منذ تعرّضه للإصابة في نهائي دوري أبطال أوروبا، الموسم الماضي، يعيش النجم المصري محمد صلاح ظروفاً غير مستقرّة على المستويين الفنّي والنفسي. تراجعٌ في المستوى، مقارنة مع ما قدّمه الموسم الماضي برفقة ناديه ليفربول الإنكليزي، جعل من اللاعب مادّة دسمة للصحافة البريطانيّة القاسية أصلاً، وخاصة على لاعبين كـ«أبو صلاح» جاؤوا من أفريقيا وفرضوا أنفسهم في واحد من أفضل الدوريات العالميّة. كلام كثير قيل، ولا تزال الصحافة تكتب حتى اليوم، لكن الأكيد أن النجم المصري ليس وحده من يتحمّل مسؤولية ما حصل ويحصل، والأكيد أيضاً أنه قادر على تجاوز فترة الضغط التي يعيشها ويعود إلى تألّقه.أداء رائعٌ قدّمه الفرعون المصري محمد صلاح الموسم الماضي، تمكّن خلاله من تحطيم أغلب الأرقام الفرديّة في موسمه الأوّل مع ليفربول. استطاع «أبو صلاح» أن يحقّق جائزة أفضل لاعب في البريميير ليغ، وذلك لما قدّمه من أداء لافت، حيث فاز بجائزة لاعب الشهر في الدّوري الإنكليزي ثلاث مرّات، وهو أفضل رقم في تاريخ الـ«بريميير ليغ». صلاح كان الأكثر تهديفاً بموسمٍ واحد في تاريخ الدّوري الإنكليزي أيضاً، مسجلاً 32 هدفاً، والأكثر تسجيلاً في فرق مختلفة بالدّوري الإنكليزي بعدما سجّل ضد 17 فريقاً مختلفاً، وأرقام كثيرة جعلت من اللاعب، الذي فشل في تشيلسي عام 2015، أفضل لاعب في الدّوري الإنكليزي الممتاز.
لم تقتصر إنجازات صلاح على الصّعيد المحلّي فحسب، بل تألّق أوروبيّاً ودوليّاً أيضاً، حيث استطاع أن يقود فريقه ليفربول إلى وصافة دوري أبطال أوروبا، مسجّلاً 10 أهداف، كأكثر لاعب يسجّل في دوري الأبطال في تاريخ ليفربول بموسمٍ واحد، كما ساهم دوليّاً بقيادة منتخب بلاده مصر إلى كأس العالم بعد غياب 28 عاماً، وذلك بفضل ركلة الجزاء الّتي سجّلها في الدقيقة 95 لتفوز مصر على الكونغو 2-1 وتتأهّل.
إنجازاتٌ «عظيمة» لصلاح، قادته ليترشّح إلى جائزة أفضل لاعب في العالم برفقة كلّ من كريستيانو رونالدو ولوكا مودريتش، ليحلّ في المركز الثّالث.
الأداء الخارق للّاعب، عرف تراجعاً كبيراً هذا الموسم، إذ إنّ من يرى صلاح اليوم يصعب عليه التّصديق أنّه اللاعب نفسه الّذي هزّ العالم بيسراه منذ أشهرٍ مضت. مشاكل كثيرة عاناها اللاعب، بدأت منذ نهاية الموسم الماضي، بعدما تعرّض لإصابةٍ على مستوى الكتف، في المباراة النّهائيّة لدوري أبطال أوروبا، ما حرمه من الحلم في التّألّق والتّتويج. إصابةٌ أضعفت مستواه في كأس العالم، حيث خرجت مصر مبكّراً من البطولة، بعدما فشلت في تخطّي دور المجموعات.
استبدال صلاح في مباراة تشيلسي الأخيرة طرح علامات استفهام حول رؤية كلوب


صدمةٌ معنويّة تفاقمت عند اللاعب، بعد المشاكل الأخيرة التي عاناها مع الاتحاد المصري لكرة القدم، بسبب خلافات حول حقوق الرّعاية والتسويق، واستخدام صورته في مصر. هذه القضيّة أثّرت بشكل كبير على استقراره النفسي، كما قسمت مناصريه بين مؤيّدين ومعارضين. واحد من الأمور غير المنطقية التي حصلت مع صلاح هو استبعاده عن تشكيلة العام، المقدّمة من الاتحاد الدّولي لكرة القدم، على الرّغم من كونه أحد المرشّحين الثلاثة لأفضل لاعب في العالم. هذه الأمور وغيرها انعكست سلباً على اللاعب، الذي تأثّر بما يجري حوله، وبالضغط الذي فرضته الصحافة، وبعض الذين لا يريدون أن يكرر «أبو صلاح» موسمه المميّز.
في بداية الموسم الحالي، شهد مستوى نجم ليفربول تراجعاً نسبيّاً. ترافق ذلك مع كلام الصحافة عن خلافات بينه وبين زميليه في النادي السنيغالي ساديو ماينيه، والسويسري شيردان شاكيري. وربما كان هذا الأمر صحيحاً، لأنّه بعد مباراة ليفربول وتشيلسي في كأس الرابطة، رصدت عدسات الكاميرات كلوب وهو يصرخ في وجه شاكيري لأنّه لم يمرر الكرة إلى صلاح الذي كان في وضع مثالي للتسجيل ومعادلة النتيجة. وقيل حينها إن هذا التصرف يريد منه شاكيري إبقاء صلاح تحت الضغط، وبالتالي أخذ مكانه في التشكيلة الأساسيّة. حتى الآن، سجّل الفرعون ثلاثة أهداف في 7 مباريات لعبها بمسابقة الدّوري، هبط ترتيب صلاح من أهمّ لاعب في ليفربول، إلى أكثر اللاعبين استبدالاً، إذ إنّ المدرّب الألماني يورغن كلوب يعمد الى استبدال صلاح في أغلب المباريات، كان آخرها في مباراة تشيلسي، حيث استُبدل اللاعب في منتصف الشوط الثاني بالسويسري شيردان شاكيري. إستبدال صلاح في هذه المباراة بالذات طرح علامات استفهام حقيقيّة حول رؤية المدرب يورغن كلوب وتعامله مع صلاح، إذ إن اللاعب قدّم شوطاً أوّل جيّداً جداً، في وقت غاب فيه كل من مانيه، والبرازيلي روبيرتو فيرمينيو. تبديلاتٌ مستمرّة، ربما من شأنها أن تساهم في زعزعة الثّقة لدى صلاح، الذي لم يخف غضبه بعدما استُبدل خلال مباراة فريقه مع باريس سان جيرمان، في الجولة الأولى من دوري الأبطال.
وفي ظل هذه الأجواء، كان لافتاً ما تحدّث به كلوب لصحيفة الغارديان، حيث قال إن صلاح «ليس من اللاعبين الذين يخافون من الضغط»، كما وجّه كلوب نصيحة لصلاح بأن عليه أن يكون مسترخياً ويلعب كرة القدم. دعم معنوي من المدرب، ترافق مع كلام إيجابي من متوسط ميدان ليفربول الهولندي فينالدون، الذي قال إن صلاح بإمكانه الوصول الى مستوى كريستيانو رونالدو، وليونيل ميسي، لكن عليه تسجيل المزيد من «الهاتريك». ما نشرته الغارديان يؤكد أن اللاعب تحت الضغط، وهذا سببه تراجع المستوى مقارنةً بالسنة الماضية، وبالتالي فإن مدربه والنادي إذا كانوا يعتبرون أن صلاح عنصر مهم للفوز بالبطولات، فيجب الوقوف إلى جانبه وتخفيف الضغوط عنه.
الوصول إلى القمّة ليس بالأمر الصّعب، إنّما تكمن الصّعوبة في الحفاظ عليها. هذا ما يواجهه تحديداً النّجم المصري اليوم. إنجازاتٌ كثيرة حقّقها اللاعب، رفعت من سقف التطلّعات، فبدأت الأوساط الرياضيّة تطلب أكثر من صلاح، وهو ما يصعب تكراره ربما في الظروف الحاليّة، وخاصّةً أنّ أسلوب لعب النادي تغيّر هذا الموسم، في ظلّ استقطاب عدد كبير من النجوم، حيث بات التركيز أكثر على المحور بعدما كان اللعب كلّه على الأجنحة.
ظروفٌ قاهرة عاشها الفرعون المصري أخيراً، أنزلت من أسهمه في بورصة الكرة العالميّة. إصاباتٌ ومشاكل اتحاديّة ونفسيّة. لكن كل هذه المشاكل سيكون حلها بيد صلاح أوّلاً، ومن ثم مدربه وإدارة ناديه لكي يعود إلى مستواه المميّز الذي ظهر عليه في الموسم الماضي. وهنا يمكن القول إن شخصيّة اللاعب كفيلة بإرجاعه إلى مستواه، وتذكير الجماهير بما أنجزه «الزعيم» في الموسم الماضي. الدوري طويل، والفرعون قادر على العودة.



ستوريدج يعود إلى التألّق


بعدما أبعدته الإصابات لفترة طويلة، عاد الدولي الإنكليزي ونجم نادي ليفربول دانييل ستوريدج ليسعد جماهير الأنفيلد. عاد ستوريدج من الإصابة وفرض نفسه «منقذاً» في هجوم نادي الريدز. مستوياتٌ مميّزة يقدّمها اللاعب الإنكليزي أخيراً. على الرغم من دخوله بديلاً في أغلب لقاءات ليفربول، إلّا أنّ اللاعب يترك بصمة في كلّ مرّة تطأ فيها أقدامه أرض الملعب. استطاع ستوريدج أن يشكّل الإضافة لفريقه هذا الموسم، حيث سجّل هدف التقدّم أمام باريس سان جيرمان، في الجولة الافتتاحيّة من دوري أبطال أوروبا، كما سجّل بطريقةٍ رائعة هدف التّعادل أمام ناديه السابق تشيلسي في الجولة السابقة من الدوري الإنكليزي الممتاز، ليبقي سجلّ الريدز خالياً من الهزائم حتّى الآن في الدّوري.
مستوى رائع للاعب قد يعيده إلى التّشكيل الأساسي، على حساب محمّد صلاح ربما، حيث قد يشغل ستوريدج مركز الجناح المتقدّم، أو قد يشكّل ثنائيّة هجوميّة مع فيرمينو، تذكّر الجماهير بثنائيته مع لويس سواريز منذ خمسة مواسمٍ مضت.