مساعي التهدئة تصطدم بقرار الفصائل: الردّ أولاً
من جهة أخرى، وعلى رغم استمرار رد المقاومة منذ فجر أمس، لم تيأس القاهرة من مواصلة الاتصالات لـ«احتواء الموقف» لكن دون استجابة من «الجهاد الإسلامي». وعلمت «الأخبار» من المصادر أنه منذ وقت باكر أمس أجرى جهاز المخابرات العامة المصرية سلسلة اتصالات مع الفصائل، خاصة «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، اللتان أبلغتاه أنه من المبكر الحديث عن تهدئة، على الأقل خلال الساعات الـ48 الأولى، وقبل «رد واسع وكبير على جريمة الاغتيال». وبينما رفضت «الجهاد الإسلامي» مبدأ الحديث عن تهدئة الآن، كشفت المصادر أن «حماس» أبدت تجاوباً أولياً مع الاتصالات المصرية، لكنها رهنت ذلك بموقف «الجهاد» التي أبلغت بدورها أن تفكيرها الآن محصور في ما تريده المقاومة لا ما يريده العدو الإسرائيلي.
بالتوازي مع ذلك، أجرت «حماس» و«الجهاد» مباحثات تفصيلية حول آليات الرد على الاعتداء الذي مثل كسراً لقواعد الاشتباك، ما أفضى إلى التوافق على أن «سرايا القدس» هي الموكّل الأساسي بالرد باعتبارها «ولي الدم»، ومن ثمّ تدخل الأجنحة العسكرية الأخرى المنضوية ضمن« غرفة العمليات المشتركة» في حال استدعى الأمر ذلك طبقاً لـ«رؤية توافقية». في هذا الإطار، ورداً على المحاولات الإسرائيلية لضرب العلاقات بين الحركتين، قال القيادي في «حماس» أسامة حمدان، في تصريحات تلفزيونية أمس، إنه من الطبيعي أن يكون الرد الأول على عملية الاغتيال من «الجهاد الإسلامي»، مضيفاً: «ليس ضرورياً أن نتكلم على كل ما يجري في الميدان، وفي الساعات المقبلة ستتضح الرؤية للجميع وسيسكت المشككون، ولن يكون إخوتنا وحدهم في الميدان».
بالتوازي مع ذلك، تلقت «حماس» اتصالات من الوسيط الأممي نيكولاي ملادينوف، وأيضاً من السفير القطري محمد العمادي، وطلب كل منهما «ضبط الأوضاع» خشية الذهاب إلى مواجهة واسعة و«شديدة التدمير» لغزة، فيما وصفت المصادر المشهد عامة والاتصالات خاصة بـ«الموقف المعقد». وضمن مساعي التهدئة، استدعت مصر ملادينوف على نحو عاجل مساء أمس إلى القاهرة، فيما سيكون اليوم حاسماً ميدانياً أكثر من الجانب السياسي، ولاسيما أن تقديرات إسرائيل، وإن خفّضت من مستوى الاستنفار على صعيد الداخل، فإنها لا تغامر باعتبار أن ما حدث هو الرد كلّه. كما أن مصادر في المقاومة ترى في التصعيد الأخير حساباً مفتوحاً، وفرصة لإنهاك الجبهة الداخلية الإسرائيلية ثم توجيه ضربة قوية «تكوي الوعي الإسرائيلي» كي لا يفكر مرة أخرى في اغتيال أحد.