اشكر الصديق الأستاذ إبراهيم الأمين، على ثقته وتعويله على شهادتي، حول مقالته «المسألة الدرزية: خطأ النأي بالنفس».أنا لست باحثاً في هذا المجال، الا أنني عاصرت فترة تتيح لي الادلاء ببعض الأمور، التي عرفتها عن كثب.
وقبل ذلك أريد أن أطرح وجهة نظر حول إسرائيل والأقليات. منذ بدء المشروع الصهيوني لإقامة دولة إسرائيل، وبعد قيام الدولة، كانت نظرية تحالف الأقليات في الوطن العربي هدفاً استراتيجياً للصهاينة، وللغرب الاستعماري.

فهل هذه المقولة، أو النظرية قائمة الآن؟ ما أعرفه أن أميركا، منذ سنة 1994، سلكت اتجاهاً آخر يتمثل بالمصالحة بين اليهود والأكثرية الإسلامية. والكثير مما يجري في ساحتنا يؤكد ذلك. فالعلاقة الإسرائيلية مع الأنظمة العربية، إضافة إلى نجاح الإعلام العربي والعالمي، في تحويل الصراع من عربي ـــ إسرائيل إلى صراعات مذهبية داخلياً، ومع إيران خارجياً، جعل نجاح المصالحة الاسرائيلية ـــ الإسلامية قيد التحقيق. ومن شأن ذلك، تهميش نظرية تحالف الأقليات في الأجندة الإسرائيلية.
نعود للحديث مجدداً. ما أعرفه ان هناك بعض الشخصيات اللبنانية والفلسطينية، وتحديداً في الستينيات، نشطت وأجرت لقاءات مع إسرائيليين، ولما تناهى الأمر إلى مسامع شوكت شقير وكمال جنبلاط، أحسا بخطورة الخطوة، ولجآ الى عبد الناصر، طارحين ما لديهما من معطيات.
ولست أذكر إن كان اتفاق كمال جنبلاط مع عبد الناصر على اعتراف الأزهر بالمذهب الدرزي، وارسال مشايخ دروز إلى الأزهر، خطوة في سبيل تحصين الساحة الدرزية أمام تلك المشاريع المشبوهة.
هناك واقعة وحيدة تربط كمال جنبلاط بالمخطط المذكور، وردت في مذكرات أكرم الحوراني، حين يتحدث عن سيدة جاءت تحدثه عن قيام كيان درزي. ولما سألها عمن أرسلها، قالت له إن كمال جنبلاط أوصلها...
الحوراني لا يكذب، ولكن ماذا عن المرأة؟ كان الحوراني صديقاً لكمال جنبلاط، فلماذا لما يفاتحه بالأمر ويتأكد منه قبل تسطير الواقعة. هذا أولاً. أما ثانياً فإن كان كمال جنبلاط منخرطاً في المخطط فهل يعقل ان يكشفها ويكشف دوره فيها؟
وإن كان كمال جنبلاط يبحث عمن يشارك ويؤيد قيام الكيان، فهل يتوجه إلى أكرم الحوراني، القائد البارز في قتال إسرائيل؟
حديث ضعيف، بل متهالك، ويدعو إلى الدهشة والاستغراب؟
أما ما جرى في حرب الجبل من تواصل بعض المسؤولين العسكريين، وغيرهم، مع قوات الاحتلال، في عاليه ومناطق أخرى من الجبل، فيعود إما إلى التعاطي الأقرب إلى الأمر الواقع، أو توسلاً لنجاح المعركة مع القوات اللبنانية، وبعضه ارتزاقاً، وعمالة. إلا أن ذلك لا يرقى إلى بناء تحالف سياسي، يرمي إلى قيام كيان درزي...