لم يجد الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري سوى حزب الله وما يسمّيه «تهديداته الأمنية»، لـ«تبييض» وجهه مع طالبي اللجوء من السوريين واللبنانيين إلى الدول الأوروبية. هكذا، يستسهل ابن عمة رئيس حكومة لبنان سعد الحريري، والقائد التنظيمي لتيّاره السياسي، اختراع الذرائع ولصق التهم بحزب الله، لأجل دعم «ملفّ» لجوء، يقدّمه أصدقاؤه في سفارات الدول الأوروبية في بيروت.«الواسطة» التي يقدّمها تيار المستقبل هذه المرة جديدة من نوعها، لا بل مبتكرة، وربّما تحوز براءة اختراع. يأتي طالب اللجوء في دولة أوروبية إلى تيار المستقبل، أكان سورياً نازحاً في لبنان أم لبنانياً، ويطلب واسطة لدعم طلبه. المسألة بسيطة. ورقة صغيرة يوقّعها الحريري أو بالنياية عنه المحامي حسن حلواني، تفيد بأن فلان الفلاني معروف من قبل «جمعية تيار المستقبل»، و«حياته معرضة لتهديد وضغوطات دائمة ومستمرة من قبل منظمة محليّة لبنانية هي حزب الله، وذلك لأسباب سياسية». إن كان السبب الأوّل لا يكفي، لا هم، فباستطاعة الحريري ومن ينوب عنه إضافة بعض البهارات: «حاولت المنظمة اغتياله (فلان الفلاني) أكثر من مرّة»!
غير أن معدّ الورقة/ النموذج، «يتذاكى» أيضاً، إذ يختم إفادته بالقول إن «هذه الإفادة أعطيت بناءً لطلب السيد (فلان الفلاني) وعلى كامل مسؤوليته»! أي إن اتهام حزب الله ليس بناءً على معلومات أو معطيات، بل بناءً على طلب طالب الإفادة، وعلى مسؤوليته، علّ الحريري يرفع مسؤولية قضية كهذه عن عاتقه وعن عاتق تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري.
سبق للحريري أن سهّل لجوء أحد المنتمين إلى «كتائب عبد الله عزام» الإرهابية


المهم أن حبل الكذب قصير. قبل فترة، وصلت إفادة مماثلة موقّعة من المحامي حسن حلواني إلى سفارة دولة أوروبية، صودف أنها على تواصل مستمر مع حزب الله، وبإمكانها التحققّ من صحّة هذه الاتهامات. ولدى مراجعة الجهة الأوروبية لمسؤولين في الحزب حول صحّة ادعاءات أحمد الحريري، تبين أنها ليست المرّة الأولى التي تعطى فيها إفادات مماثلة، للبنانيين وسوريين أيضاً! وأن هذه سياسة «استجداء» يتبعها التيار الأزرق لإقناع دول أوروبية بضرورة منح طلبات لجوء لأشخاص لا يستحقّونها، خصوصاً أن مصادر أمنية معنيّة أكّدت لـ«الأخبار» أن أحد المنتمين إلى تنظيم كتائب عبد الله عزام الإرهابية، سبق أن نال صفة اللجوء في إحدى الدول الأوروبية، بعد أن حصل على إفادة مماثلة من أحمد الحريري. هل يستسهل تيار المستقبل تشويه صورة تنظيم لبناني في الخارج، والآن بعد انكشاف الحيلة، يستسهل ضرب الثقة بلبنان، فضلاً عن تهديد الأمن الأوروبي انطلاقاً من لبنان لأجل حسابات سياسية ضيقة؟ أم أن تشويه صورة حزب الله سياسة عامة، وممكن معها استعمال كل الوسائل المتاحة؟ والسؤال أيضاً إلى نقابة المحامين، حول الحقّ الذي يمنح محامي عضو في النقابة حقّ توقيع وثيقة من هذا النوع، علماً بأن حلواني كان مرشّحاً من قبل تيار المستقبل لتولّي منصب محافظ جبل لبنان؟