سنكون اليوم على موعد مع الجولة الأخيرة «الحاسمة» من المجموعة الثامنة والأخيرة. لمن لا يعلم بماهية هذه المجموعة، فتلك كانت «مجموعة الموت» حتماً. تمتلك المجموعة في صفوفها أربعة منتخبات متقاربة المستوى. يمكن لأي منتخب من هذه المنتخبات تحقيق الفوز في أي مباراة تجمع بينها. وجود كل من اليابان وكولومبيا والسنغال وبولندا في مجموعة واحدة يكفينا لنعرف كم قوية هذه المجموعة وكم من التقلبات التي يمكن أن تشهدها.
كان للعامل المهاري دور مهم في فوز كولومبيا (لويس أكوستا ــ أ ف ب)

الأمر الوحيد الذي حُسم حتّى الآن فيها، هو تأكيد خروج المنتخب البولندي من بطولة كأس العالم رغم بقاء مباراة لم تلعب بعد. منتخب «البولسكا» على الورق، وقبل بداية المونديال، كان يعتبر المنتخب الأفضل والأقوى من بين باقي المنتخبات في مجموعته، وأكبر دليل على ذلك التصنيف العالمي لبولندا والتي تحتل المركز الثامن عالمياً. ما كان مفاجئاً هو خسارة ليفاندوفسكي أحد أبرز المهاجمين في العالم وقائد المنتخب بأول مباراتين له في المجموعة أمام كل من السنغال وكولومبيا (2-1، 3-0 توالياً). لكن ما قدّمه هذا المنتخب في كلتا المباراتين لم يعطنا الحق لنعتبر بأن الخسارات كانت ظالمة، وأن كرة القدم لا تعطي دائماً الفوز لمن يستحق. على العكس تماماً، لم تقدّم بولندا الأداء الذي يجعلنا نصدّق أنها تحتل المركز الثامن عالمياً. أداء سيّئ وعدم خلق فرص وكرات مبعثرة من دون وجود خطة محكمة وضعها المدرب البولندي نفالكا.
أداء المنتخب البولندي أمام المنتخب السنغالي كان متواضعاً، وتحوّل إلى أداء كارثي في مباراة كولومبيا. ثلاثية نظيفة تلقاها تشيزني حارس مرمى يوفنتوس الإيطالي لم ولن ينساها الشعب البولندي ولا حتى اللاعبين البولنديين. الآن المباراة الأخيرة بالنسبة إلى بولندا، وأمام مفاجأة المجموعة المنتخب الياباني، من الممكن أن يقدّم «النسور» مباراة تحت شعار حفظ ماء الوجه، ويفوزوا بنقاط المباراة. ولكن عزيمة منتخب «الساموراي» التي رأيناها في المباراتين الأولى والثانية من الممكن أن تفرض سيطرتها من جديد وفي مباراة جديدة. المنتخب الياباني حقق الفوز على منتخب «الكاكاو» الكولومبي بنتيجة 2-1، لكن الأمور لم تكن طبيعية بالنسبة إلى فالكاو ورفاقه. طرد لاعب الارتكاز كارلوس سانشيز في الدقيقة الرابعة واحتسبت ركلة جزاء سجّلها شنجي كاغاوا لاعب دورتموند في مرمى الحارس أوسبينا. فاز اليابانيون بالمباراة، مستغلين النقص العددي في صفوف المنتخب الكولومبي بنتيجة 2-1.
لم تعد المباراة الثالثة والأخيرة مهمة بالنسبة إلى ليفاندوفسكي ورفاقه البولنديين


في الجولة الثانية، اختلفت الأمور، تعادل سنغالي ياباني بعد مباراة حماسية بين الاثنين، يقابله في المباراة الثانية فوز ساحق بثلاثية نظيفة للمنتخب الكولومبي وأداء كان منتظراً من رفاق جايمس رودريغيز الذي كان نجماً للمباراة برفقة كل من خوان كوينيتيرو وخوان كوادرادو. إذاً، لم تعد المباراة الثالثة والأخيرة مهمة بالنسبة إلى ليفاندوفسكي وكريتشوفياك وزيلينسكي، فالذهاب والعودة إلى وارسو باتا محسومين. أمّا على الورق، ونظراً إلى ترتيب هذه المجموعة «المعقّدة»، فإن الجولة الأخيرة ستكون حاسمة للفرق الثلاثة الأولى. ستلعب اليابان مع بولندا، بينما ستكون المباراة الأخرى هي الأكثر أهمية والأكثر «نديّة» بين المنتخبين الكولومبي والسنغالي. الآخران سيلعبان على ورقة التأهّل، والفائز يضمن التأهّل إلى دور الـ 16. منتخب السنغال يعتمد على السّرعة التي لديه (ساديو ماني ومباي نيانغ)، بالإضافة إلى العامل البدني الذي تفوّق به السنغاليون على المنتخبين البولندي والياباني في المباراتين السابقتين. لكن في الجهة المقابلة، يلعب العامل الفنّي والمهاري دوراً مهماً في تشكيلة المدرب الأرجنتيني خوسيه بيكرمان. فوجود كل من جايمس رودريغيز وكوينتيرو وكوادرادو في التشكيلة يرفع من كعب المنتخب الكولومبي. لكن هذه كرة القدم وليس الفوز دائماً للأفضل.
دائماً ما تحمل الجولة الأخيرة في دور المجموعات المفاجآت والحسم معها، كما غيرها من المجموعات. المنتخب الأرجنتيني تأهّل إلى الدور الثاني بعدما فاز على المنتخب النيجيري وانتظار نهاية المباراة الثانية بين كل من آيسلندا وكرواتيا. فهنا، وفي هذا الوقت من المجموعة، ستكون المباراتان متعلّقتين إحداهما بالأخرى. فإذا فاز المنتخب الكولومبي على السنغال، ستظل حظوظهم قائمة بالتأهل، في حالة واحدة فقط. خسارة «الساموراي الياباني» من أبناء «نسور وارسو» المكسورة الأجنحة.