«عبدين دجلة»: حارس ذاكرة عفرين

  • 0
  • ض
  • ض
«عبدين دجلة»: حارس ذاكرة عفرين

يجلس عبدين بجوار كومة من الأشرطة المصوّرة، ويقول لـ«الأخبار» إن «هذا الأرشيف يحوي ذكريات طفولتنا وشبابنا وجمالنا، منذ اثنين وأربعين عاماً». هو عبدين حسين أحمد، ابن مدينة عفرين، في منتصف عقده الخامس كما تشير تجاعيد وجهه الهادئ. اشتهر الرجل باسم «عبدين دجلة»، نسبة إلى محل التصوير الذي كان يمتلكه وشقيقه، ويطلقان عليه اسم «صوت دجلة». لم يكن عبدين يعلم أن ما التقطته عدسته على امتداد سنوات طويلة، سيصبح يوماً ذاكرة لمدينته التي يجهد الاحتلال التركي اليوم لمحو تاريخها. يُؤرشف ابن عفرين كنزه، على ذاكرة إلكترونية، سعتها التخزينية 20 تيرا بايت، علاوة على ألف شريط كاسيت، ليكون شاهداً على عقود من عمر مدينته. عن تجربته في التصوير، التي بدأها منذ سبعينيات القرن الماضي، يقول عبدين «اشتريت آلة تصوير (كاميرا) بالأبيض والأسود. رحت أصوّر كل شيء في ضيعتي (عرب حمشلك). عائلتي، وأصدقائي، والطبيعة، وحتى الحيوانات». ويضيف «هيك، لبداية التسعينيات. اشتريت كاميرا فيديو وصرت صور حفلات، ولقاءات مع شخصيات محتفظة بفلكلور عفرين». وثّق الرجل كل مواسم الزراعة في عفرين، منذ بداية كل موسم حتى القطاف. يقول «حاولت اختزال كل ما في حلب وعفرين بصورة، لكنهما بالنسبة إلي أبعد من حدود الوصف، وأجمل من كل تلك الصور». يمسك بيديه أحد الأقراص التي كتب عليها باللغة الكردية، ويكمل حديثه «أعتني بالأشرطة كما أعتني بأولادي، أبعدها عن الرطوبة كل فترة، أشغلها دورياً، وأبدل الغلاف أو العلبة التي تحتوي كل شريط». يصمت لحظات، ثم يقول «وجودي يكمن في هذا الأرشيف. أنا موجود، أنا أرشيف». غادر عبدين مدينته عفرين، في مطلع عام 2018، ولم يصطحب معه أي شيء من منزله سوى أشرطته، لأن «الأرشيف لا يباع ولا يُشترى. وهو أغلى ما أملك». يقطن عبدين حالياً إحدى قرى ريف حلب الشمالي، في منزل صغير جداً، أفرد مساحة واسعة منه لأشرطته. «للتصوير نشوة خاصة لدي، أستطيع تشبيهه بهرمون السعادة» يقول عبدين، ثم يغمغم «أرشيفي أكبر من مجرد صور وفيديوات. هو ذاكرة كاملة. للصور ذاكرة لا تنسى، حتى ولو نسينا نحن».

0 تعليق

التعليقات