يُحمِّل الجيش اللبناني مسؤولية كارثة «مركب الموت» الذي غرق قبالة سواحل مدينة طرابلس، وعلى متنه أكثر من 70 مهاجراً، من بينهم نساء وأطفال، إلى «عصابة أشرار» تتألف من مُهرّبين، من دون أن يلغي فرضية التدخل في أثناء الملاحقة التي حصلت للمركب في عمق المياه فجر السبت الماضي 23 نيسان، غير أن الإجابة عن هذه التساؤلات ستكون من مهمة التحقيق، الذي عُهِدَ بحسب معلومات «الأخبار» إلى مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، بناءً على إشارة مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي.التحقيقات وفق المعلومات، ستجرى في بيروت وستحاول الإجابة عن التساؤلات التي طرحت في أعقاب الحادثة: طبيعة علاقة الجيش بإغراق المركب عمداً، ومسؤولية المهرّبين عن تنفيذ مناورة أدّت إلى وقوع الكارثة. وبحسب المعلومات، استمع أمس في مديرية المخابرات في اليرزة إلى قبطان السفينة م. ج. وهو سوري الجنسية، على أن يجري لاحقاً وفور انتهاء مراسم تشييع الضحايا، استدعاء ما أمكن من ناجين للاستماع إليهم. هذا على الضفة المدنية، أما على المستوى العسكري، فسيصار إلى الاستماع للضابط والعناصر الذين شاركوا في الملاحقة العسكرية في البحر، للوقوف على طبيعة دورهم وما تردّد عن تعاملهم بقسوة مع المهاجرين. ولغاية الساعة، تنفي مصادر متابعة لمسار التحقيقات وجود موقوفين.
تبحث التحقيقات في احتمال أن يكون الارتطام سبب تشقّق المركب


من جهة أخرى، ما زال الجيش اللبناني يتعامل مع الاتهامات الموجهة إليه بناءً على ما قدّمه خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده قائد القوات البحرية في الجيش العقيد هيثم ضناوي الأحد 24 نيسان، وكشف خلاله أن المركب الذي غرق «صناعة عام 1974 ويبلغ طوله عشرة أمتار وعرضه 3 أمتار والحمولة المسموحة له هي لـ 10 أشخاص فقط ولا وجود لوسائل أمان فيه، وأن الدورية حاولت منع المركب من الانطلاق، لكنه كان أسرع منا. فيما حمولته لم تكن تسمح له بأن يبتعد عن الشاطئ». واتهم ضنّاوي ربّان المركب باتخاذ القرار بتنفيذ مناورات للهروب من الخافرة بشكل أدى الى ارتطامه بنا. وبحسب معلومات «الأخبار»، تتمحور تحقيقات مديرية المخابرات في هذا الشق حول مدى احتمالية أن تكون الضربة الناتجة من الارتطام هي التي تسببّت بشق المركب، ما أدى إلى غرقه، أو أن هناك تدخلاً جاء من جهة الخافرة، وهذا يحتاج إلى تدقيق تقني، مع العلم بأن الأوامر التي تعطى في مثل هذه الحالات تفرض منع اقتراب الخافرة من المركب إلى المسافة الصفر مع التزام شديد بتوجيه نداءات عبر مكبرات الصوت.
من جانب آخر، حصلت «الأخبار» على مستندات تظهر ملكية القارب المنكوب. وبحسب الوثائق، انتقلت الملكية بتاريخ الأول من نيسان 2022 من السيدة ه. يوسف إلى المدعوّين م. ر. الدندشي و م. ل. الحموي، بمبلغ قارب الـ 30 ألف دولار أميركي. وفي حين تتريّث مديرية المخابرات في استدعاء الدندشي إلى التحقيقات لدواعٍ إنسانية، عُلم أن الحموي متوارٍ عن الأنظار منذ تاريخ حصول الحادثة. وتشير المعلومات إلى أن الدندشي والحموي يقفان خلف المسؤولين عن غرق مركب مهاجرين غير شرعيين منذ مدة قصيرة، كان قد نجح في الفرار من الملاحقة العسكرية وتجاوز منطقة الـ 12 ميلاً بحرياً (المياه الإقليمية) قبل أن يتعرّض للغرق، فبادر حينها المهرّبون إلى التواصل مع الجيش لإنقاذهم.