قبل نحو أسبوع، أعلن عدد من موظفي مُستشفى رفيق الحريري الحكومي الإضراب المفتوح احتجاجاً على «كيدية» الإدارة في التعامل معهم، مُطالبين برفع الغبن اللاحق بهم.
وقتها، قال الموظفون في البيان الصادر عنهم إنهم ــــ بخلاف الكثير من زملائهم ــــ لم يتقاضوا «فلساً واحداً» من المُساعدات العينية والمالية التي وردت إلى المُستشفى، رافضين ما سمّوه «الانتقائية» و«عدم المُساواة» ومناشدين إعطاءهم المُكافآت والحوافز أسوة بزملائهم. كما طالب هؤلاء بإعطاء الموظفي كافة مُساهمة مالية شهرية «لمواجهة الظروف الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد (..)».

وكانت آلية تعامل الإدارة برئاسة الدكتور فراس الأبيض مع ملف المُساعدات المالية التي تلقاها المُستشفى بسبب وباء كورونا قد أثارت الكثير من التساؤلات لجهة غياب المعايير الواضحة و«غموض» آليات الصرف باعتراف الإداريين داخل المُستشفى، فيما بات صيت «المزاجية» في أروقة الصرح الحكومي يسبق أي حديث عن معاملة الأبيض لمختلف الموظفين من أطباء وإداريين وممرضين وموظفين.

من هنا، أتت وقتذاك تحركات الموظفين الذين خرجوا هذه المرة عن «عباءة» اللجنة الناطقة باسمهم و«اجتهدوا» في الإعلان عن إضرابهم. إذ بدا واضحاً عدم رضى اللجنة عن الإضراب «بالرغم من موافقتنا على المطالب» على ما قال رئيس اللجنة بسام عاكوم، لافتاً إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن الظروف استثنائية «ولا يمكن للمرضى أن يقصدوا مُستشفيات أخرى». ومُضيفاً: «لا يمكننا أن نبتزّ الناس ونحارب الإدارة بهم»، علماً بأن الموظفين سبق أن أعلنوا أن الإضراب لا يشمل تعطيل الأعمال في كل من مركز اللقاح وقسم الطوارئ.

ظهر اليوم، أصدر الموظفون المنتفضون بياناً أعلنوا فيه تراجعهم عن الإضراب و«التعالي على جراحهم» بسبب «تهديدات مُبطّنة لبعض الموظفين المُضربين»، وبسبب «تعنّت الإدارة» ورفضها التام لمطالبهم. ما لم يقله البيان بشكل واضح وصريح هو أن السبب الرئيسي الكامن خلف تعليقهم الإضراب هو «الانقلاب» الذي أقدمت عليه اللجنة الناطقة باسم الموظفين و«المخترقة» بطبيعة الحال من قبل الأحزاب (حركة أمل والمُستقبل). ففيما اكتفى بيان التراجع بالإشارة إلى «المجموعة التي نصّبت نفسها لجنة ناطقة باسم الموظفين دون أي مسوغ قانوني»، أكدت مصادر إدارية أن «غدر اللجنة بالزملاء عبر توقيع اتفاق باسمهم يقضي بعدم الإقدام على الإضراب أدى إلى تراجع الموظفين المنتفضين».

المصادر نفسها رأت أن هذا الأمر لا يُعدّ مُستغرباً «كون أبرز أعضاء اللجنة من الموظفين المُرضى عنهم ممن حازوا المُساعدات والمُساهمات كونهم من المحظيين لدى الإدارة، ولهذا السبب لم يكن موقف اللجنة صارماً كما كانت الحال في قضية سلسلة الرتب والرواتب».

الجدير ذكره أن عاكوم نفسه كان قد وافق في اتصال مع «الأخبار» على واقع الاستنسابية، مُشيراً إلى أن عدداً من الموظفين في قسم المختبر تلقّوا مساعدات لأنهم مُقربون من رئيس الدائرة، «وكذلك في قسم المُشتريات حيث اختير عدد معين من الموظفين».

من جهته، قال الأبيض لـ«الأخبار» إن المُساعدات وصلت إلى «الجزء الأكبر من الموظفين» في إقرار ضمني بأنها لم تصل الى جميع الموظفين، لافتاً إلى أن تلك المُساعدات «استهدفت الموظفين العاملين في قسم كورونا» وأن المعترضين هم من «الإداريين»، «علماً بأن جميع الموظفين هم معرضون لخطر الإصابة» على ما يقول أحد الموظفين المنتفضين، فيما تدحض شهادات الكثير من الموظفين من مختلف الأقسام كلام الأبيض.

وبمعزل من «مصير» بقية المُساعدات التي كان يجب أن تُصرف قبل أشهر من الآن، فإن بيان الموظفين اليوم يُعد محطة مهمة على صعيد التحركات العمالية في المُستشفى الذي يضم نحو ألف عامل وأجير ومُستخدم، فهو يُبرز للمرة الأولى الخلاف الحاصل بين إدارة اللجنة وقاعدة كبيرة من الموظفين الذين باتوا يميلون إلى «التمرّد». وهو خلاف قديم «مُبطّن» لم يطفُ إلا أخيراً مع تزايد الأحداث. فهل يكون المُستشفى على موعد مع لجنة جديدة منتخبة؟ أم هل تنجح جهود الإدارة واللجنة الحالية في كبح محاولات «التمرّد»؟