- يفرض الاستنزاف الحادّ في الكادر البشري على المقاومة، أن تُعزّز من تغيير طبيعتها البنيوية، من الشكل الهرمي شبه النظامي، إلى الخلايا الأفقية غير المترابطة تنظيمياً. ذلك الشكل، هو الأكثر ملاءمة للواقع الأمني في الضفة، والأكثر قدرة على القيام بعمليات تُحقّق خسائر بشرية في صفوف جيش الاحتلال ومُستوطِنيه، خصوصاً أن الشارع اليوم بحاجة، إلى جانب الإشغال المستمرّ والاستنزاف النفسي والأمني للعدو، إلى روافع وحوافز معنوية، تكافئ حجم الخسارات الميدانية، وتعطي شعوراً جمعياً بالإنجاز.
واحدة من أهمّ أسس التأثير العابرة للأزمنة، هي الاستثمار في صناعة الرموز
- تشير عمليات الاغتيال كافة إلى أن جيش الاحتلال يعتمد في نشاطه الميداني، على تفوّقه التكنولوجي، الذي يوفّره استخدام الشبّان المقاومين للهواتف المحمولة. وعليه، من شأن التخلّي عن وسائل الاتّصال الحديثة، أن يُفقد مخابرات العدو ثلثَي قدرتها على الرقابة والمتابعة. وإذا كان هناك من فائدة للعمل الإعلامي الجديد، ومفعول ملهم في الشارع، فإن هذه مهمّة يجب أن توكَل إلى مجموعات متخصّصة في داخل خلايا المقاومة، فيما يحرص المقاومون وحمَلة السلاح، على أمنهم الشخصي وبيئاتهم الحاضنة من الاختراق.
- واحدة من أهمّ أسس التأثير العابرة للأزمنة، هي الاستثمار في صناعة الرموز. في خلال أشهر معدودة من المطاردة، تَحوّل الشاب ابن الـ18 عاماً، إبراهيم النابلسي، إلى حالة ملهِمة أدّت دوراً فاعلاً في إشعال الشارع وتعبئة الفاقد البشري في خلايا المقاومة الصاعدة. أمّا اليوم، فقد كبّر المقاومون من حضورهم وظهورهم في الشارع، وبالتالي، كبرت الآمال المعلَّقة عليهم شعبياً. ولذا، أصبح من الواجب التوجّه إلى صناعة شخصيات الأبطال التي يَظهر فعلها، وتستطيع أن تحافظ على وجودها المقلق والمربك لقوّات الاحتلال، من دون أن تتمكّن الأخيرة من القضاء عليها في وقت مبكر.
- أخيراً، تَنظر المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية إلى نشاطها العملياتي من زاوية أنها تُعبّئ الفراغ الميداني الذي يسبق الانفجار الكبير، أو الانتفاضة الثالثة. وإذا كُنّا فعلاً أمام استحقاق كهذا، فإن أدواته وخططه العملانيّة لا بدّ أن تغادر مربّع العشوائية والفعل غير المدروس، ليغدو عملاً تصحبه أهداف ميدانية مرحلية وسياسية مُعدّة سلفاً.