تحية العروبة،أمّا بعد،
في رسالتي المفتوحة (إلى أهلي في جبل العرب)، في العشرين من شهر أيلول الماضي، طرحتُ سؤالاً عميقاً على الحَراك في السويداء، وهو الآتي:
«ماذا سيكون موقف الحَراك فيما لو دفع الأميركان بمسلّحين مدرّبين باتجاه الجبل، وفي الوقت نفسه، دَفَع الأردن بقوّات له مسلّحة، كما هدّد أحد الألوية المتقاعدين في الجيش الأردني، لتطبّق تلك القوّات، في الجنوب السوري، ما يشبه اتفاق أضنة في الشمال السوري؟! ماذا سيكون حينها موقف أهلنا الشجعان؟! هل أعدّ الحَراك خطّة للتصدّي لمثل هذا السيناريو التقسيمي؟».
لماذا برأيكم كنتُ قد خمّنتُ ما ستفعله القوّات العسكرية الأردنية، وهي لم تكذّب ظنّي؟! هل لأني أنجّم مثلاً؟! لا، مطلقاً! لكنّي استشففتُ ذلك، لأنّ معظم القوى، إنْ لم أقلْ كلّها من حول سوريا، تأخذ بمقولة الشاعر والفيلسوف السوري، أبي العلاء المعرّي، وقد أرهقه المرض، إذ قال:
«استضعفوكَ فوصفوكَ، هلّا وصفوا شبل الأسد؟!»
الأردن، أو شرقي الأردن، أي، شرقيّ نهر الأردن، هو، تاريخياً، جنوب سوريا، وقد تمّ تقسيمها لرغبة القوى الاستعمارية الغربية في السيطرة على هذه المنطقة، منذ قرن مضى! كذلك فلسطين، فهي، في قلوب السوريين، لكنها في جنوب سوريا أيضاً.
منذ عام 2011، وسوريا تتلقّى ضربات من الغرب ومن أدوات الإرهاب المتدرِّبة غربياً ومن بعض العرب. ونعرف تماماً ما فعلتْه الغرف السُّود، في جنوب سوريا وشمالها، من تخريب ومساندة للإرهاب لزعزعة الدولة السورية وتقويضها. وقد التقت هذه الأفعال بأهداف الغرب الاستعماري وتركيا الإخوانية والكيان الصهيوني وأدواتهم جميعهم، الإرهاب العالمي!
لقد تعلّمتم جميعاً، من «الويلات» المتحدة الأميركية، استخدام العضلات، حين يضعف الجار! وسوريا ليست جاراً، بل هي أمّ لكم! فماذا أطلقت العرب على الابن الذي يستقوي على أمّه؟! أترك لكم وصف فعلتكم في قصف جبل العرب، وهو ما أدّى إلى اغتيال عائلات مدنية، تعيش على «قدّ الحال» في ظروفنا الصعبة التي نعانيها! وتالياً، لا علاقة لها بالتهريب المزعوم!
لكنْ... هل فعلاً ستستمرّون في طريقكم تلك، كما نمى إلى مسامعنا من وزارة خارجيتكم؟!
شخصياً، لا أنصحكم بهذه الطريق! فـ«الويلات» المتحدة لن تدوم لكم سنداً في المنطقة، وهي في القريب العاجل سوف تنسحب من منطقتنا جارّةً أذيال الخيبة! وها هي تتلقّى ضربات موجِعة من أهلنا في اليمن العظيم! أمّا الكيان الصهيوني، فها هو يتشرذم و«يتبهدل» من المقاوِمين الأشاوس في غزة. فهل يستند عاقل إلى «الحيطة المايلة»؟!
إنْ كنتم فعلاً تسعون لردع التهريب، بكل أشكاله، فعليكم بزجْر تجّار التهريب الأردنيين الذين يعملون في ذلك، لا الاستقواء على مدنيين آمنين في جبل العرب!
أكتب إليكم هذه الرسالة لأني حفيدة القائد العام للثورة السورية الكبرى، ولا أزال أحمل الحُبّ للأردن، ابن سوريا، وللكرك وأهلها، البلد الذي استقبل سلطان وعائلته ورفاقه بحبّ وترحاب.
والسلام ختام.