قد يكون مندي الصفدي، ابن بلدة مجدل شمس السورية في الجولان المحتل، «أقرب السوريين» الى رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. إذ يشغل منصب مدير في مكتب نتنياهو، ويعمل تحديداً في شعبة تكنولوجيا المعلومات والخدمات، إضافة إلى عمله في الكنيست الإسرائيلي.
مندي، المولود عام ١٩٦٩ (اسمه الحقيقي منذر)، يعرف بـ«أبو ارسلان»، وهو ناشط سياسي واستخباري ويعمل في تجارة السلاح، ويمتلك العديد من الشركات التجارية في عدد من الدول، ويرأس جمعية «الدروز من أجل إسرائيل». وهو صديق مقرّب من رجل اليمين المتطرّف باروخ مارزل الذي يحتفل سنوياً بمجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل التي راح ضحيتها ٢٩ مصلياً فلسطينياً عام ١٩٩٤. وقد كُلِّف من جهات أمنية إسرائيلية بمتابعة ملف مجموعات المعارضة المسلّحة في سوريا، ما أدى الى ارتباطه بعلاقات واسعة بالاستخبارات التركية وبمختلف أطياف المعارضة السورية، وبضباط منشقّين وآخرين لا يزالون في صفوف قوات النظام.

اسرائيل ترتب صفقات التسلح للمعارضين في براغ بتمويل قطري وسعودي
وله تواصل مع قيادات في «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية»، كما تربطه علاقات «صداقة» وعمل أمني بإحدى الشخصيات السياسية اللبنانية وبمغتربين لبنانيين. وتجدر الإشارة إلى أن زوجة أحد الرتباء في حرس مجلس النواب اللبناني تم توقيفها بعدما جنّدها «أبو ارسلان» عبر الفايسبوك. وهو يستخدم الرقم التركي: 905366053010.
الأرشيف الشخصي للصفدي يعطي فكرة عملانية عن كيفية تعامل العدو مع الساحة السورية منذ انفجار الأزمة. إذ يكشف علاقات تجمعه بشخصيات سورية ولبنانية، مدنية وعسكرية، مقيمة في لبنان وسوريا وفي عواصم قريبة وبعيدة، ويتضمن محادثات «سكايب»، ورسائل بريد إلكتروني، واتصالات ومحادثات هاتفية عبر تطبيقات عدة، أبرزها «viber»، فضلاً عن ملفات تتضمن خططاً عسكرية و«طلبيات» أسلحة نوعية ومقاطع فيديو، اضافة الى مغامراته الشخصية والجنسية. وتظهر الوثائق والمستندات والرسائل المقرصنة حجم الجهد والنشاط الاستثنائي الذي يبذله الصفدي الناشط في الملف السوري على مختلف الصعد الأمنية والسياسية والإغاثية وحتى الإعلامية.

الطريق عبر «داعش» العراق

بدأت القصة عندما تمكن «هاكر» محترف، قبل أشهر، من زرع «جاسوس إلكتروني» (Trojan) في الكمبيوتر الشخصي لأحد قادة تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق. وقد تبيّن، بالصدفة، وجود تواصل بين هذا القيادي والصفدي يطلع فيه الأول الثاني على تفاصيل الحياة السورية بتشعباتها. وعبر تقنية معينة، نجح الـ «هاكر» في إيصال «جاسوسه الإلكتروني» إلى الكومبيوتر الشخصي للصفدي. وترافق ذلك مع ورود معطيات مقرصنة من حاسوب «الشيخ عمر الحجي» (المعروف بـ«عمر غرباء»)، وهو أحد شرعيي «الدولة» في ولاية الرقة، من بينها رسالة من قبل شخص يدعى «شيخ أحمد» ينقل فيها عن «عبد الغفور الحاضري»، من مدينة حلب، معلومات حول شبكة استخبارية في تركيا يديرها الضابط الصهيوني «موتي كوهان»، ويعاونه مندوب أمني إسرائيلي درزي اسمه «مندي الصفدي»، لتجنيد العملاء، وأغلبهم من النساء، وعقد اجتماعات سرية في تركيا والأردن تضم ضباطاً صهاينة وأميركيين.

أسلحة من براغ

تكشف إحدى المراسلات عن «صفقة أسلحة» حاول العدو الإسرائيلي عقدها في العاصمة التشيكية براغ لحساب كل من «الجبهة الإسلامية» و«أجناد الشام» و«جبهة النصرة». غير أن الفصائل المسلّحة، وتحديداً «جبهة النصرة»، رفضت إتمام هذه الصفقة خارج الأراضي السورية، طالبةً أن تكون عن طريق المجالس العسكرية لتتمكن من التحكم بالسعر.

«الحر» يسيطر على معابر سرية في سفوح جبل الشيخ «خدمة لمصالح إسرائيل»
وتُظهر المراسلة اتفاقاً بين جهة إسرائيلية وأخرى سورية لإتمام الصفقة عبر الأراضي الأردنية ــ السورية، مع إصرار مندي على التفاوض على التفاصيل في مدينة براغ حيث مقر إحدى شركاته، وحيث تجري معظم الصفقات.
وتكشف ملفات «مندي» أن التمويل الرئيسي للمجموعات السورية المسلحة يأتي من قطر ومن مانحين سعوديين، وأن صلة الوصل بين «جبهة النصرة» وقطر في كل ما يتعلق بالتمويل هو السوري محمد الخطيب المعروف بـ «كلينتون»، وأن الأخير تربطه بـ «مندي» علاقات وثيقة. وتظهر «داتا الفايبر» أن السوري «أسامة الحر» يُنسّق مع العدو الإسرائيلي في صفقات التسلح في شمال سوريا، كما أن سيدة تُعرف باسم «ام عباد» تنشط على خط الصفقات. وتشير الداتا الى وجود تجار حكوميين (من دول عدة) يستقدمون أسلحة من مراكز تدريب تعذر تحديدها، ويحملون جوازات سفر أوروبية لسهولة التحرّك وإدخال البضاعة الى الأردن بشكل قانوني. وأظهر «تعقب» حاسوب مندي متابعته لنشاطات «لواء الفرقان ــ الجيش الحر»، وهي مجموعة «تتولى السيطرة على المعابر السرية قرب قلعة جندل في سفوح جبل الشيخ وذلك خدمة لمصالح إسرائيل»، بحسب مندي نفسه. وفي مراسلة أخرى، أبلغ أحد عملاء «مندي» في الجماعات المسلحة عن قصف قوات التحالف مقرات جماعة «لواء المعتز بالله» بعد تحديدها عبر شرائح إلكترونية زرعت داخل بضائع أرسلت إليهم عبر أحد التجار. وفي الداتا أيضاً محادثات حول التنسيق بين جهات سعودية وأخرى أردنية لعقد صفقات تسلحية في سوريا، مع إشارة الى وجود مندوبين إسرائيليين في مدينة درعا وداخل الأراضي الأردنية للعمل في السياق نفسه. ووُجد في أحد الملفات عقد لصفقة سلاح أميركي لمصلحة إحدى المجموعات المسلّحة، و«طلبية» صواريخ «تاو» و»ستينغر» مضادة للطائرات والدبابات ومناظير ليلية وحرارية وعد «مندي» بتأمينها من إسرائيل. كما عُثر على مسوّدة لـ»إنشاء جيش لإسقاط النظام السوري».

■ للاطلاع على بعض المستندات المقرصنة أنقر هنا




هاجس الحدود الشمالية


شملت عمليات القرصنة الكومبيوتر الشخصي للاسرائيلي موشي كاهان (الصورة) الذي تبين أن هناك تواصلاً دائماً بينه وبين «مندي». ويقيم كاهان في نيويورك، ويتنقل بين بلدان عدة منها إسرائيل وتركيا، وهو التحق بالجيش الإسرائيلي منذ سن الـ ١٨ سنة وله في الخدمة ٢٢ عاماً. وقد عُثر في حاسوبه على ملف بعنوان «أمن المنطقة»، يتعلق بمسودة مشروع وُضِع إثر اجتماع إسرائيلي ــــ أميركي ــــ سوري. ويدعم المشروع، بحسب الملف المقرصن، كل من حكومة العدو واللجنة الأميركية ــــ الإسرائيلية للشؤون العامة (AIPAC) واللجنة الأميركية ــــ اليهودية (AJC)، والتحالفات الأميركية ــــ السورية ومنظمات مسيحية وأطراف المعارضة السورية (لم تذكر أسماؤها).
بحسب الوثيقة، فإن أهداف المشروع: الحدود اللبنانية ــــ الإسرائيلية والحدود السورية ــــ الإسرائيلية. وتحت عنوان «الفائدة العملية من الثورة السورية خلال 3 سنوات»، وُضِع عنوانان فرعيان أحدهما: «على صعيد المستوطنين الإسرائيليين: مواد أولية ــــ جمع الأموال لصالح المعارضة السورية». والثاني: «على صعيد المعارضة السورية: التواصل مع إسرائيل ــــ زيارة إسرائيل ــــ التطبيع الإقتصادي مع إسرائيل ــــ حماية الأراضي اليهودية والفلسطينية». أما العنوان الثالث فكان: «الكلفة المستقبلية: خطة الـ 100 مليون دولار: مساعدات إنسانية/ غذائية/ طبية ــــ نفط ــــ أمن، علماً أن التكاليف الحالية بلغت 2 مليون دولار».
وقد ذُكِر أن المجتمعين كانوا عن الجانب الإسرائيلي: الباحث في المركز العالمي لمكافحة الإرهاب والمختص بشؤون إسرائيل د. نير بومز، منظمة أساف، منظمات غير حكومية. وعن الطرف الثاني الأميركي: الجنرال جون كابللو، موشي كاهان، منظمة الدعم الأميركي. وعن الطرف الثالث السوري: د. تيسير (رجل دين)، أحد قادة «الجيش السوري الحر» العميد عبد الله البشير النعيمي، د. كمال اللبواني. وقد طُرِح تحت عنوان «التحديات التي يواجهها مشروع أمن المنطقة: أفغانستان ــــ العراق ــــ جنوب لبنان». فيما كانت مسودة المشروع التي اتفق عليها المجتمعون «اقتراح لإنشاء منطقة عازلة في جنوب سوريا يتواجد فيها قوات عسكرية سورية معتدلة، فتكون نموذجا يُحتذى به في مشاريع أخرى». أما فائدة المشروع: تحقيق الأمن الإسرائيلي، إبعاد الخطر الإيراني عن دولة إسرائيل، تعزيز الإقتصاد، زيادة الهجرة الى إسرائيل.
وقد تمت ملاحظة أن شركة «مايكرو وومن» المذكورة في تقرير سابق (134/ش.أ)، والتي يملكها موشي كوهان هي من آليات العمل في مسودة مشروع «أمن المنطقة».

«داعش» يساعد... بشرط!

كشفت قرصنة حاسوب مندي الصفدي عن علاقة تربطه بالسورية (...)، وهي معارضة ومرشحة لرئاسة الائتلاف المعارض، ويعتقد ــــ كما بدا من خلال المحادثات وطبيعة «العتب» بينهما ــــ أنها على علاقة غرامية معه. وخلال محادثاتها مع الصفدي، تحدثت السيدة السورية عن الصراعات المتفاقمة بين أعضاء المعارضة وتدبيرهم المكائد لبعضهم بعضاً. وفي إحدى المحادثات تشير الى أن التفتيش في سجون «داعش» لم يظهر أدلة على وجود صحافيين فرنسيين. ونقلت لـ «مندي» عن أحد أمراء «داعش» استعداده لتقديم المساعدة في العثور على المخطوفين الفرنسيين، شرط تزويده باسم الشخص الذي زعم بأنّ التنظيم أوكله التفاوض مع السيدة السورية. وفي محادثة أخرى، أبلغت السيدة «مندي» بأن شخصين أوكلت اليهما متابعة القضية عثرا على «رأس خيط» قد يساعد في انهاء القضية.


... ويريد السلاح؟

كشفت قرصنة محادثة «سكايب» بين «مندي» وآخر باسم «جند الله»، إشارة الأخير إلى شخص يدعى «Yasin Sanverdi» مكلف بتنفيذ صفقات السلاح بين إسرائيل والجماعات السورية المسلحة. وفي محادثة أخرى بين «مندي» وأحمد فرزات، أبلغه الأخير أن لديه أسلحة ذات نوعية جيدة مصدرها الولايات المتحدة. ولدى سؤال «مندي» له عن إمكان تزويد «داعش» بالسلاح، أجابه فرزات بأن «داعش» مستعد للشراء. وإثر هذه المحادثة، جرت محادثة بين «مندي» و»يوشي كوبرفاسر»، أشار فيها الأخير الى أنه سيحدد اجتماعاً مع السوري «عدنان سلو».


وساطة إسرائيلية لتحرير الكساسبة


رُصد اتّصال بين مندي الصفدي وشخص يُدعى «أبو مناف»، بتاريخ ٢٩-١٢-٢٠١٤، يستخدم الرقم التركي: 905360638533، تبيّن أن مضمونه يتعلق بوساطة إسرائيلية عرضها «مندي» على الوسيط لينقلها الى أحد قيادات التنظيم لتحرير الطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي أعدمه «داعش» حرقاً في وقت لاحق مقابل أموال وأسلحة، من دون أن يُعرف مضمون الوساطة.

مطرانا حلب في ريف اللاذقية


في أحد الملفات التي عثر عليها في «داتا مندي»، يطلب الأخير من شخص يدعى «محمد عدنان حسين»، معرفة تفاصيل حول رهائن روسي بناء على طلب أميركي. وفي المحادثة نفسها يبلغ حسين «مندي» أن مطراني حلب المخطوفيْن بولس اليازجي وحنا ابراهيم، موجودان في قرية بكاس، التابعة لمدينة الحفة في ريف اللاذقية، مشيراً إلى أنه تواصل مع المجموعة الخاطفة.