التضامن صور، طرابلس، الراسينغ، البقاع الرياضي، شباب الساحل والشباب الغازية. هذه هي الفرق الستة التي ستتنافس على لقب كأس التحدي. مسابقة من المفترض أن تشكّل اختباراً لما وصلت إليه الفرق حتى الآن في مشوار استعداداتها للموسم الجديد، لكن لا تنطبق الحال هذه المرّة على غالبية الفرق المذكورة، التي تتخبط بمشاكلها المالية وتالياً الفنية، وحتى أن صورة مستقبل بعضها لا تبشّر بالخير.وتبدو المشكلات متطابقة بين فريقٍ وآخر، فالتضامن صور والبقاع أصبحا يتيمين بعد استقالة رئيسيهما محمد مديحلي وأحمد الموسوي على التوالي. أما طرابلس والراسينغ فهما خسرا «المال السياسي» ما جعلهما في وضعٍ صعب يتوقّع أن ينعكس سلباً على نتائجهما الفنية في الموسم الجديد.
بدورهما، فإن العائدَين إلى دوري الدرجة الأولى أي شباب الساحل والشباب الغازية، فلا يمكن معرفة هويتيهما أو ما يمكن أن يقدّماه، ولو أن الأول نشط في سوق الانتقالات مستقطباً العديد من اللاعبين.
بطبيعة الحال ما تعيشه معظم فرق كأس التحدي من حالةٍ يمكن وضعها في خانة المأسوية، لا تترك قلقاً على شكل هذه المسابقة فقط بل على شكل الدوري عامةً، إذ لا يبدو الوضع صحياً بأي شكلٍ من الأشكال لناحية أن يكون ما يقارب نصف عدد فرق دوري الأضواء في «الرمال المتحركة» التي قد تغرقها وتغرق معها البطولة التي تبدو بغنى عن أي تراجعٍ في المستوى الفني، خصوصاً مع وقوفنا على أبواب كأس آسيا حيث يحتاج اللاعبون الدوليون إلى أفضل احتكاكٍ ممكن في الدوري المحلي، ما ينعكس إيجاباً على مستواهم على الساحة الدولية.

دوري بنظامٍ جديد
المهم أن ما تمرّ به الفرق المذكورة ليس بالأمر الجديد بل إن الخطير في الموضوع هو اتساع الدائرة التي تضم الفرق المترنحة موسماً بعد آخر، إذ ازداد عددها في شكلٍ يهدد مستقبل اللعبة، وهو ما يشدد عليه أولئك الذين لا يحبون الاختباء خلف أصابعهم بل قول الحقيقة كما هي حرصاً على المصلحة العامة.
عودة الحديث عن ضرورة تقليص عدد فرق الدرجة الأولى تدريجاً لرفع المستوى الفني للبطولة


والوضع الحالي جعل السؤال مطروحاً حول إمكان تغيير شكل بطولة الدرجة الأولى في أقرب مناسبةٍ ممكنة، إذ بعد مجموعةٍ من المباريات المتواضعة فنياً في الموسم الماضي، وعدم ظهور مواهب حقيقية في الملاعب، وافتقار أندية عدة إلى لاعبين يستحقون وصف «لاعبي الدرجة الأولى»، يأتي الطرح القديم بضرورة النظر إلى تقليص عدد فرق الدوري تدريجاً إلى 10 أو حتى إلى 8 فرق. وهذه الفكرة سبق أن نوقشت اتحادياً قبل سنوات من خلال طرحٍ لأحد أعضاء اللجنة التنفيذية، الذي نسخ التجربة الإسكوتلندية التي تحمل بُعداً أكبر من مجرد حصر اللاعبين الممتازين في 8 فرق فقط، ما يجعل حدّة المباريات أقوى بكثير. وهنا الكلام عن دوري مؤلف من ثلاث مراحل لا مرحلتي ذهاب وإياب فقط، يليه مربعٌ ذهبي للفرق الأربعة الأولى، ومربع آخر للفرق الأخرى، ما يبعد إمكان التلاعب في شكلٍ كبير، خصوصاً إذا ما كانت نقاط الفرق متقاربة إن كان على صعيد المنافسة أو الهبوط، إذ لن يكون أي مركزٍ مضموناً بالنسبة إلى أيٍّ منها، لا كما يحصل حالياً حيث تحوم الشبهات في المراحل الأخيرة في كل مباراة لإحدى الفرق التي ضمنت بقاءها وهي تواجه فريقاً من المراكز المتأخرة.

المأساة مشتركة
إذاً هي حاجة فنية بحتة ينطلق التفكير فيها من خلال الوضع المستجد، إذ إن التخبّط الإداري الذي يعيشه التضامن صور يطرح علامة استفهام حول ما يمكن أن يقدّمه «سفير الجنوب» في الموسم الجديد، وهو الذي خسر رئيسه ومدربه جمال طه بضربةٍ واحدة. ويقول مقرّبون من النادي الصوري إن هذه المشاكل هي العلنية، وما يحصل في الكواليس قد يكون أسوأ وينذر بأمورٍ غير مستحبة.
لكن وضع التضامن قد يكون أفضل من فريقٍ آخر عاش حالة استقالة رأس الهرم، وهو البقاع الذي ضاع في التسمية أولاً، ثم في مصيره ثانياً. فريقٌ بلا رئيس أو مدرب وبات بلا لاعبين أخيراً، مع توزّع عناصره بين من بقي بعيداً من التمارين وبين من يبحث عن فريقٍ جديد، وبين من يخوض تجارب في نادٍ آخر، وبين من انتقل فعلاً هرباً من الواقع المرير.
وحالة البقاع أيضاً تبدو أفضل مما يعيشه الراسينغ حامل لقب كأس التحدي، والذي كان حتى الأمس القريب لا يعرف ما إذا كان سيخوض غمار الموسم أم سيقضي على تاريخه الطويل بقرارٍ تاريخي يتمثّل بالانسحاب. لاعبون مشتتون لا يعلمون إذا تمّ عرضهم للبيع أم سيواصلون خدمة «القلعة البيضاء» المتصدّعة. مدربٌ فك ارتباطه بالنادي، وإدارة تنتظر الفرج وهي تحت نيران الجهة المعارضة لها.
هذه الصورة تترك ارتياحاً في طرابلس غير المرتاح أصلاً، فهذا الفريق بدأ الاستعداد من رحم المعاناة، وهي نقطة قد تصبّ في مصلحته في نهاية المطاف، إذ مع ما يعيشه الراسينغ والبقاع مثلاً، قد يبقي ممثل عاصمة الشمال بمنأى عن الهبوط كونه قام بخطوةٍ واحدة أفضل من نظيريه المذكورين، وهي جمع اللاعبين وإطلاق التمارين ولو بقيادة مدرب (فادي عياد) لم يختبر الدرجة الأولى سوى كلاعب.
لذا يبرز رأي فني بأن شباب الساحل والشباب الغازية قد يفاجأن في المسابقة، فهما أبقيا على عماد الفريقين اللذين حملاهما إلى الدرجة الأولى، وهي نقطة تصبّ في مصلحتهما بفعل الكيميائية الحاضرة، والتي تمّ تطعيمها ساحلياً بلاعبين أصحاب أسماء معروفة وأخرى قدّمت نفسها في شكلٍ جيّد في الموسم الماضي.
إذاً هي كأس التحدي مجدداً، وهي إن حملت شيئاً هذه المرّة فهو لا التحدي بين فرقها بل تحدٍّ خاص لكلٍّ من هذه الفرق الباحثة بغالبيتها عن خشبة خلاص في إطار الاستفادة من مشاكل غيرها لتنجو من الغرق تحت شعار «مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد».