وفي تعليقه على تلك التطورات، نفى الناطق باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، وجود تنسيق مسبق بين بغداد وواشنطن بشأن الضربات الأميركية، معتبراً أن «الجانب الأميركي عمد إلى التدليس وتزييف الحقائق، عبر الإعلان عن تنسيق مُسبق لارتكاب هذا العدوان، وهو ادّعاء كاذب يستهدف تضليل الرأي العام الدولي». ورأى، في بيان رسمي، أن «وجود التحالف الدولي الذي خرج عن المهام الموكلة إليه والتفويض الممنوح له، صار سبباً لتهديد الأمن والاستقرار في العراق ولإقحامه في الصراعات الإقليمية والدولية». كما استدعت وزارة الخارجية العراقية، القائم بأعمال سفارة واشنطن في بغداد، احتجاجاً على العدوان، بينما دعت رئاسة الجمهورية إلى اجتماع طارئ للرئاسات والكتل السياسية لبحث القصف.
من جهتها، أفادت مصادر في «المقاومة الإسلامية»، «الأخبار»، بأن «الهجوم الأميركي جاء بتعاون وتنسيق مع دول مجاورة كالأردن والكويت»، موضحة أن «لديها معلومات تفيد باستخدام طائرات F-16 من الأردن، في الضربات الجوية». وأكدت المصادر نفسها أن «المقاومة ستقوم بهجمات صاروخية لا تقل أهمية عن تلك التي وقعت ضد قاعدة أميركية على الحدود الأردنية، والتي تُعرف بالبرج 22» قبل أيام، مضيفةً أنّ «جميع فصائل وتشكيلات المقاومة في حالة تأهب، استعداداً لجميع سيناريوات المواجهة العسكرية المتبادلة التي يتوقّع حدوثها مع الجانب الأميركي».
وفي الاتجاه نفسه، جدّد مصدر في حركة «النجباء» القول إن موقف الحركة «يختلف عن كتائب حزب الله العراق. فهي سوف تستمر في عملياتها العسكرية، وقد أبلغنا الحكومة بذلك»، مضيفاً: «صحيح أن الكتائب أعلنت تعليق العمليات، لكنّ هناك تعاوناً وتنسيقاً مع الجميع. ونحن نعرف أن أميركا لن توقف هجماتها، وحوار الحكومة معها لا يختلف عن السابق الذي كان قائماً منذ زمن نوري المالكي». وبالفعل، نقلت وكالة «رويترز» عن المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، قوله إن «الضربات التي استهدفت جماعات تدعمها إيران كانت مجرد جولة أولى من إجراءات ستتواصل لاحقاً».
مصادر المقاومة: الهجوم الأميركي جاء بتعاون وتنسيق مع دول مجاورة كالأردن والكويت
وفي السياق نفسه، رأى القيادي في «الحشد الشعبي»، علي حسين الفتلاوي، أن «الانتهاكات الأميركية وقتل مجاهدينا في الحشد، هما بمثابة الكرت الأحمر للوجود الأميركي في البلاد»، لافتاً، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «جميع الاتفاقات الحكومية السابقة والحالية لم تلتزم بها الولايات المتحدة. وعليه فإن خيار المقاومة هو الأنسب». كما أكّد أن «العمليات العسكرية للمقاومة الإسلامية باقية ما بقيت القوات الأميركية وانتهاكاتها السافرة لسيادة العراق»، مضيفاً أنّ «الالتزام بقرار الحكومة العراقية، ودفع الحرج عنها في مسألة نجاح المفاوضات والحوار مع واشنطن، أصبحا قيد التشكيك من قبل قيادات المقاومة التي ترى أن أميركا كاذبة». وتابع الفتلاوي أنّ «المقاومة العراقية سترد على القواعد الأميركية، ولن تسكت عن دماء شهدائها التي أريقت من أجل دعاية انتخابية رخيصة لبايدن»، محذّراً من أن «الولايات المتحدة ستدفع الثمن غالياً في حال تماديها وبقائها المرفوض حكومياً وبرلمانياً وشعبياً».
بدوره، دعا عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، حسين العامري، إلى «عقد جلسة برلمانية طارئة لمناقشة الانتهاكات الأميركية للسيادة، وتقديم شكوى إلى مجلس الأمن». وأشار العامري، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «البرلمان يطالب الحكومة بتنفيذ القرار النيابي الوطني الذي يفيد بخروج القوات الأجنبية، التي انتفت الحاجة إليها». ورأى العامري أن «اعتداءات كهذه تقوّض فرص التعامل الأمني مع الجانب الأميركي، كون الولايات المتحدة غير ملتزمة بكل القوانين، ومتورّطة في مقتل القوات الأمنية العراقية بشكل إرهابي لا يمتّ إلى الاتفاقات الدولية بصلة»، مطالباً «الحكومة بالإسراع في حسم جولات التفاوض لإنهاء وجود التحالف الدولي الذي بات يشكل خطراً كبيراً على أمن واستقرار البلاد».
أما الخبير الأمني، فاضل أبو رغيف، فأعرب عن اعتقاده بأن «الرد الأميركي سيؤزّم المشهد الأمني في العراق وسيعرّض الأمن القومي لخطر فيما لو استمر بهذه الوتيرة التصاعدية»، معتبراً أن «على الولايات المتحدة أن تمنح الجانب الحكومي الذي يترأّسه السوداني مزيداً من الوقت، وفسحة من التفاوض ومرونة لإخماد أَي استهداف للمصالح الأميركية في العراق». لكنّ زعيم «منظمة بدر»، ورئيس «تحالف نبني»، هادي العامري، رأى، خلال تشييع الشهداء، أن «المفاوضات حول تواجد قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، تعني مزيداً من الدماء، وغرضها إرضاء أميركا»، مشدّداً على «ضرورة إخراجها الفوري من العراق». يُذكر أنه شارك في التشييع رئيس «هيئة الحشد الشعبي»، فالح الفياض، وعدد كبير من الشخصيات الرسمية والسياسية.