منذ حوالى أسبوع، سُرّبت صورة لمجموعة من الشبان باللباس العسكري، يضعون شعار الحزب الشيوعي اللبناني. توالت بعدها التعليقات من «مصادر حزبية» أو قياديين صرحوا باسمهم لبعض وسائل الإعلام. هذه «التعليقات» كانت في انتظار ما سيصدر رسمياً عن المكتب السياسي للحزب، وهو الهيئة العليا التي اجتمعت طويلاً مساء الخميس، وصدر بيان أمس، أشار الى أن الاجتماع الاستثنائي لبحث الأعمال التحضيرية للمؤتمر الوطني الحادي عشر والوضع السياسي والأمني في البلاد، تأخر بسبب وجود الأمين العام خالد حدادة خارج البلاد، وسفر نائبته ماري الدبس، وليس بسبب «شرخ» في الآراء أو ردود الفعل المختلفة على التسريب وما لحقه من ردود فعل في وسائل الإعلام وبين الشيوعيين وأصدقائهم.


لكن الصورة «الشهيرة» لم تُذكر أمس في البيان الذي تخطاها، ليؤكدها بشكل غير مباشر، إذ ركز على أنّ الأمن والاستقرار الوطنيين مهددان «بفعل عدوان التنظيمات الإرهابية على مناطق واسعة من حدود لبنان الشرقية، من جهة، والتهديدات العدوانية الصهيونية المتناغمة معه على أرض الجنوب، من جهة أخرى». ونوّه المكتب السياسي بـ«الدور الذي لعبته، ولا تزال، منظمات الحزب داخل البلدات والقرى في البقاع الشمالي وفي بعض المناطق الجنوبية، وتحركها من أجل استعادة التواصل بين القرى، وصد محاولات التحريض المذهبي».


حدادة: كما حملنا السلاح بوجه إسرائيل سنفعل ذلك في مواجهة الإرهابيين

ودعا «الشيوعيين الى مواصلة الجهد المبذول ورفع وتيرة الاستنفار، والعمل على تأمين أفضل الظروف والشروط لمقاومة عدوان التنظيمات الإرهابية على أهلنا، وللدفاع عن تراب الوطن».
من جانبه، رأى حدادة أنّ البيان «لا علاقة له بالصورة التي نُشرت». وأوضح، في حديثه إلى «الأخبار»، أنّ «هذا الموقف اتخذته اللجنة المركزية منذ أشهر، وخاصة أننا نعتبر أن خطر عدوان الجماعات الإرهابية على لبنان يوازي الخطر الصهيوني... سنواجه كل خطر يُشبه هذا الأخير». ولفت إلى حرص الحزب على «أن يتواصل أهالي البقاع بشكل جدي من أجل منع أي صراع مذهبي. القرى البقاعية يجمعها حسّ وطني، ورفاقنا الشيوعيون هم الأكثر قدرة على نسج هكذا علاقات». كذلك، يعترف حدادة برغبة الحزب في أن يكون على استعداد لأي معركة يمكن أن تنشب: «إيه... نحن نعدّ العدة لمواجهة أي اعتداء».
بيان الحزب دعا الشيوعيين الى «مواصلة الجهد المبذول ورفع وتيرة الاستنفار». ويوضح الأمين العام أنّ الحزب بدأ منذ فترة «تهيئة منظماتنا والاستعداد من أجل أن يكونوا فاعلين في تلك المناطق، ونحن مستمرون في هذه الخطوات وسنكون على استعداد لبحث ما يُمكننا القيام به لمساندة الأهالي والجيش اللبناني». كما أن الحزب يريد «استكمال التعبئة السياسية» مقابل الخطر التكفيري، أما في ما خصّ التعبئة العسكرية فـ«نحن لا نتداول بذلك في الإعلام. نلتزم بعدم الظهور المسلح الذي تنصّ عليه القوانين، ولكن في النهاية كما حمل كل شيوعي سلاحاً في حرب تموز سنستكمل في الوجهة ذاتها». ويهتم حدادة بتوضيح أساسي مفاده «أننا لسنا في وارد القتال في سوريا. الشعب السوري ليس بحاجة إلى مقاتلين، ونحن نسعى لأن يكون الحوار هو الحلّ».
عضو المكتب السياسي مفيد قطيش يقول عن البيان إنّ «القرار مأخوذ منذ سنة. الناس في البقاع يجب أن يدافعوا عن القرى. الشيوعيون على الأرض لديهم مهمة الدفاع عن أنفسهم». وفي هذا الإطار «أكيد أن الناس بحاجة الى تدريب في إطار الحزب، لا بالتنسيق مع أي من الأحزاب الموجودة في تلك المنطقة. وهذا الأمر محصور بحماية القرى لا غير». ويؤكد قطيش أنّه لم يكن هناك انقسام حول الموقف داخل الحزب، وقال: «ربما هناك تباين في الأفكار، انطلاقاً من أن الحزب لا يملك القدرة للقيام بالكثير».