لم تهدأ «العاصفة الأرثوذكسية» في بيروت بعد. منصب المحافظ يشغر بعد 4 أيام ويضع المعنيين أمام خيارين: إما تعيين محافظ بديل وسط فيتو من المطران إلياس عودة على مستشارة رئيس الحكومة، وإصرار المطران على المشاركة في التسمية، وإما وضع بلدية بيروت تحت وصاية محافظ جبل لبنان
تنتهي ولاية محافظ بيروت القاضي زياد شبيب في 19 من الشهر الجاري. لكن حتى الساعة، لا إشارات إيجابية حول طرح التعيينات ومن ضمنها محافظ بيروت في أي جلسة حكومية قريبة. للمشكلة هنا روايتان: إحداهما تقول إن رئيس الحكومة حسان دياب مصرّ على تعيين مستشارته للشؤون الصحية بترا خوري في منصب محافظ بيروت، وقد تبيّن أنها ثمرة اتفاق بينه وبين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل نظراً الى علاقة عائلتها الجيدة بالأخير، ما يثير نقمة في كواليس متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس وتوابعها المطران إلياس عودة، الذي استاء من طريقة تسمية خوري واعتبرها بمثابة فرض بقوة الأمر الواقع، لكن تحت ستار «اختيار الأكفأ». فعقب الاجتماع الأرثوذكسي الذي عقده في المطرانية، كانت المعادلة رفض «تركيب الملفات لشبيب، وإما التجديد له أو تغيير كل المحافظين المعينين في الوقت نفسه». فيما بعد، قدم المطران عودة ما سماه المجتمعون «تنازلاً» عبر القبول بتغيير شبيب والتخلي عن معادلة بأكملها. إلا أنه، في المقابل، تمسك برفضه تعيين محافظ من دون الوقوف على رأيه. وتقول المصادر إن «ادعاء الحكومة باختيار الأكفأ من دون الالتفات الى الطائفة والعودة الى المرجعية الدينية سقط، ولا سيما أن بترا خوري غير مناسبة لهذا الموقع، فهي رئيسة قسم الجودة والامتثال في المركز الطبي في الجامعة الأميركية وحائزة دكتوراه في الصيدلة»، وذلك وفقاً للمصادر، «يضعها في خانة غير المناسبة لشغل موقع المحافظ ومن دون خبرة بأي عمل في هذا المجال». وثمة من يقول هنا إن رئيس الحكومة تظلّل بالدعم المطلق الذي أخذه من بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي حول الالتزام «بمعايير الكفاءة والنزاهة في التعيينات الإدارية». لكن سرعان ما أصدرت البطريركية بياناً أوضحت فيه أن البطريرك أكد لرئيس الحكومة «أهمية احترام مواقع الطائفة الأرثوذكسية في التعيينات وتعويض الظلم الذي لحق بها خلال التعيينات السابقة»، الأمر الذي تسبّب في احتدام الصراع أكثر ما بين المطران عودة و«حزبه» من جهة، ودياب من جهة أخرى. فخلال زيارة عودة لرئيس الجمهورية ميشال عون، تم التداول بثلاثة أسماء، اصطدمت كلها على ما تقول مصادر معنية، بتمسك دياب بمستشارته. والأسماء المقترحة هي: قاضي التحقيق في جبل لبنان زياد مكنا، أحد القضاة في مجلس شورى الدولة وهيب دورة، الرئيس السابق للهيئة العليا للتأديب ورئيس الغرفة الأولى في ديوان المحاسبة التي تعنى بكل شؤون بلدية بيروت القاضي مروان عبود. الأخير كان قد بدأ بمكافحة الفساد في البلدية ومراجعة كل أكلاف المشاريع الملزمة.
توكيل مكاوي سيضع البلديّة بشقّيها التنفيذي والتقريري في قبضة «المستقبل»
أما الرواية الثانية فتقول بتوجّه الى الاستعانة بالقرار الصادر عام 2014 الذي يقضي بوضع بلدية بيروت تحت وصاية محافظ جبل لبنان في حال شغور المنصب. وهو ما تشير مصادر وزارية الى صحته في حال عدم تعيين محافظ لبيروت في المدة المحددة، لا بناءً على خلافات طائفية بل بسبب انشغال الحكومة بأزمة كورونا والأوضاع الاقتصادية. وتشير مصادر أخرى الى أن تعيين محافظ جبل لبنان كمحافظ بالوكالة عن بيروت سيدفع بعدد من الشخصيات الدينية والسياسية إلى تأجيج الخطاب الطائفي، تحت شعار «التعدّي على حقوق الطائفة ومحاولة خطف موقعها». ذلك من جهة، ومن جهة أخرى، تعيين محافظ جبل لبنان محمد مكاوي المحسوب على تيار المستقبل، محافظاً لبيروت بالوكالة، سيعني انه سيتولى مراقبة عمل مجلس بلدية بيروت الذي يرأسه جمال عيتاني المحسوب على المستقبل هو الآخر، من شأنه أن يضع البلدية بشقّيها التنفيذي والتقريري في قبضة تيار المستقبل.