بعد 10 أيام على تسليم وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني رئيس الجمهورية ميشال عون النسخة النهائية لاتفاقية التدقيق المالي الجنائي مع شركة Alvarez & Marsal، وقّع وزني العقد يوم أمس. الصيغة الموقّعة من وزير المالية جاءت مختلفة عما تمنّاه رئيس الجمهورية ميشال عون، على ما تقول المصادر، بعدما طلب من وزني الالتزام باقتراحَي هيئة التشريع والاستشارات: السماح لمجموعة «إيغمونت غروب» بأن تكون عضواً في اللجنة الرسمية اللبنانية التي ستتولى متابعة عمل «ألفاريز» للإشراف على مدى التزام هيئة التحقيق الخاصة بالقواعد الإلزامية التي تنظّم عملها، وإشراك هيئة الاستشارات بصفتها مستشاراً قضائياً مستقلاً للدولة، في اللجنة التي ستتابع عمل الشركة. يومها، أعرب وزني «عن تجاوبه مع طلب الرئيس عون، لكنه أشار الى فرضية عدم قبول شركة «ألفاريز» بهذه التعديلات، لافتاً الى أنه سيلتزم بما تقبله الشركة». على أن العقد الذي تبلغ قيمته مليونين و٢٢٠ ألف دولار، بصيغته الحالية، سينتج منه تقرير أولي سيأتي فارغاً من أي مضمون ومن أي محاسبة بسبب تقييد القوانين اللبنانية لعمل الشركة، وأبرزها قانونا السرية المصرفية والنقد والتسليف. وقد بدأ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبيل بدء تنفيذ عملية التدقيق بالانقضاض عليها. فوفقاً للمعلومات، أعدّ محامو سلامة دراسة تخلص الى عدم جواز وزارة المالية التوقيع بالنيابة عن مصرف لبنان كونه يتمتع بالاستقلالية المالية بموجب المادة 13 من قانون النقد والتسليف.ما تقدّم يمهّد لرفض الحاكم التجاوب مع طلبات شركة «ألفاريز» التي يفترض أن تبدأ عملها فور توقيع العقد، أو في فترة أقصاها أربعة أو خمسة أيام. ويجب على فريق التدقيق (مكوّن من 16 شخصاً بشكل عام، لكن الفريق الدائم والمعني بعملية التدقيق يتألف من 9 أشخاص)، أن ينجز التقرير الأولي للتحقيق الجنائي في غضون عشرة أسابيع من تاريخ توقيع العقد. مصادر مقربة من الرئيس عون، أشارت الى «امتعاضه من صيغة العقد النهائية التي وقّعت يوم أمس».
مصادر «الماليّة»: وزني مُلزم بتوقيع العقد من دون تعديل


في المقابل، تشير مصادر وزارة المالية إلى أن «وزني، وخصوصاً في فترة تصريف الأعمال، مُلزم بتوقيع العقد وفقاً لقرار مجلس الوزراء. ويحتاج إدخال أي تعديل عليه إلى قرار من الحكومة». وترى المصادر أن وزير المالية ينفّذ قراراً حكومياً، وأنه مفوّض بالتوقيع لا بالتعديل.
وعليه، ثمة من يسأل عما إذا كان هذا الحدث المستجدّ سيؤدي الى عرقلة في تشكيل الحكومة أو عدم توافق بين عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري حول ما جرى. وفي هذا السياق، برزت بعض الأحاديث عن مطالبة التيار الوطني الحر بحقيبة المالية من مبدأ المداورة، علماً بأن النائب في كتلة التنمية والتحرير أيوب حميد كان قد أعلن تمسك حركة أمل بوزارة المالية من منطلق الحفاظ على «التوقيع الشيعي الثالث» قبيل أن تجرى الاستشارات النيابية حتى. وهو ما اعتبره البعض استباقاً لاعتماد المداورة في وزارة المالية. من جهتها، نفت مصادر التيار الوطني الحر مطالبتها بأي وزارة بما فيها المالية، ناسبة هذه الشائعات الى «مجموعة متضررين من المبادرة الفرنسية وهم أنفسهم من حاولوا سابقاً الاتقلاب على العهد وعلى مجلس النواب». هؤلاء، تتابع المصادر، «بينهم قوى سياسية وإعلامية، منزعحون من الدور الذي يقوم به الرئيس عون اليوم كمحاور لدول العالم وركيزة لشرعية الدولة، فعمدوا الى الترويج المسبق لأكاذيب من باب عرقلة تشكيل الحكومة وتخريب التوافق المحلي والدولي». أما حديث التيار الوطني الحر عن المداورة، فأتى «بمعناه الإيجابي الذي يؤدي الى كسر الحصرية عن كل الوزارات والتخلي عن العرف السائد لإنجاز إصلاحات حقيقية. وادعاء مطالبة التيار بالمالية كذبة تفضح نفسها عبر حسم انتقال هذه الحقيبة الى الطائفة المسيحية وتدخل في إطار محاولة استكمال الانقلاب الفاشل. في مختلف الأحوال، التيار أكد تسهيله عملية التشكيل، سواء كان ممثلاً في الحكومة أو قرر عدم المشاركة فيها».
وبحسب مصادر معنية بمفاوضات التأليف، فإن الحكومة يمكن أن تُبصِر النور قريباً، لأن المشاورات التي يجريها الرئيس المكلف مصطفى أديب مع ممثلي الكتل النيابية الرئيسية تكشف وجود نية بعدم عرقلة التشكيل، وعدم ممانعة أي فريق بوجود حكومة مصغّرة. كذلك تشير المصادر إلى أن حقيبة المالية محسومة لوزير شيعي، «لأن هذا الأمر محسوم في اتفاق الطائف، أسوة بمذاهب الرئاسات الثلاث، المتفق عليها من دون نص مكتوب». ولفتت المصادر إلى أن المحسوم أيضاً هو ألّا يتولاها وزير حزبي، ولا وزير خاضع للإملاءات الحزبية.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا