يستبطن تكثيف التحركات الفرنسية في مناطق سيطرة «قسد»، مساعي باريس إلى محاولة ملء الفراغ المتوقّع في حال انسحاب القوات الأميركية
بدورها، تتابع فصائل المقاومة عمليات استهداف القواعد الأميركية، بالرغم من القصف الأميركي الانتقامي على خلفية مقتل ثلاثة جنود أميركيين في قاعدة أميركية في أقصى جنوب الأردن، بمحاذاة الحدود السورية، قرب منطقة التنف، نهاية الشهر الفائت، إذ تعرّضت القواعد الأميركية في معمل «كونيكو للغاز»، و«حقل العمر» النفطي، في دير الزور، لسلسة هجمات بطائرات مُسيّرة، أعلن مسؤولون أميركيون التصدي لستٍ منها، بالتزامن مع الإعلان عن استقدام تعزيزات عسكرية ولوجستية إلى هذه القواعد، بهدف زيادة التأمين الجوي. كما شملت التعزيزات قاعدة التنف عند المثلث الحدودي مع الأردن والعراق.
وعلى خطٍّ مواز، يستبطن تكثيف التحركات السياسية والاستخباراتية الفرنسية في مناطق سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد)، مساعي باريس إلى محاولة ملء الفراغ المتوقّع في حال انسحاب القوات الأميركية، الأمر الذي يذكّر بتحركات فرنسية مشابهة جرت خلال فترة تولي الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، الذي حاول سحب قواته من سوريا، قبل أن يعدل عن قراره ويركّز الوجود العسكري الأميركي في منطقة التنف التي تُعتبر جزءاً من منظومة حماية إسرائيل، بالإضافة إلى المناطق النفطية في شمال شرقي البلاد. وفي السياق، ذكرت مصادر كردية أن المبعوث الفرنسي إلى مناطق سيطرة «قسد»، فابريس ديبليشان، أجرى سلسلة لقاءات مع مسؤوليها حول «سبل دعم فرنسا للكيان الكردي في سوريا في حال انسحبت واشنطن»، مذكّراً بالمواقف الفرنسية الداعمة لـ«الإدارة الذاتية» و«قسد». وبينما تحاول باريس تسويق دعمها لـ«قسد» على أنه مرتبط بـ«ضمان حقوق جميع مكوّنات المنطقة في دستور سوريا المستقبل ومن ضمنهم الأكراد»، تشير مصادر كردية، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن فرنسا تنظر إلى مواقع سيطرة «قسد» وقربها من مواقع انتشار القوات التركية على أن ذلك ورقة رابحة يمكن استعمالها للضغط على أنقرة، وهي السياسة نفسها التي تتبعها واشنطن في سوريا. غير أن المصادر تشكّك في قدرة باريس على ملء هذا الفراغ في ظل فشلها سابقاً، عندما استثمرت موسكو الانكفاء الأميركي في شمال شرقي البلاد وقامت بالتمدّد.
من جهته، نفى قائد «قسد»، مظلوم عبدي، ما تناقلته وسائل إعلام أميركية، بينها «فورين بوليسي» و«المونيتور»، حول دفع واشنطن، «قسد»، إلى التعاون مع دمشق، ضمن خطة تهدف إلى انسحاب القوات الأميركية من سوريا، مشيراً إلى أنه «تلقّى تطمينات قوية من المسؤولين الأميركيين بأن أي انسحاب للقوات الأميركية من سوريا ليس مطروحاً الآن، ولا في المستقبل القريب». وهي تصريحات مشابهة أيضاً لتلك التي خرجت عن «قسد» خلال بدء ترامب سحب قواته، حين تلقّى الأكراد تطمينات أميركية بعدم الانسحاب، ليتبيّن لاحقاً زيفها، ما دفع «قسد» إلى محاولة التقارب مع دمشق بواسطة روسية، قبل أن تنسحب من تلك المفاوضات بعد عدول واشنطن عن قرارها.