في هذا الوقت، لا يجد «المستقبل» ضيراً في ملء الفراغ ببعض التحريض المذهبي لتغطية الخطأ الذي ارتُكِب في الجاهلية. وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي أكّد أن «وفاة الفقيد محمد بو دياب تخضع لتحقيق قضائي يحدد المسؤولية عن الوفاة ولا يترك الأمر لاجتهادات سياسية فتنوية»، حسم التحقيق مسبقاً عبر القول إن «بيان قوى الأمن الداخلي يستند إلى تدقيق مسؤول في مهمة محددة قانوناً وواضحة لجهة أن إطلاق النار العشوائي من قبل مسلحين في الجاهلية هو الذي أدى إلى إصابة بو دياب في خاصرته ومن ثم وفاته في المستشفى». وإعجاباً منه، ربّما، بلقب «ضمير السنّة» الذي أطلقه عليه بعض أنصاره قبل أسابيع، تولى المشنوق العزف على الوتر المذهبي، من خلال القول إن «حفظ الكرامات ليس حقاً حصرياً لأحد، لا فرداً ولا طائفة. الشهيد رفيق الحريري هو ضميرنا وتاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا، ومن يتعرض له يتعرض لكرامة كل أهل السنّة وكل الشرفاء اللبنانيين. وليطمئن الجميع، لن يتراجع الرئيس الحريري عن صلابته الدستورية في تشكيل الحكومة، ولن يعتذر عن مهامه ولو وصلت الضغوط إلى قمم الجبال». وختم المشنوق بالقول «لن ننجر إلى الفتنة مهما فعلوا ومهما قالوا. كلنا رفيق الحريري في اعتداله وحكمته وتوازنه. وما يجري في لبنان منذ أشهر ليس مساراً لتشكيل حكومة وحدة وطنية، بل هو قرار بالتعطيل الفعلي مرات بالسياسة وأكثر بالتهديد والوعيد وسياسة الأصبع المرفوع، وأخيراً بالتغطية الكاملة للخروج عن القانون والدولة. لكن الدولة لن تستسلم».
اقتراح توسيع الحكومة إلى 32 وزيراً الذي طرحه باسيل «لم يلقَ رفضاً من أحد»
أحداث الجاهلية أثّرت على الاتصالات السياسية ومبادرة وزير الخارجية جبران باسيل لحل «العقدة السنّية»، إذ توقفت الاتصالات تماماً في اليومين الماضيين بعدما كانت قد سجّلت «تقدماً كبيراً». مصادر مطّلعة على الاتصالات أملت ألا «تؤخذ أحداث الجاهلية ذريعة لمزيد من التأخير في تأليف الحكومة»، مشيرة الى أن أحداث الأسبوع الماضي «يجب أن تشكّل دافعاً لتسريع التأليف وسحب فتيل التوتر من الشارع».
مصادر التيار الوطني الحر أوضحت لـ«الأخبار» أن اقتراح توسيع الحكومة الى 32 وزيراً الذي طرحه باسيل «لم يلقَ رفضاً من أحد، والجميع طلب مزيداً من الوقت لدرسه»، مشيرة الى أن هناك «اقتراحات أخرى ومجموعة من الأفكار لا يمكن إلا أن تقود إلى حل لن يخرج أحد معه خاسراً، لأن الأفكار المطروحة تتفق ومعايير التمثيل المعتمدة». ولفتت الى أن باسيل كان يعمل قبل الأحداث الأخيرة على الدفع لعقد لقاء بين رئيس الحكومة المكلّف ونواب اللقاء التشاوري، «وكانت الأجواء ايجابية» في هذا السياق.
خلاصة ما تقدّم أن ما جرى في اليومين الماضيين يؤكد أكثر من أي وقت مضى الحاجة إلى التواضع، وتأليف حكومة... الآن!