أكثر من كابوس بحجم وطن. أكثر من ذكرى مُفجعة. الرابع من آب عنوان لكارثة استثنائية، لا تعرفها الشعوب إلا نادراً، وفي لحظاتها الأكثر قتامة وسواداً. كارثة عظمى غيّرت معنى الأشياء. إنّه يوم نهاية العالم كما نعرفه في بلد العيش الهانئ و«الكذبة التي صارت زلمة»، مثل «راجح» في «بياع الخواتم» (الأخوان رحباني). إنّه يوم موت الروح، بعد طول احتضار، بعد سنوات طويلة تركنا خلالها السرطان ينخر جسد الوطن. انكشفت للرأي العام عملية «سطو القرن»، ورحنا نعيش وقائع موت معلن: تسارع الانهيار الاقتصادي والنقدي، تبخّرت الأموال، وواصلت الإدارات والبنى التحتيّة تأكّلها، ودخلنا زمن الجوع والفقر والتسوّل. فيما أباطرة النظام واصلوا إدارة شؤون البلاد، بالعقلية نفسها، بالجشع والوقاحة والسلبطة إيّاها، كأنّ شيئاً لم يكن.