«كاحول لافان» (أزرق أبيض) هو اسم لتحالف ثلاثة أحزاب وسطية، تشكّلت لخوض انتخابات الكنيست لأول مرة في نيسان 2019. يرأس القائمة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، بيني غانتس. ففي أواخر عام 2018، أعلن غانتس نيته دخول المعترك السياسي، تاركاً وراءه تاريخاً حافلاً بالمناصب العسكرية، ووضع نُصب عينيه منصب رئاسة الحكومة، فأسّس حزبه الوسطي «حوسين ليسرائيل» (حصانة إسرائيل) الذي ارتفعت أسهمه في استطلاعات الرأي التي أجريت بعد تأسيسه مباشرة. ولتوسيع حظوظه، عمد إلى التحالف مع حزبَي «تلم» بقيادة وزير الدفاع الأسبق موشيه يعلون، و«ييش عتيد» بقيادة وزير المال السابق يائير لبيد، وانضم إلى التحالف رئيس أركان الجيش الأسبق، غابي أشكنازي.
بقيت الأحزاب محافظة على تحالفها في انتخابات أيلول 2019 وآذار 2020، إلا أن مغامرة غانتس بالانضمام إل حكومة وحدة بالشراكة مع رئيس حزب «الليكود» بنيامين نتنياهو، أدّت إلى تفكّك التحالف، ليخوض حزب غانتس «حوسين ليسرائيل» هذه الانتخابات منفرداً مع حفاظه على اسم القائمة «كاحول لافان».

عشية انتخابات نيسان 2019، بدا غانتس في أوْج قوته. إذ قدّم نفسه بديلاً من نتنياهو، الذي اعتبره فاسداً لا يحق له البقاء في منصبه. وتوجّه بخطابه إلى جمهور الناخبين من اليسار ويسار الوسط وذوي الميول اليمينية الذين يأملون إنهاء حكم نتنياهو. لذلك، احتُسب غانتس على معسكر «الوسط-اليسار»، إلا أنه في الواقع لم يقدم طرحاً إيديولوجياً جديداً، ووصفه بعض المحللين الإسرائيليين بأنه يمثل «اليمين القديم». وعندما أعلن غانتس عن برنامجه الانتخابي لم يكن مختلفاً في جوهره عن توجهات «الليكود»، ليتبيّن أن هدف غانتس هو إسقاط نتنياهو وليس مشروعه السياسي.

ركّز برنامج «كاحول لافان» الانتخابي على المسائل الأمنية والسياسية. فاستهلّ برنامجه بالتأكيد على أن «إسرائيل هي الوطن القومي للشعب اليهودي». كما تعهّد بتعزيز الكتل الاستيطانية، ومعارضة إقامة «دولة فلسطينية»، ورفض أي انسحاب أحادي الجانب، وأن تكون منطقة غور الأردن هي الحدود الأمنية الشرقية لإسرائيل، وشدّد على أن «القدس موحّدة عاصمة أبدية لإسرائيل»، وأن «الجولان جزء لا يتجزأ من إسرائيل»، مؤكداً أنه في أي تسوية مع الفلسطينيين لن تكون هناك مساومة على مصالح إسرائيل الأمنية. وتطرّق البرنامج إلى إيران بوصفها «خطراً» يهدد إسرائيل، خاصة لدعمها «حزب الله» في لبنان وحركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» في قطاع غزة. ودعا إلى عقد مؤتمر إقليمي مع الدول العربية الحليفة لمواجهة إيران والحفاظ على المصالح الأمنية الإسرائيلية. أمّا برنامج «كاحول لافان» بما يتعلّق بالدين والدولة، فهو لم يُرضِ المتديّنين المتشدّدين. إذ تعهّد بـ«الحفاظ على الطابع اليهودي للدولة»، إلا أنه يدعم تشغيل المواصلات يوم السبت، وتعهّد بتقديم تشريعات تسمح بالزواج المدني للمثليين.

زاحم «كاحول لفان» «الليكود» على مقاعد الكنيست، وكانت عدد مقاعده التي فاز بها متقاربة جداً في انتخابات نيسان وأيلول 2019، لكن نتنياهو وغانتس رفضا تشكيل ائتلاف حكومي، رغم دعوتهما من قبل رئيس إسرائيل، رؤوفين ريفلين، لتشكيل حكومة وحدة وطنية لتجنّب الذهاب لانتخابات جديدة، إلا أن غانتس رفض أن يشارك نتنياهو بالسلطة بسبب تهم الفساد الموجّهة إليه. فكانت الانتخابات الثالثة في آذار 2020، وأسفرت النتائج عن تقدّم «الليكود» بثلاثة مقاعد على «كاحول لفان»، ورغم ذلك فشلت محاولات نتنياهو وغانتس في تشكيل الحكومة، ولكسر الجمود السياسي في ظل جائحة «كورونا» واهتزاز الوضع الاقتصادي في إسرائيل، وافق غانتس في أيار 2020 على اقتراح نتنياهو بالانضمام إلى حكومة وحدة طارئة لعلاج الأزمة، على أن تكون رئاسة الحكومة بالتناوب بينهما، على أن يتسلّم غانتس حقيبة وزارة الأمن، وأشكنازي وزارة الخارجية.

أدّى قرار غانتس الانضمام إلى حكومة الوحدة إلى تفكّك تحالف «كاحول لافان»، فانسحب لبيد ويعلون منه ورفضا المشاركة في الحكومة. واستمرت هذه الحكومة الهشّة سبعة أشهر، وسط شكوك بأن يتولى غانتس رئاسة الحكومة في تشرين الثاني 2021. وعمل نتنياهو غير القادر على تقاسم الحكم مع أحد، على إقصاء شريكه غانتس في اتخاذ القرارات المتعلقة بأزمة «كورونا»، وأخفى تحركاته السياسية والدبلوماسية عنه وعن وزير الخارجية أشكنازي، في كل ما يتعلق باتفاقيات التطبيع مع الدول العربية. هذه الخلافات وصلت إلى ذروتها بعد خلاف غانتس ونتنياهو حول الموازنة. إذ حلّ الكنيست نفسه في 23 كانون الأول 2020 بعد انقضاء المهلة الأخيرة لتمريرها، ما قضى على فرص تمديد الحكومة، رغم ميل نتنياهو وغانتس إلى تأجيل الانتخابات.

انتقل حزب غانتس «كاحول لفان»، من ثاني أكبر حزب في إسرائيل إلى حزب ينازع ليتجاوز نسبة الحسم في استطلاعات الرأي. إذ تراجعت شعبية غانتس إثر انضمامه إلى حكومة الوحدة، وخيّب أمل ناخبيه الذين اعتبروه، في الانتخابات السابقة، بديلاً أفضل من نتنياهو. وشهد الحزب انشقاق وانسحاب شخصيات بارزة، ما سبّب تدهوراً كبيراً في هيبته. إذ أعلن الرجل الثاني على القائمة ووزير الخارجية، غابي أشكنازي، انسحابه من خوض الانتخابات وانسحابه من الحياة السياسية. كما انشقّ وزير العدل آفي نيسنكورن لينضم إلى حزب «إسرائيليون» الذي أسّسه رئيس بلدية تل أبيب، رون حولدائي. بالإضافة إلى انسحاب وزير الشتات عومر يانكيليفيتش، وأعضاء آخرين بالحزب.

ويخوض «كاحول لفان» الانتخابات الحالية بقائمة مرشحين تضم ستة وزراء حاليين، ليست فيهم شخصيات مؤثرة يمكنها جذب الناخبين. ويصرّ غانتس على خوض الانتخابات رغم تشكيك الاستطلاعات في قدرته على البقاء في الخريطة الحزبية.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا