نحو تحويل الحبوب إلى «كومبوست» صالح للزراعة وإلى حطب أو وقود بديل
اللافت هو التضارب بين بعض نتائح الفحوصات، وعدم تطابقها، خصوصاً في ما يتعلق بالسموم الفطرية، مع نتائج الفحوصات التي أجرتها وزارة الزراعة في أحد المختبرات التي تعتمدها والتي أتت صالحة للاستهلاك البشري. وفي إحدى الصوامع أتت نتائج نسبة الأفلاتوكسينات في عينات الجامعة الأميركية 4.5 أضعاف عينات وزارة الزراعة، ويعود ذلك إلى أن العيّنات أُخذت من مستويات مختلفة من الصوامع، علماً أن هناك اختلافاً كبيراً في درجة الحرارة ونسبة الرطوبة بين المستويات المختلفة. ولكن، في المحصلة، فإن التصدّع الذي أصاب الصوامع ورطوبة البحر وتساقط الأمطار... جعلت من هذه الحبوب بيئة ملائمة للتلوث الكيميائي والجرثومي وخصوصاً الفطري.
في ضوء هذه المعطيات، اقتُرح (من خارج اللجنة) استعمال الحبوب كعلف حيواني. لكن لم يؤخذ بالاقتراح لسببين، الأول عدم الثقة بعدم لجوء بعض التجار إلى التزوير وتحويل الحبوب إلى الاستخدام البشري، والثاني هو أن استخدامها علفاً سيعني دخول هذه الملوثات الكيميائية في الحلقة الغذائية عبر المنتجات الحيوانية من لحوم وبيض وحليب وغيرها. أما اللجنة فاقترحت، بناء على تجارب في إدارة كوارث مشابهة، إتلاف هذه الحبوب بحرقها أو رميها في عمق البحر أو تحويلها إلى إيثانول عبر شركات صناعية.
منذ أيلول الماضي، عُقدت لقاءات عدة بدعوة من نعمة حضرها ممثلون عن الجيش ووزارتي البيئة والزراعة وفريق الخبراء المحليّين والدوليّين بدعم من السفارة الفرنسية. وتم التوافق على اعتبار الحبوب، بالاستناد إلى القوانين المحلية والدولية، غير صالحة للاستهلاك البشري أو الحيواني، وبمثابة نفايات صلبة يجب التخلص منها. وفيما اعتبرها البعض نفايات خطرة يفترض ترحيلها وفق اتفاقية بازل الدولية لنقل النفايات عبر الحدود، اعترض آخرون على هذا التصنيف غير الوارد في نتائج فحوصات العينات. وجرى البحث في كيفية فصل الحبوب عن النفايات الناجمة عن عملية هدم الإهراءات، بعدما تبين صعوبة تفريغها دون هدمها ما يؤدي إلى مزيج نفايات صلبة مكونة من نفايات حبوب واسمنت.
وتطرّق البحث إلى الأساليب التي يمكن اعتمادها لمعالجة الحبوب، منها التخمير في معامل متخصصة لاسترداد الإيثانول، أو في محارق متخصّصة، أو تصديرها للمعالجة في الخارج، أو طمرها في مطامر صحية أو دفنها في عمق البحر أو تخميرها لتحويلها إلى «كومبوست». وشكّلت وزارتا الاقتصاد والبيئة، الأسبوع الماضي، لجنة مصغرة لاتخاذ القرار والبدء بالإجراءات. وعلمت «الأخبار» أن وزير البيئة ناصر ياسين يدفع نحو إعطاء الحلول المحلية أولوية على الترحيل، خصوصاً إذا كانت لهذه الحلول قيمة مضافة، كالاستفادة من الحبوب في التخمير وتحويلها إلى «كومبوست» وتوزيعها على المزارعين. ويبدو أن الاتجاه هو للسير في هذا الحل، خصوصاً بعدما تبيّن أن معمل التخمير التابع لبلدية زحلة يمكنه استيعاب قسم من هذه الحبوب لتحويلها إلى «كومبوست» صالح للزراعة، وبعدما أبدت بلدية زحلة موافقة على الأمر، على أن يخصّص القسم المتبقّي للكبس واستخدامه كحطب أو كوقود بديل، وقد أبدت ثلاثة معامل استعدادها للقيام بهذه التجربة.
في انتظار ذلك، تبقى الخشية قائمة من عملية التخمير التي قد تؤدي إلى حرائق بسبب تفاعل غاز الميتان وخطر انتشار الديوكسين المسرطن، لا سيما بعد ارتفاع الحرارة إلى أكثر من 60 درجة داخل الإهراءات، وهذا ما حدث فعلاً هذا الصيف. كما ظهرت أخيراً حشرات جديدة لم تكن موجودة العام الماضي.