سبقوه بمراحل كثيرة في مشوار الجاهزية.
وحده ثنائي قلب الدفاع المتمثّل بقاسم الزين والسوري أحمد ديب، تحمّل عبء الهجوم العهداوي الضارب، فتكفّلا بالكثير من الكرات، بينما انشغل علي حمام بكيفية توقيف انطلاقات أحمد زريق أكثر من أخذ مبادرات هجومية، فكانت انطلاقاته إلى الأمام نادرة جداً، لا بل انتفت مع طرد بزي حيث أُجبر على التزام مركزه. هذا وقد أُرهق عبد الفتاح عاشور على الميسرة، وخصوصاً في الشوط الثاني عندما اضطر إلى التقدّم ثم العودة مع تبديل بونياك لمقاربته الهجومية، لكن من دون أن يحسب أي حساب لقوة العهد في المرتدات، فأتعب هذا الأمر مدافعيه، وعلى رأسهم عاشور، ما اضطره إلى استبدال أمير الحصري به.
نجاح عهداوي باهر لفريقٍ كشف غالباً عن شخصية البطل في الامتحانات الصعبة، ومشاكل نجماوية جمّة تحتاج إلى سطورٍ كثيرة لسردها، وطبعاً إلى وقتٍ غير قصير من الجهاز الفني لحلّها.