بعد إساءتها الأمانة، وتبديدها ودائع اللبنانيين، بالتّكافل والتضامن مع حاكم «المركزي» والحكومات المتعاقبة، طمعاً بأرباحٍ راكمتها على مرّ السّنين، تشكو المصارف اليوم من إثقالها بـ«التزامات قانونية ونظامية لا طاقة لها على تحملّها»، إذ تفضّل المصارف رميَ تلك الأثقال على اللبنانيين، وتحميلهم مسؤولية فشلها في القيام بواجباتها، علماً أن تلك الالتزامات التي تتحدّث عنها المصارف اليوم، ساهم بضعها على مدى عامين، ولا يزال، في ترميم الفجوة المالية في حسابات الدولار لديها، على حساب انفلات نسب التّضخم إلى مستويات خيالية.
واعتبرت «جمعية المصارف»، في بيان بعد اجتماع استثنائي، أنه «لا يجوز الاستمرار باستنزاف المصارف لأغراض آنية دون تحديد المسؤوليات ومعالجتها بشكل عادل». وعن تحميلها مسؤوليتها من الخسائر، التي يدور النقاش حالياً في الحكومة وفي المفاوضات الجارية مع «صندوق النقد الدولي» حول توزيعها، وصف المجتمعون تحميل مصارفهم جزءاً من الخسائر التي تسبّبوا بها، هم، بـ«التّضحيات»، داعين إلى أن تكون «محدّدة وفعّالة وليست هدراً إضافياً لأموال المودعين ولمقدرات البلد»، التي هدرتها المصارف ذاتها، عن سابق تصميم ودراية.

ولم تكتفِ المصارف بذلك، بل طلبت من الدولة أيضاً أن تسعى إلى «دعم وتثبيت قدرات القطاع المصرفي» من أجل «إعادة تأهيل وبناء الاقتصاد»، الذي كان طيلة سنوات في خدمتها، بدلاً من أن تكون في خدمته.

وعلى وقع صدور أحكام في عدّة دعاوى مرفوعة في الخارج من قبل مودعين، أُلزمت المصارف بموجبها إعطاء رافعي الدّعاوى عليها حقوقهم المودعة لديها، وبعد عدم تمكّن صيغة الـ«كابيتال كونترول» المطروحة من المرور في مجلس النواب، والتي تتضمن بنداً فيها يمنع رفع دعاوى على المصارف في الخارج، بمفعول رجعي، نبّهت الجمعية من «خطورة التّشريع جزائياً بمفعول رجعي، وفقاً لعدد من المشاريع المطروحة»، محذرةً من أن هذه المشاريع المطروحة في حال إقرارها من شأنها أن تحمل المصارف المراسلة الأجنبية إلى «وقف التعامل مع القطاع المصرفي اللبناني»، وحمل المودعين إلى «وقف الإيداعات، بما فيها الأموال الجديدة لدى المصارف اللبنانية».

ويأتي بيان المصارف اليوم، مع بدء تطبيق التعميم 161 الذي يُلزم المصارف دفع مبالغ الليرة اللبنانية العائدة لعملائها بالدولار الأميركي، وفق سعر صرف «منصة صيرفة». وفي البداية، حدّد «المركزي» نهاية الشهر الجاري موعداً لنهاية مفعول التّعميم، إلّا أنه عاد اليوم ومدّده حتّى نهاية الشهر المقبل. وكانت المصارف قد شهدت اليوم زحمة خانقة من قِبل موظفي القطاع العام الذين توافدوا لقبض رواتبهم بالدولار الأميركي، وفقاً للتعميم المذكور.

وفي موقف لافت، بعد الذّل الذي تعرّض له موظفو القطاع العام اليوم أمام أبواب المصارف، توعّد المدير العام لهيئة «أوجيرو»، عماد كريدية، في تغريدة، بأنه «في حال تعذّر على موظفي أوجيرو غداً الاستفادة من تعميم مصرف لبنان رقم 161 مع الحفاظ على كامل كرامتهم، ستتوقف فوراً خدماتنا عن المصارف الممتنعة».