أمضى جان عبيد ستة عقود، ثلثها الاول في الصحافة وثلثاها الباقيان في السياسة. ابن علما في قضاء زغرتا صار نائباً عن طرابلس من دون أن يكون من أبنائها، إلا أنه أقام فيها قرابة عقدين متنقلاً ما بين القبة والتربيعة، دارساً في الابتدائية المجانية ثم الفرير فعند الآباء الكرمليين فإلى ثانويتها الرسمية.نصف عقوده الستة في السياسة في الجمهورية الثانية المنشأة منذ الاستقلال، والنصف الآخر في الجمهورية الثالثة المنشأة في اتفاق الطائف. بذلك عرف الأولين في حكم لبنان وأبناءهم وأحفادهم، لكنه عرف أيضاً أبناء الحرب الذين أضحوا حكام البلاد.
قبل مقعد طرابلس (1992) الذي قيل إنه من أجله، مسمّى عليه وحده، عيّن نائباً عن الشوف عام 1991، لئلا يحل في أي من مقعدي زغرتا الشاغرين بوفاة سمعان الدويهي ورينه معوض، بعدما حل سليمان فرنجية الحفيد في مقعد والده طوني فرنجية. من ثم أضحى نائباً عن طرابلس في انتخابات 1992 و1996 و2000، قبل ان يعزف في انتخابات 2005 على إثر اغتيال رفيق الحريري. ترشح منفرداً في انتخابات 2009 وخسر رغم نيله 32750 صوتاً، فإذا هو نائبها غير الفائز لمقعد بدا انه لم يعد موجوداً من دونه. ترشح مجدداً في انتخابات 2018 متحالفاً مع نجيب ميقاتي ففاز.
وُزّر ثلاث مرات في حكومات رفيق الحريري: 1992 وزير دولة، و1996 وزيراً للتربية، و2003 وزيراً للخارجية.
إلمامه بالعقل السوري جعله مستشار رئيسين لبنانيين متعاقبين هما الياس سركيس وأمين الجميّل للشؤون السورية. عشية القمّة الاولى مع حافظ الاسد في 29 شباط 1984، اشترط عبد الحليم خدام إلغاء الرئيس اللبناني اتفاق 17 ايار (1983) قبل وصوله الى دمشق. أوشكت القمة أن تتعثر قبل أن يطلب الرئيس السوري من جان عبيد «تخريج» مغزى اللقاء. أعدّ مسوّدة بيان يقضي بتعهد نظيره إلغاءه رسمياً في بيروت بعد أن يُعلن من دمشق اتفاقه معه على هذا القرار. أصرّ عبد الحليم خدام على شرطه، فقال له جان عبيد: الحرب ليست هاربة من دربكم. أعلنتموها وهي قائمة. انتهى الامر بذاك المخرج.
منذ الانتخابات الرئاسية عام 1989 بات اسمه مرشحاً حتمياً لكل استحقاق تلاه: 1998 و2004 و2007.
مدرسته لا تضاهى في دروسها: العلاقات العامة والصداقات المفيدة. عنده تقاطع الاضداد ككميل شمعون وكمال جنبلاط، وسليمان فرنجية الجد ورشيد كرامي، وموسى الصدر وكامل الاسعد، قادة اليسار كمحسن ابراهيم وجورج حاوي واليمين كبيار وأمين وبشير الجميّل، عبد المجيد الرافعي في طرابلس وبعثيي سوريا في بيروت. تقاطع عنده ايضاً الزعماء الفلسطينيون، وأوّلهم ياسر عرفات وجورج حبش.
يُعثر عليه - هو الآتي من أجيال ما قبل الحرب - في أجيال ما بعد اتفاق الطائف كعمر كرامي وسليمان فرنجية الحفيد ووليد جنبلاط وصديقه الحميم لأكثر من أربعة عقود نبيه برّي، أكثر المتحمسين لرؤيته مرة بعد أخرى رئيساً للجمهورية.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا