في كل مرة، يُعاب على الضحية أنها لم تكن على القدر نفسه من الإجرام أو الوقاحة في ردها على القاتل. يُعاب على من قُتلوا غيلةً وغدراً في الطيونة أول من أمس، أنهم فشلوا في الدفاع عن أنفسهم. لكن، هل سبق أن تحدّث أي من المقتولين في صبرا وشاتيلا، في النبعة وضبية، في زغرتا والصفرا، في بعبدا والحازمية وثكنة سعيد في عين الرمانة، في كرم الزيتون وكورنيش النهر، في شكا والبترون والكورة، في وادي شحرور والكحالة وجرد المتن الشمالي...؟ هل سمع أحد رواية هؤلاء؟ ما سمعناه، طوال الوقت، أنهم لم يكونوا على قدر «المسؤولية»، أي أنهم لم يكونوا مجرمين بقدر القاتل الآتي إليهم جاهزاً ومصمماً ومخططاً، ومعه صك غفران أعطاه إياه كاهن حاقد تربّى على زرع الخوف في قلوب رعيته، وأقنعهم بأن مفاتيح الجنة في جيبه، ينالها من يرضيه بالقرابين من دماء الأقربين قبل الأبعدين.