وهاجم الجيش الإسرائيلي، فجر أمس، «أهدافاً عسكرية» في إيران، رداً على هجوم صاروخي نفذته الأخيرة ضدّ الكيان في الأول من الشهر الجاري، حين أطلقت ما يقرب من 200 صاروخ باليستي طاولت عمق الأراضي المحتلة. وفيما لم تتضح بعد تفاصيل الضربة الإسرائيلية، وحجم الأضرار الناتجة منها، ثمّة ما يشاع عن أن الهجمة التي نُفّذت بواسطة المقاتلات الحربية، هدفت إلى ضرب منشآت الدفاع الجوّي وإنتاج الصواريخ والطائرات من دون طيار. وتشير التقديرات الأولية إلى أن الهجوم كان «محدوداً»، وأمكن السيطرة عليه، بعدما أظهر الإحجام الإسرائيلي عن استهداف منشآت الطاقة الإيرانية، وتلك النووية، خلافاً لبعض التقدیرات، أن كيان الاحتلال لم يكن ينوي رفع مستوى التوتر مع الجمهورية الإسلامية درجات عدّة في هذه المرحلة.
ويبدو هذه المرّة أن الضغوط الأميركية كانت فعّالة لجهة إقناع المسؤولين الإسرائيليين بالردّ بطريقة محدودة على الهجوم الصاروخي الإيراني، كما يبدو أن المشاورات الديبلوماسية التي اضطلع بها وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، خلال الشهر الجاري، حدّت من الهجمة المضادة. كذلك، تضع إسرائيل في مقدمة أولوياتها، راهناً، الحرب على لبنان، إذ يبدو أنها تفضّل عدم الدخول في حرب عسكرية واسعة النطاق مع إيران، لأن من شأنها أن تشكّل تحدّياً لقدرتها على إدارة الحرب على عدّة جبهات. وفي هذا الشأن، رأت بعض الأوساط السياسية والإعلامية في إسرائيل أن الهجوم الأخیر علی إیران كان «ضعيفاً»، وأنه لا يرقى إلى مستوى التهديدات التي أَطلقها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، بعد الهجوم الصاروخي الإیراني. وفي مقابل تلك الانتقادات، دافع ديوان رئيس الوزراء بأن «أنباء امتناعنا عن ضرب منشآت نووية ونفطية إيرانية بسبب ضغط أميركي كاذبة»، مضيفاً «أننا حددنا أهداف الهجوم على إيران مسبقاً بما يتناسب مع مصالحنا القومية». لكن «القناة 13» عادت وأكدت أن «إسرائيل قررت مهاجمة منشآت النفط والطاقة في إيران، إلا أن الخطة توقفت بعد محادثات مع واشنطن”.
الأولوية بالنسبة إلى إيران هي حماية وحدة أراضيها ومواجهة مشروع إسرائيل لتغيير النظام الإقليمي
على الضفة الإيرانية، أظهرت ردود الفعل الأولية ميل طهران إلى «التقليل» من شأن الهجوم الإسرائيلي علیها، إذ قالت هيئة الدفاع الجوي الإيرانية، في بيان، إن إسرائيل هاجمت نقاطاً عسكرية في محافظات طهران وخوزستان وإيلام، على رغم تحذيرات المسؤولين الإيرانيين. وأوضحت أن أنظمة الدفاع الجوي تصدّت للهجمات بنجاح، لكن وقعت «أضرار محدودة»، فيما «يجري فحص مدى الهجمات». وفي هذا السیاق أيضاً، شدّدت الناطقة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، على أن «قوة الدفاع الجوي لإيران في التصدّي للعدوان الصهيوني أحيت العزة الوطنية للإيرانيين»، معتبرة أن «الشعب الإيراني يفتخر اليوم بالقوّة الدفاعية لبلاده ويثق بها». وأضافت: «كما أظهرت البيانات الرسمية للدفاع الجوي للبلاد، فإن الأضرار كانت محدودة، ومن الضروري على الأهالي الكرام التزام الهدوء والابتعاد عن الشائعات ومتابعة الأخبار فقط من وسائل الإعلام الرسمية وبيانات قوة الدفاع الجوي». کذلك، أكد مصدر مطلع، لوكالة «تسنيم» القریبة من «الحرس الثوري»، أن «ادعاء الجيش الإسرائيلي استهداف 20 موقعاً في إيران غير حقيقي، والأهداف أقلّ من ذلك بكثير». ولفت إلى أن إسرائيل لم تستهدف أيّ «مركز عسكري لحرس الثورة في طهران»، وأن الهجوم تمّ من خارج الحدود الإيرانية وتسبّب بأضرار محدودة، ولكن «إسرائيل تسعى إلى تضخيم حجم هجومها الضعيف”.
من جهته، قال عضو «مجمع تشخيص مصلحة النظام» والقائد السابق لـ»الحرس الثوري»، محسن رضائي، إن «عدوان الاحتلال الصهيوني على إيران كان أكثر من مجرّد استعراض للقوّة، ويشير إلى خوف هذا الكيان». وفي الوقت ذاته، أعلن الجيش الإيراني مقتل أربعة جنود إيرانيين في الضربات الإسرائيلية. كذلك، نددت وزارة الخارجية الإيرانية بالهجمات الإسرائيلية على البلاد، مؤكدة امتلاك طهران «حقّ الدفاع عن النفس» وفق ميثاق الأمم المتحدة. وقالت الخارجية، في بيان، إن «العدوان الإسرائيلي على منشآت عسكرية» في إيران، يُعدّ انتهاكاً للقانون الدولي. > Hussein Ibrahim: وأضافت أن «طهران، وكما أكدت مراراً، تمتلك حق الدفاع عن نفسها كما هو منصوص عليه في المادة الـ51 من ميثاق الأمم المتحدة، ضد الأنشطة العدوانية الخارجية”.
وفي هذا الإطار، قال مصدر إیراني مطّلع، في حديث إلى «الأخبار»، إن «إيران تحتفظ بحق الدفاع عن نفسها ضدّ أيّ عدوان، وقد أعلنت ذلك رسمياً. لكن ما إذا كان ردّها سيكون فورياً وسريعاً، فلا شيء واضح بعد، وسيتم اتخاذ القرار بناءً على المتطلبات الأمنية والسياسية والظروف العامة للحرب في المنطقة». وأضاف: «الأولوية بالنسبة إلى إيران هي حماية وحدة أراضيها ومواجهة مشروع إسرائيل لتغيير النظام الإقليمي والقضاء على محور المقاومة”.