يبدو أن الجهد الذي يقوم به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتوفير حصانة شاملة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بدأ يحصد بعض النتائج، أبرزها تجميد التحقيقات التي يجريها القاضي جان طنوس. حصل ذلك بمشاركة النائب العام التمييزي غسان عويدات الذي امتثل لقرار رئيس الحكومة بمنع طنوس من إكمال مهمته في تحصيل كشوفات عن حسابات رجا سلامة من خمسة مصارف لبنانية، ما يجعل الأمر ليس دفاعاً فقط عن سلامة، من ميقاتي ومعه الرئيسان نبيه بري وسعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط والبطريرك الماروني بشارة الراعي، بل دفاعاً عن المصارف نفسها، وصولاً الى قول أحد المراجع: ليأخذوا سلامة ويتركوا المصارف!وفيما ترددت معلومات عن مراسلات جديدة بين بيروت وعواصم أوروبية حول ملف سلامة، لا يبدو أن القاضية غادة عون ستجد جهازاً أمنياً رسمياً ينفذ قرارها بإحضار سلامة الى التحقيق. ووصل الأمر بالمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الى القول إنه يملك الحق في تفسير القانون، وإن السرية المصرفية تمنع على الضابطة العدلية تنفيذ قرار قضائي مخالف للدستور، وإنه ملتزم بتعليمات وزير الداخلية بسام المولوي الملتزم بدوره بتعليمات رئيس الحكومة بعدم تنفيذ أي أمر قضائي بحق سلامة.
من جهته، لا ينفي عويدات احتمال تعرّضه وآخرين لاتهام من الجهات الأوروبية المعنية بالتحقيقات، بعرقلة التحقيق الذي يقوم به طنوس، لذلك لا يمانع بأن يتولى النائب العام المالي علي إبراهيم مهمة الادعاء على سلامة. فيما يقول إبراهيم إن الملف ليس بين يديه وإنه يحتاج إلى وقت لدراسته وربما إلى إعادة التحقيقات. عدا عن كونه يخضع بدوره لرأي مرجعيته السياسية ــــ أي الرئيس بري ــــ الذي لا يعتقد بأن على إبراهيم تولّي مهمة يجب أن يقوم بها غيره. ويبرر رئيس المجلس الأمر بأن على مجلس الوزراء اتخاذ القرار.
لن تجد القاضية غادة عون جهازاً أمنياً رسمياً ينفذ قرارها بإحضار سلامة إلى التحقيق


في غضون ذلك، كشفت وكالة «رويترز» في تقرير أمس عن «مخالفات مالية جديدة» لحاكم مصرف لبنان. وأضافت إن «مصرف لبنان المركزي فرض لمدة تتجاوز 10 سنوات عمولات على البنوك التجارية عند شراء الأوراق المالية الحكومية، من دون توضيح أن الجزء الأكبر من تلك العمولات ذهب إلى شركة يسيطر عليها شقيق محافظ البنك المركزي»، بحسب وثائق قالت الوكالة إنها اطّلعت عليها. وأوضحت الوكالة أنها اطّلعت على أربعة عقود بين مصرف لبنان ومصرف تجاري لبناني يعود تاريخها إلى الفترة بين 2004 و2014، تنص على أن «البنك الذي أبرم العقد وافق على دفع 3/8 عمولة بنسبة 1% على مشتريات شهادات الإيداع الحكومية بقيمة ملايين الدولارات». غير أن العقود التي اطّلعت عليها «رويترز» لا تشير إلى شركة «فوري أسوشييتس» التي يسيطر عليها رجا سلامة، شقيق حاكم البنك المركزي. ونقلت الوكالة عن اثنين من كبار المديرين التنفيذيين في صناعة التمويل، لم تذكر اسميهما، قولهما إن «هذه العقود كانت قياسية بالنسبة إلى البنوك التجارية التي تقوم بمثل هذه المشتريات في ذلك الوقت»، فيما قال المتحدث باسم مصرف لبنان، حليم بيرتي، للوكالة إن مجلس إدارة المصرف المركزي «لا يمكنه الرد على أسئلة بشأن قراراته لأن الحاكم وحده هو المخوّل بالتحدث نيابة عن البنك». ولفتت الوكالة إلى أن هذه العمولات وإلى أين ذهبت موضع تحقيقات في أوروبا ولبنان.