رام الله | كالوحش الجائع الذي لا يشبع، «تحرث» جرافات الاحتلال العسكرية الضخمة شوارع وميادين مدينتَي جنين وطولكرم ومخيماتهما - محدثةً دماراً غير مسبوق -، منذ بدء العملية العسكرية، في الـ28 من الشهر الماضي، والتي لا تلوح في الأفق أيّ بوادر لقرب نهايتها، إذ تعتزم قوات العدو استكمال أعمالها هناك، في ضوء قرار وزير الأمن، يوآف غالانت، تمديد الحملة العسكرية في مخيم جنين، مع احتمال توسعتها لتطاول جنوب الضفة الغربية، وفق ما أفاد به موقع «واللا»، زاعماً أن هناك «معلومات استخبارية» عن وجود «بنية تحتية عسكرية» في المخيم. ونقل الموقع عن مصادر عسكرية، قولها إن «الجيش حيّد في مخيم جنين عبوات ناسفة شديدة الانفجار يزن بعضها أكثر من 100 كيلوغرام».وفي الإطار نفسه، لفتت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن الجيش يواجه «تهديداً كبيراً» في مخيمات شمال الضفة، على رغم وفرة المعلومات الاستخبارية، وأن العبوات الناسفة تكبّده خسائر، ولا سيما أن «المسلحين في مخيمات الضفة يفخّخون مبانيَ بعبوات ثقيلة من شأنها تكبيد الجيش خسائر في الأرواح». ونقل «واللا»، بدوره، عن مصادر أمنية، قولها إن الإنذارات المتزايدة في جنوب الضفة قد تدفع في اتجاه عملية واسعة هناك، في حال تدهور الوضع الأمني. وبالفعل، وخلال زيارته لمقر قيادة جيش الاحتلال في الضفة، قال غالانت: «الآن نقوم بجز العشب، وستأتي اللحظة التي يتعيّن علينا فيها استئصال جذور الإرهاب في المنطقة».
وشهدت مدينة جنين ومخيّمها، منذ ساعات صباح أمس، استقدام تعزيزات عسكرية، مع دخول العدوان على شمال الضفة أسبوعه الثاني، واستمرار عمليات التجريف التي أتت على معظم شوارع وطرق المدينة، وكذلك استمرار تحليق المقاتلات الحربية في سمائها. وعقب تجديد أمد العملية العسكرية فيها، نصب جيش الاحتلال المزيد من السواتر الترابية، محكِماً حصاره على مخيم جنين، بينما سُجّلت هناك عمليات تفجير عدّة منازل، وإخلاء أخرى والسيطرة عليها بعد إجبار أهلها على النزوح، في وقت تتفاقم فيه الخسائر مع كل ساعة تستمرّ فيها الحملة الإسرائيلية.
وفي الموازاة، يسوء الوضع الإنساني في جنين بشكل كبير وخطير، في ظلّ نقص الغذاء والمياه، على خلفية استهداف قوات الاحتلال كل مَن يتحرّك على الأرض، علماً أن قرى وبلدات المحافظة أَطلقت، منذ اليوم الأول، حملات لإغاثة المخيم والمدينة، استطاعت جمع آلاف الطرود الغذائية وتوفير كل المستلزمات، من دون أن تجد طريقة لإيصالها إلى المواطنين. أيضاً، شهدت جنين، خلال الأيام الماضية، لفتةً من أصحاب المتاجر ومحال المواد الغذائية وحتى المخابز القليلة العاملة، ممَّن أبلغوا المواطنين القادرين على الوصول إلى محالهم، أخذ ما يحتاجون إليه من مواد وُضعت على مداخلها أو في مخازنها، مجاناً.
يسوء الوضع الإنساني في جنين بشكل كبير وخطير، في ظلّ نقص الغذاء والمياه


وفي طولكرم، تبدو الأوضاع مشابهة لما يحصل في جنين، حيث تواصل جرافات الاحتلال العسكرية تجريف الشوارع وتدمير البنية التحتية وشبكات المياه والكهرباء، وفرض حصار مشدّد على المدينة ومخيمَي نور شمس وطولكرم، بالسواتر الترابية والآليات العسكرية. وبرز، خلال الاقتحام، تعمُّد تدمير ممتلكات المواطنين الخاصة، ومن بينها محال تجارية ومركبات وبيوت سكنية، فيما اتّخذ جيش الاحتلال منازل المواطنين ثكنات عسكرية بعد طرد أصحابها واحتلالها، أو احتجازهم في غرف صغيرة والتنكيل بهم.
وبلغ عدد الشهداء، خلال الأسبوع الأول من العدوان، 33 فلسطينياً، 30 منهم من شمال الضفة وثلاثة من محافظة الخليل، فضلاً عن إصابة أكثر من 130 آخرين بينهم أطفال ومسنّون، بينما أعلن جيش العدو مقتل جندي واحد وإصابة 5 آخرين خلال الاشتباكات في مدينة جنين. وتواصلت الاشتباكات المسلحة في المدينتين بين قوات الاحتلال والمقاومين الذين فجّروا العديد من العبوات الناسفة الشديدة الانفجار، وأوقعوا الجنود في كمائن محكمة وصعبة أدت إلى وقوع إصابات في صفوفهم، فيما رصدت عدسات المواطنين، ليل أمس، العديد من تلك الاستهدافات.
ونشرت «سرايا القدس» في الضفة بلاغاً عسكرياً، مساء أمس، لخّصت فيه أهمّ الإنجازات العسكرية التي حقّقتها في الساعات الـ72 الماضية، بعد أيام من المعارك الضارية مع قوات الاحتلال خلال معركة «رعب المخيمات»، لافتة إلى أن مقاتليها خاضوا 14 اشتباكاً مسلّحاً مع القوات المقتحمة في مختلف محاور القتال، كما فجّروا ست عبوات ناسفة بجنود وآليات العدو محقّقين إصابات بالغة في صفوفه. وقالت «السرايا» إن مقاتليها في «كتيبة طولكرم» استدرجوا مجموعة من القوات الراجلة إلى كمين مركّب تم إعداده مسبقاً في محور البلاونة، وأوقعوا فيه قتلى وجرحى، كما خاضوا سبعة اشتباكات مسلحة في مختلف محاور القتال، وفجّروا أربع عبوات ناسفة بالآليات المقتحمة، في حين خاص مقاتلو «السرايا» في «كتيبة نابلس» أربعة اشتباكات مع قوات العدو المقتحمة للمدينة وفجّروا خلالها عبوة ناسفة.
وفي هذا الوقت، شهدت مناطق متفرقة في الضفة اقتحامات واسعة، كان أبرزها في مخيم الجلزون قرب رام الله، حيث شنّ العدو عملية عسكرية استمرّت لست ساعات، اقتحم خلالها جنوده منازل المواطنين والمؤسسات المحلية وعاثوا فيها خراباً وتكسيراً، ونفّذوا حملة اعتقالات واسعة طاولت عشرات المواطنين الذين أجروا معهم تحقيقات ميدانية ليفرجوا عنهم لاحقاً. أيضاً، شهدت بلدة بيت سوريك شمال القدس المحتلة، اقتحاماً صباح أمس، حيث اعتقل جيش الاحتلال 22 مواطناً. وطاولت الاقتحامات أيضاً مخيم شعفاط وضاحية السلام في بلدة عناتا شمال شرق القدس.
كذلك، اقتحم جيش الاحتلال مدينة الخليل، حيث دهم منازل وفتّشها واعتقل مواطنين، فيما نفّذ جنوده حملة دهم في مناطق واد الهرية وجبل أبو رمان وحارة أبو سنينة، فضلاً عن مدينة الظاهرية جنوب الخليل، والتي اندلعت مواجهات في وسطها أطلقت خلالها القوات المقتحمة الرصاص الحي والغاز السام المسيّل للدموع. كما سُجلت حملات مماثلة في مخيم الفوار جنوب الخليل، وبلدة إذنا التي دهم الجنود منازل أقارب الشهيد مهند العسود، منفّذ عملية ترقوميا التي أسفرت عن مقتل ثلاثة من شرطة الاحتلال، فيها، لتعلن إذاعة الجيش اعتقال شخص مشتبه فيه في مساعدة منفّذ العملية.