تفاعلت الأخبار عن توقيف فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي لعضو حركة «حماس» خليل أبو المعزة (وهو الذي يقول أبناء قطاع غزة إن اسمه هو نور الدين أبو المعزة). وإلى جانب متابعة التحقيقات معه، فقد عُلم أنه سُمح له بالتحدث هاتفياً مع عائلته في قطاع غزة، وأنه نفى لهم أن يكون متورّطاً في عمل يخدم العدو. وطلب توكيل محامٍ للدفاع عنه.

وقد سارعت قيادة حماس بشكل داخلي وشبه علني إلى نفي أن يكون الموقوف بشبهة التعامل مع العدو، قد لعب أي دور حسّاس ضمن إطار الأجهزة المعنية بعمل المقاومة في الضفة الغربية أو حتى داخل كتائب القسام خارج فلسطين. وعُلم أيضاً أن التواصل مستمر بين مسؤولين من الحركة في بيروت وقوى الأمن الداخلي، للاطّلاع على حقيقة ما هو موجود من أدلة لدى فرع المعلومات وحول الاعترافات التي أقرّ بها.
وقد لفت معنيون إلى أن ما تسرّب من اعتراف أبو المعزة بدور له في تعطيل عمليات للمقاومة، تعتبره مصادر فلسطينية بارزة جزءاً من «الجهد التضليلي الذي قام به العدو» مشيرة إلى أن اجهزة الاستخبارات الإسرائيلية عمدت إلى الطلب من السلطات التركية إبعاده عن أراضيها، وقدّمت لها معطيات عن «أدوار مفترضة لأبو المعزة بينها تجنيد خلايا في الضفة الغربية وأراضي الـ48». وقالت المصادر إن «هذه المعطيات هي التي دفعت السلطات التركية إلى إبعاده». لكنها قالت: «إنه لا يوجد في سجلات المقاومة أي عمل من النوع الذي ادّعاه العدو، بل هناك معطيات عن خلايا وهمية اخترعها العدو بقصد إقناع الآخرين، من تركيا إلى غيرها، بأن لدى الموقوف عملاً ميدانياً يخصّ المقاومة في فلسطين.

المقاومة توضح
وفي معرض توضيح حقيقة المعطيات المتداولة، تحدّث قيادي بارز في المقاومة الإسلامية في فلسطين لـ»الأخبار» موضحاً أن «ما تمّ تسريبه حول ما قيل بأنه اعترافات للموقوف لدى شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني تضمّن أخباراً لا أصل لها، وتضمّن الكثير من المبالغات التي لا تعكس مهنية وجدية في العمل في هذا المضمار من مقارعة العدو».
وتوقّف القيادي أمام «تسريب تحقيقات لم تصل إلى حدّ الاتهام، ولم ينظر فيها القضاء بعد» قائلاً: «إن الحذر واجب، نظراً إلى أنه سبق أن صدرت تسريبات عن موقوفين بالتهم نفسها، وتبيّنت خلال محاكمتهم أمام القضاء اللبناني براءتهم منها». وأعرب القيادي عن «أسفه لأن تعمد جهات أمنية إلى تسريب معطيات إلى الإعلام قبل التثبّت النهائي من صحتها، خصوصاً أنها معلومات لا تزال في طور التحقيق، كما أن معظمها يتعلق ببيئة لا يعمل فيها هذا الجهاز الأمني المعني بالملف، ولا اطّلاع لديه حول طبيعة الصراع فيها مع الكيان الصهيوني».
وأكّد القيادي أن المعركة الأمنية مع العدو «أوسع وأشرس مما يتخيّله من لن ينخرط في المواجهة مع هذا العدو، وأن نجاح هذا العدو في تجنيد بعض العناصر، لا يعني أنه يجب المبالغة في رسم صورة تتجاوز حدود الواقع من حيث دور الموقوف الذي لا يحمل صفة قيادية أو موقعاً ككادر متقدّم في المقاومة».
وعما إذا كانت المقاومة الفلسطينية تملك تفسيرات خاصة حول خلفية تسريب نبأ اعتقال أبو المعزة والمعطيات حوله، قال القيادي: «إن المقاومة لا تتعامل مع النوايا، لكن طريقة التسريب ومضمونه قد يشكلان خدمة للعدو، سيما أنه يمكن استغلال الأمر للنيل من المقاومة، ومن حركة «حماس» على وجه الخصوص، في ظل سعي أميركي وإقليمي وصهيوني للقضاء على الانتفاضة والمقاومة المتصاعدة في الضفة الفلسطينية». وأعرب القيادي نفسه عن «عتب المقاومة على «الأخبار» التي تحظى بتقدير المقاومة وجمهورها، لجهة عدم التأكد من مضمون التسريبات قبل نشرها».

العاروري: لا علاقة له بعمل الضفة
وكان مسؤول الضفة الغربية في حركة «حماس» الشيخ صالح العاروري نفى أن يكون أبو المعزة كادراً في الحركة، مؤكداً عدم علاقته بأي عمل عسكري أو أمني فيها. وقال في تسجيل صوتي وُزع أمس: «إن الموقوف اسمه نور الدين وليس خليل أبو المعزة، وإنه خرج قبل أربع سنوات من غزة إلى تركيا، وادّعى أمام الحركة أنه كان في قوات النّخبة التابعة لكتائب القسام، وعمل في ملف الضفة. ولدى سؤاله عن المسؤولين الذين كان يعمل معهم في القطاع، وفق ادّعائه، لم يُعطِ إجابات دقيقة في البداية، قبل أن يتمكن من تسميةِ شخص أو شخصين».
ووفق العاروري، «تمّ التواصل مباشرةً مع المعنيين بملف الضفة في غزة، الذين نفوا أي علاقةٍ لهم به. أمّا «القسام»، فبيّن أن أبو المعزة كان مُجنّداً، قبل طردِه بناءً على قضايا مالية. وهو ما أدّى إلى تولُّد نقمةٍ لديه، ليستغلَّ جهاز الشاباك الأمني الإسرائيلي الفرصة ويعمل على تجنيده».
وكشف العاروري أن أبو المعزة «حاول بعد ذلك التواصل معه في مسجدٍ كان يتردّد إليه في تركيا، قبل أن يصدَّه ويطلب منه عدم التواصل معه مجدداً»، مؤكداً أن «ابو المعزة لم يستطع أن يُفيد العدو بشيء لا في غزة ولا في تركيا». وجزم العاروري بأن أبو المعزة «لم يدخل مكتباً من مكاتب الحركة، ولم يعمل لحظة واحدة في ملف الضفة الغربية ولم يكن له صلة بأحد»، مضيفاً أن أبو المعزة وبعد انتقاله إلى لبنان، «لم يقترب أبداً من أي عمل عسكري أو أمني ولا من مواقع قيادية ولا يستطيع الاقتراب من أمور كهذه».

سلطة الاصطياد في الماء العكر
وفي محاولة غير موفّقة لاستغلال عملية توقيف المشتبه في تعامله مع العدو، سعت دوائر التنسيق الأمني مع العدو في السلطة الفلسطينية في رام الله إلى محاولة استغلال الأمر، بقصد تحميل «حماس» المسؤولية عن أحداث سابقة في مخيمات لبنان. وقد تلقّى عناصر حركة «فتح» في لبنان تعميماً صادراً عن القيادة، كُتب بإشراف أجهزة السلطة في رام الله، ورد فيه أن إسرائيل «تستفيد من أدوات تتخذ من الإسلام ستاراً لتقضي على المشروع الوطني الفلسطيني ليحل مكانه مشروع البدائل المدعومة صهيونياً كما كانت روابط القرى في فترة من الفترات».

تقديرات المقاومة أن العدو ضلّل التحقيق بتسريب معلومات عن أدوار وهمية في الضفة وأراضي الـ 48


وشنّ التعميم حملة على «الأبواق الدينية المسماة شيوخاً وأئمة، وقد لمسنا وشاهدنا ماذا حصل في جنازة حمزة شاهين في البرج الشمالي من تحريض على قوات الأمن الوطني وعلى حركة فتح عموماً، وشاهدنا بعده التحريض أيضاً بعد اغتيال اأخ العرموشي وما حصل من أحداث دموية كانوا يقودونها إعلامياً ومشايخياً، والتجييش الذي حصل من مشايخ الجهاد والتحرير المقدّس حين خطبوا بمئات من الأفراد و»دفشوهم» للموت على الشريط الشائك عند الحدود الفلسطينية اللبنانية منذ بضع سنوات، كما يتم دفع الناس الآن على الحدود الغزية مع اﻻحتلال عندما تنقطع الدوﻻرات عن أمراء الإنفاق، أو تتأخر الشنطة عن الوصول إلى مطار بن غوريون».
واتّهم التعميم «حماس بأنها تدمّر وتخرّب، بينما فتح تبني وتحافظ»، وأنه «بات لزاماً على حركة حماس أن تعتذر بلغة واضحة من الشعب الفلسطيني، إن اعتبرت نفسها أنها فعلاً من النسيج الوطني الفلسطيني». وختم التعميم بما أسماه «رسالة مفتوحة وواضحة إلى كلّ قيادات حماس، وإلى كل أذنابها، بأن مخيماتنا في لبنان كانت وما زالت بحماية قوات الأمن الوطني الفلسطيني». وأورد التعميم عبارات اشتهر قادة سلطة التنسيق الأمني مع الاحتلال بتكرارها، مثل القول بأن إسرائيل هي من «اخترع ما يُسمى بحركة حماس، وغذّاها وأدخل فيها تجار الدين وعملاءه ومخبريه، كي يدمّروا مشروع تحرير فلسطين».