وفي هذا الوقت، انتقل الزخم العسكري الإسرائيلي إلى محافظة طولكرم، التي جدّد الاحتلال اقتحامها، أول من أمس، فيما شرع عقب اقتحام مخيم نور شمس في أعمال التجريف والتدمير، توازياً مع نشر قنّاصته على أسطح المباني، واستقدام التعزيزات العسكرية، وإطلاق النار العشوائي الذي أدّى إلى استشهاد الفتى محمد كنعان، وإصابة والده برصاص قنّاصة. كما سُجّلت عدّة عمليات قصف في المحافظة، ومنها قصف منزل في منطقة العزبة بصواريخ «أنيرغا». أيضاً، فرضت قوات الاحتلال حصاراً مشدداً على «نور شمس»، مانعةً مركبات الإسعاف من الدخول إليه، كما أعاقت حركة تنقلها من خلال إيقافها وتفتيشها والتدقيق في هويات من في داخلها بمن فيهم المرضى. كذلك، فرضت حظراً للتجوال في مخيم طولكرم، ومنعت المواطنين من الدخول إليه والخروج منه، حتى إشعار آخر، فيما نُفّذت عملية عسكرية في ضاحية ذنابة شرق طولكرم، عصر أمس، حيث حاصرت قوات كبيرة تظلّلها الطائرات المُسيّرة منزلاً واستهدفته بالرصاص والصواريخ المحمولة. ووفق مصادر محلية، فإن شابين لم تُعرف هويتاهما بعد، استشهدا جراء استهداف المنزل، قبل أن يحتجز جنود العدو جثمانَيهما ويعتقلوا شاباً ثالثاً، ثم ينسحبوا من محيط المنزل الذي شهد مواجهات عنيفة.
شدّدت قوات الاحتلال حصارها لمدينة الخليل، ونصبت المزيد من البوابات العسكرية الحديدية
وواصلت المقاومة في مخيمَي نور شمس وجنين التصدّي لقوات الاحتلال، واستهدفتها بالرصاص والعبوات الناسفة، حيث ذكرت مصادر محلية أن هذه القوات وقعت في كمين محكم في حارة البلاونة في مخيم طولكرم، خلّف إصابات وقتلى في صفوف الجنود، ليجري نقلهم إلى حاجز عسكري قرب طولكرم. وقالت «سرايا القدس - كتيبة طولكرم»، في بلاغ عسكري، إن مقاتليها يخوضون اشتباكات ضارية مع قوات الاحتلال في محور البلاونة من مسافة صفر، محقّقين إصابات مؤكدة، فيما أفادت «كتائب القسام» بـ»تمكّن مجاهديها من إيقاع قوة صهيونية راجلة في كمين محكم داخل حارة البلاونة، وإيقاع إصابات محقّقة في صفوف القوة».
وعلى رغم تركّز العملية العسكرية وكثافتها في شمال الضفة الغربية، إلا أن مناطق متفرّقة شهدت اقتحامات واسعة، كان أبرزها في جامعة «بيرزيت» قرب رام الله، حيث عاثت قوات الاحتلال خراباً في ممتلكات الحركة الطالبية، واستولت على العديد من الممتلكات والمطبوعات. كما ألصق جنود الاحتلال منشورات ترهيب للطلبة، تدعوهم إلى عدم المشاركة في الأنشطة الطالبية، وتتوعّدهم بتدمير مستقبلهم. وفي جنوب الضفة، شدّدت قوات الاحتلال حصارها لمدينة الخليل، ونصبت المزيد من البوابات العسكرية الحديدية في المدينة، مع استمرار التحريض في وسائل الإعلام الإسرائيلية، ومن قِبَل المستوطنين، على شنّ عملية عسكرية واسعة في المدينة. واقتحمت قوات الاحتلال، أيضاً، مناطق متفرقة في المحافظة، منها منزل منفّذ عملية ترقوميا، مهند العسود، في بلدة إذنا، والذي قامت فرق الهندسة بأخذ قياساته تمهيداً لتفجيره. كذلك، رصد مواطنون عصر أمس، دفع جيش الاحتلال لآليات عسكرية ثقيلة إلى مدينة الخليل.
وفي ظل تواصل التصعيد في الضفة الغربية، قال قائد قسم العمليات في حرس الحدود الإسرائيلي إن «العبوات الناسفة تنتشر في الضفة، وتعاظم المقاومة يذكّرنا بالانتفاضة الثانية». وفي سياق التحريض والتضخيم أيضاً، قال مراسل الشؤون العسكرية في «القناة الـ12»، نير دفوري، إن «سلسلة العمليات التي قام بها فلسطينيون في المدة الأخيرة تطلق كل أجراس الإنذار ليس فقط على المستويَين الأمني والعسكري، بل على المستوى السياسي». ورأى أن «إسرائيل تواجه تصعيداً حاداً في الضفة، والأمر ليس محصوراً في شمالها، بل في الخليل ومناطق أخرى»، مؤكداً أن هذا التصعيد يشتّت الجيش الإسرائيلي في الجبهات الأخرى. وبحسب محلّل الشؤون السياسية في «القناة الـ13»، ألون بن دافيد، فإن الضفة كانت الجبهة الثالثة من حيث الأهمية، لكنها بدأت تتحوّل إلى جبهة أكثر جدية إثر انضمام مدينة الخليل، التي قال إنها «تشتعل ببطء، وعندما تشتعل من الصعب جداً إطفاؤها». وحذّر من أن التصعيد في الضفة سيجعل إسرائيل تستدعي مزيداً من الجنود، وذلك يعني نقصاً في القوات في جبهات أخرى، في الشمال وفي غزة.