بداية، أحيّي وأبارك للصديق العتيق والزميل العزيز المؤرّخ منذر محمود جابر، على إنجازه كتابه الجامع عن «يوسف بك الزين، من جبل عامل إلى الجنوب اللبناني». ومن ثم أستأذنه أن أتناول بالنقد البنّاء ما ضمّنه، موجزاً وبتصرّف، عن المقاومة العاملية للاحتلال الفرنسي (1919/1920) في صفحات معدودات، قال فيها ما يريد وأغفل ما لا يريد؛ وربما الإيجاز أفسد الحقيقة. وعليه، فلي في ما أورده الزميل جابر رؤية مغايرة، موثّقة من أصول المصادر (أرشيف فرنسي، وأرشيف صحافي متنوّع، ومخطوطات ومفكّرات ومذكّرات عاملية)، أقدّمها للقراء إغناءً للحقائق التاريخية اللبنانية والعاملية، وتعميماً للفائدة... آملاً ألّا يفسد اختلاف الرأي في الود قضية. يبدأ الصديق الزميل د. جابر كلامه على المقاومة العاملية بالإشارة إلى «فورة حراك العصابات سنة 1920»؛ وسريعاً يلحقها بـ«تآكل موقع العصابات الشيعية من فرنسا... حرباً عليها دولة احتلال». وبين «الفورة» و«التآكل» يُغيّب أي حديث عن أعمال المقاومة البطولية ضد المحتل. ثم ينتقل سريعاً للأخذ بروايات شعبية تنعت ثوار جبل عامل بـ«مجرمين»، في حين أن أقسى ما نُعتوا به،على لسان العدو الفرنسي والصحف الموالية له، هو لفظ «أشقياء». غريب هذا الوصف السلبي جداً للثوار، يأخذ به جابر الأكاديمي من المرويات الشعبية، وبين يديه «مذكرات» الشيخ أحمد رضا و«مفكرات» الشيخ سليمان ظاهر، التي توثّق أعمال المقاومين وتنعتهم بـ«الثوار والثائرين، والثورة». والشيخان وقوران صادقان لم يقصّرا في نقد الثوار عند اللزوم؛ كقول أحمد رضا: «دخلتْ بين عصابات الثوار جماعة خرجت عن الجادة، ودخلت في الفوضى وأصبحت تلتهم الأخضر واليابس... في سبيل الأطماع الشخصية» (1).
وبعد «الجُرمية»، يرجم د. جابر الثوار بقول: «جهلاء ودخلاء وقطاع طرق وساقطي مبادئ» (ص171)، ويسند القول تعسفاً لسليمان ظاهر (آب 1919). وبعد البحث والتدقيق يتضح أن هذه الأقوال لا تقصد الثوار، لأن المقاومة العاملية لم تكن قد ولدت بعد؛ بل تعني «الجهلاء... وساقطي المبادئ» (2) من العامليين الذين وشوا بمواطنيهم، خضوعاً لإرادة الفرنسيين للانتقام من «الأكثرية الطاحنة» في جبل عامل المؤيدة للخيار الاستقلالي الوحدوي العربي أمام لجنة الاستفتاء الدولية. ويومها، حيكت مؤامرة لاغتيال الشيخين رضا وظاهر «والله نجّاهما». فهل في الأمر سوء توثيق، أم سوء تقدير، أم تورية ما عن تلك المرحلة من انحلال الروابط الاجتماعية، وتفكك المجتمع العاملي؟(3).
عندما قرأت هذا التقييم المغلوط لـ«ثورة جبل عامل»(4)، حضرتني تساؤلات: لماذا لا يزال بعض العامليين «يستوْطون حيط تلك المقاومة ويتجاسرون عليها»؟ ألَم يكن طانيوس شاهين مكارياً؟ لقد بحثتُ ووجدت ونشرتُ اعترافات الجيش الفرنسي في أرشيفه بدور المقاومة العاملية في عرقلة مشاريع الاحتلال الفرنسي. يقول غورو: «السلطة الفرنسية... اضطرت إلى صرف جهودها وقواها لقمع الفتن المتْوالية [في جبل عامل] فضلاً عن العبء العسكري والمالي» (5). فهل نكون فرنسيين أكثر من غورو؟ في الشائع الشعبي أن الناس «تعمل من الحبة قبة»، نحن عندنا قبة عملناها حبة، بتعقيدات سيكولوجية-سوسيولوجية وحساسيات فئوية. فلماذا ينكر بعض العامليين الواعين، ماضياً وحاضراً، تلك الحركة ويحيلونها إلى «اُرْطة حرامية وبدّك تعملهم ثوار»؟(6)، متناسين فِعال ثوار اليوم من «مصادرات وغنائم حرب» في معارك الأسواق والفنادق والنبعة والكرنتينا والدامور وغيرها، في عصر التنوير.
إن حركة مقاومة 1920 هُزمت ويُتّمت وكَثُر سلّاخوها، للأسباب التالية:
أ- باختصار شديد: مَعينها الفكري محدود، وتوازنها العسكري مفقود، وعتادها بدائي معدود.
ب- كانت حركة نضالية من «صعاليك البكوات» -إن صحت التسمية- (صادق وأدهم) لم تصطدم بهم (حتى افترض جابر تنسيقاً خفياً بينهم، متأثراً بسلوك البكوات اللاحق بتوجيه رجالهم لسرقة ماشية الخصْم، ثم يأتي البك لرد المسروقات). لكن أثّرت ضمناً سلباً على سلطاتهم. يقول غورو إن «وحدة الجماهير العاملية تتشكل من دون الزعماء، وبالتالي على حسابهم»، ويتابع محلّلاً معلّلاً: إذا كان «بعضهم قد أيّد حتى الآن الحركة الوطنية (المقاومة) فهم خائفون اليوم من هذا التوجه، ويريدون إيقاف هذا المد الصاعد. لكن جاء متأخراً» (7).
ج - هزمت الثورة فارتاح منها البكوات والأعيان، وعادوا إلى سلطاتهم وعاد لهم مؤيدوهم. و«طفّوا» سيرة الثورة بشكل ممنهج، فصارت فورة عند البعض وأثراً بعد عين. وساد الاحتلال حتى إن ذوي الثوار تنكّروا لشهدائهم «تقية»... وللمكابرين أقول: تذكّروا كظم الوطنيين غيظهم تحت احتلال إسرائيل، حتى أنكروا نضالاتهم (مثال: في قريتي عيناثا «بعثي صلب» أنكر ابنه الشهيد ورفض التعرف إليه -وكذا في بيت ليف- ودفنه الأهالي دون دموع).
وعلى منوال السلّم الاجتماعي الطبقي الذي طمَس المقاومة العاملية، أذيعُ سرّاً خطيراً بدلالاته عمره 100 سنة، طمَسته هالة البكَوية، فالبك أدهم خنجر لم يكن في عملية اغتيال غورو 1921، بل كان صادق حمزة وموسى بوزكلي (حولا)، بشهادة الأرشيف الفرنسي بالأرقام والأسماء. مبدئياً، في الأرشيف تُكتم الوثائق رسمياً لنصف قرن، أمّا محلياً فكيف ظل هذا الأمر مستوراً مغلوطاً لقرن من الزمان؟ لا تفسير إلا أن البكَوية اجتاحت الخبْرية الفلاحية (8)، أمّا بقية تاريخ أدهم المقاوم مع سلطان الأطرش فيبقى مثبتاً صحيحاً.
د - في مجتمعاتنا العربية، وبفعل الرواسب القبلية، صار الشهداء قبائل وحصَصاً، يقدّسهم بعض وينكرهم بعض آخر، فضلاً عن الصراع الداخلي وتداخل الشهداء. فباتت المقاومة العاملية من القرن الماضي «شهيدةً دون نوّاحات». وللمكذبين أقول: في عيناثا شهيدان فلاحان ضد السلطة الفرنسية، عام 1936، كُرّما يومها بقُبّة على الضريح. لكن الاحتلال الإسرائيلي هدم القبة حقداً (9). وبعد النصر والتحرير لم يُعد بناء القبة حتى الآن، وبُني محلها كاراج، واستُعيض عنها ببلاطة على جدار (أمر غير مرْضٍ برسم الوطنيين المجاهدين).
والخلاصة، يمكن للعامة أن تخطئ التقدير، أمّا خاصة المفكرين وقادة الرأي والمجتمع والمؤرخين والشعراء، فعليهم التعمّق في التفكير والتقدير والتخليد.
وبالعودة إلى د. جابر، فهو يهمل حرب المقاومة العاملية ضد الاحتلال الفرنسي كلياً، ويحيلها سريعاً إلى حربين سلبيتين: «حرب مع المسيحيين في جبل عامل، وحرب مع قسم من الاجتماع الشيعي العاملي نفسه». والواقع أنه لم تكن هناك حروب منفصلة عن الحرب الأساسية على فرنسا المحتلة و«الحزب الميال لها» (10) وعلى مَن كان «إلباً لها على الوطن» من أيّ ملّة كانت، لأن المقاومة «وطنية لا دينية»(11)- صرّح صادق حمزة باسم قادة الثورة في مؤتمر الحجير. كلامٌ صادق في مؤتمرٍ مسؤول، أمام أعيان مسؤولين، وما خرج عن ذلك يدخل في باب فوضى النقل، والتشهير والإساءة إلى الثورة العاملية. وعليه، ازددتُ إلحاحاً لتجاوز أدبيات الصداقة العميقة جداً، والقديمة جداً منذ 1968، تخلّلها شراكة علمية واجتماعية و«خبز وملح»، لإعداد بحث تقويمي لتلك المقولات التي تطاول المجتمع العاملي برمّته، بنضالاته العربية الفطرية التي أقرّ العدو الفرنسي بفعاليتها -كما سلف وكما سيلحق- والوثائق تشهد.
[في «الحرب مع المسيحيين»، ولحراجة الموضوع الطائفي في لبنان الطائفي، أؤكد أنّي لست في معرض تبرير عدوان ثوار شيعة على مسيحيين، إنما أقوم بواجبي التأريخي في عرض الأحداث موضوعياً، وتعليلها علمياً. ففي الموضوعية المنهجية للتأريخ: إن أي مراعاة لفريق (مسيحي أو إسلامي) تعني إساءة إلى الفريق المقابل، مهما غُلّفت بذرائع وطنية؛ وبالتالي إن الجهر بالحقائق التاريخية، مهما بلغت قساوتها خير من كتمانها كلياً أو جزئياً، لأن وقائع الأحداث ورواسبها تبقى في ذاكرة العامة، تفهمها وتفسرها على عصبياتها وهواها، والأجدى للأجيال الحاضرة الواعية أن تطّلع، وتقيّم وتعتبر، والخطأ أبو الصواب].
على هذه المنهجية كان لي في المقاومة العاملية للاحتلال الفرنسي أطروحة دكتوراه أكاديمية، ثم كتاب خاص بعنوان «جبل عامل بين سوريا الكبرى ولبنان الكبير 1918/1920/ حقائق بالوثائق» (630 صفحة)؛ أقتطف منه ما يفي بالغرض الموضوعي لما أراه تصويباً للتاريخ العاملي الحديث، وعرْضاً لما أمكن من أعمال المقاومة للاحتلال، التي تجاوزها المؤرخ د. منذر جابر.
وبدْءاً بشهادة الجنرال غورو في تقاريره في الأرشيف الفرنسي عن حرب الثوار المقاومين، فهو يوجزها ويقول: «كانت حرباً شديدة جداً»، «ذات طابع عسكري»، و«ذات هدف سياسي»: سواء لـ«طردنا من المنطقة الغربية»، أو لـ«تأمين انضمام مناطق (كجبل عامل) إلى الحكم الشريفي»، أو لـ«ينتزعوا منا أصدقاءنا القدامى»، أو للرد على «وثائق الاخلاص لـ"لبنان الكبير"، التي وقّعها مؤيدنا، كامل بك الأسعد، زعيم تلك البلاد»، و«هو المتعاطف الأكبر مع فرنسا» (Le plus grand Francophile)... وبعد غورو يعترف بعض المسيحيين بـ«الثورة» و«بأن غرض الثائرين لم يكن القتل والنهب، بل كانوا ينشدون الهدف الأسمى» (12) (التحرير والاستقلال).
وعلى هامش هذه الحرب الرئيسة ضد الاحتلال، كانت أعمال المقاومة تطاول «الحزب الميال لفرنسا»، من قرى مسيحية كثيرة وقرى مسلمة قليلة، لأسباب سياسية موحدة ورّطتهم بها فرنسا المنتدبة. وفي التفاصيل: سعى الفرنسيون، على الأغلب الأعمّ، إلى تنظيم المؤيدين في «جمعيات فرنسوية» مموَّلة ومتسلطة في القرى، أو إلى نظْم جماعات مسلحة بنحو 20 ألف بندقية فرنسية، وزّعها الجنرال غورو على المتطوعين. ومارس هؤلاء تأييدهم السياسي للمحتل موثّقاً (بمواكب وتظاهرات وهتافات مستفزّة، زيارات واستقبالات ومهرجانات ورفْع رايات فرنسية على المآذن وإساءات للمقدسات الإسلامية)، أو بإسهامهم الحربي (إسناداً ودفاعاً وقتالاً). وهذا الفعل الأخير كان سبب قتال الثوار لهم واستهداف ممتلكاتهم؛ «غنائم حرب» أو «حرب اقتصادية» بالتعبير الحديث: حرقاً وتدميراً ونهباً، وبخاصة إتلاف حواصل التموين والغلّة، أو إحراق المزروعات في الحقول...أذيّة اقتصادية (13).
وللحقيقة المؤكدة الموثّقة (على مسؤوليتي) كان الجيش الفرنسي ومتطوعوه يقومون بمثل هذه الأعمال بحملاتهم الانتقامية على القرى المسلمة: مصادرات وغرامات وأعباء اقتصادية وضغوطات سياسية. يا للسياسة! تختلف المفردات والفعل واحد.
أمّا مَن سلّم سلاحه الفرنسي وخرج من مؤازرة المحتل وبطُل دوره العسكري، فحيّده الثوار: أفراداً وجماعات (قرية العدوسية)، وقرى بقيت مسالمة لمحيطها (رميش وعلما الشـعب والقوزح ودبل)، إضافة إلى القرى المشتركة طوائفياً (تبنين ويارون، الخيام، بلاط، صفد البطيخ). إنّ توثيق هذه الحالات مثبت من مختلف المصادر والمراجع وبخاصة الأرشيف الفرنسي والصحف الموالية للفرنسيين («البشير» و«المشرق»)، أثبتُها بصيغة: «شهِد شاهد من أهله».
وتنقل «لسان الحال» صورة عن ليونة الثوار في الهجوم على مرجعيون، أوائل 1920، تقول: «وكان صائح (من الثوار) يصيح: لا تطلقوا علينا النار، الأمان الأمان يا أهل جديْدة، وكان الصائح معروفاً لديهم، وهكذا سكت الشبان»، ودخل الثوار إلى دار الخواجة سالم صائغ حيث التقوا بعض وجوه الجديْدة، وأمّنوا الأهالي، وخيّروهم بقولهم: «إنّ كل من لا يريد الاستقلال التام عليه أن يخرج آمناً على نفسه وأهله...فما شعروا إلا والنار تطلق (14) عليهم من العسكر والمتطوعة [الأغلب من متطوعي جبل لبنان] وبعض شبان الجديْدة، فثار العرب إلى سلاحهم، وكان ما كان»...قتالاً وحرقاً وتدميراً، وبدأ النزوح الشامل لأهالي الجديْدة: سواء منهم «الميالون لفرنسا» خوفاً من الثوار، أو «العروبيون» خوفاً من الجيش الفرنسي ومتطوعيه الذين هدّدوا بالقول: «إن سلِمتم من الثوار فلن تسلموا منا، فهام النساء والأطفال على وجوههم» نحو مزرعة الجُريْن (15).
أمّا ما سمّاه د. جابر «الاحتراب الشيعي»، فلم يكن منه فعلٌ دالّ على صدق المعنى. فقلّما كان انقسام عاملي حيال المحتل الأجنبي. ورفْض الاحتلال والدعوة إلى الاستقلال والوحدة السورية، كل ذلك كان رؤىً عامة للعامليين، خاصة وعامة، إلا ما ندر. وقد عبّروا عن آمالهم في عرائضهم ووفودهم وتظاهراتهم واستفتائهم (10 تموز 1919) أمام لجنة الاستفتاء في صيدا وصور. ولمّا كانت حملة الانتقام الفرنسي من الاستفتاء (16) صارت الدعوة العاملية إلى المقاومة العسكرية عامة، حتى لدى البكوات والأعيان والمشايخ، في حضرة الإمام شرف الدين، في تشرين ثاني 1919، في قريته شحور، حيث قرروا بالإجماع «القيام بكل ما من شأنه نزع وصاية فرنسا على البلاد» (17)- تنقل «البشير». وقد تأكّد ذلك المبدأ ضد الاحتلال، غير مباشرة، في مؤتمر الحجير 24 نيسان 1920، بقرار الانضمام إلى الملَكية العربية بدمشق، مع التشديد على «حماية النصارى»!
ثم ظهر الاحتضان الشعبي للثوار في المشاهد التالية: استقبالات شعبية للمقاومين في القرى، وحلقات دبكة ابتهاجاً، وتزويدهم بالتموين البلدي (مأكولات، خبز، ومؤن، إلخ). وبدأ الشباب يلتحقون بالثورة، بأسلحتهم على نفقتهم الخاصة، مردّدين: «هلمّ نجاهد في سبيل الوطن». ويُروى أنه بعد إغارتهم على أحد «المشبوهين» بجويا، التحق بهم العشرات بطريق عودتهم إلى جبل هونين، حتى وصلوا إلى الحولة نحواً من 130 متطوعاً (18).
من ناحية أخرى، صحيح كانت للثوار إغارات خاصة على بعض الشيعة، إنما ليس «احتراباً شيعياً» بل «عقاباً أو إنذاراً» في حالات معينة، منها: ضد من يميل إلى الفرنسيين أو من يتسلح منهم ويرفض تسليم سلاحه...أو مَن يرفض التبرع لنفقة الثوار من الأغنياء (يوسف بك الزين وعلي مديحلي من قرية المنصوري، وغيرهما) (19)، وبخاصة في مرحلة الضيق والتهجير والحاجة، بعد حملة نيجر (مثال قرية عِبّا، حزيران 1920، وغيرها). يقول الثائر الزين طباجة من عديسة، بعفويته القروية: «واللي نلاقيه خاين نروح نْطب ع دبّاتو» (20)، وتعني نغزو مواشيه. أمّا ما خرج عن هذه الحالات فكان نادراً، وجلّ من لا يخطئ، وغالباً ممن التحقوا بالثوار من «الخارجين عن الجادة...يلتهمون الأخضر واليابس» - على قول أحمد رضا. وغالباً كان هؤلاء يخضعون للتأديب. مثال: أحد رجال صادق قتل شخصاً وسلبه فرسه، فقتله صادق في المكان نفسه. ومرة سلب البعض بوادي الدب حمولة دابة من الأقوات، «ففرْجاهم صادق نجوم الظهر» (21).
أمّا الحال مع الأعيان: فآل الصلح وحلفاؤهم آل الخليل مؤيدون للمقاومين والحاج إسماعيل الخليل كان ملاذاً لهم بالتموين والتمويل والرجال والسلاح رداً على مضايقات الحاكم الفرنسي له (22). أمّا كامل الأسعد وبكواته فكانوا مع الثورة بشيء من التذبذب والتقية (23). ومرة أفصح الأسعد بأنه يرغب بالتخلص من صادق الحمزة، ولكن «بعض موانع (شعبية) تمنعه» (24). ومرة ثانية صرّح أنه كان دوماً يشكو الثوار، سرّاً، إلى حكام مرجعيون والنبطية، لكن هؤلاء لم يلبوا في القضاء عليهم (25)... وهنا، انتهز جابر فرصة التناقضات الضمنية ليفترض تحالفاً أسعدياً-فرنسياً مضاداً للأول، لينال بالفرضيتين المتناقضتين من الثوار والأسعد معاً، وليَعتبر هرب الأسعد (مرتين) من الحملات الفرنسية إلى الشام هرباً غير مبرر. لكن الكل يعرف أن «الزعيم البك» كان يمكنه إسقاط الملاحقة عنه وإنقاذ قصره لو أعلن خضوعه المطلق للفرنسي... أقول هذا ليس دفاعاً عن البك، وأنا ضد كل البكوات أو ما يعادلهم، إنما تبياناً للحقيقة والواقع. فالزعيم لا يخرج عن العامة إلا في ظروف محسوبة سلفاً، وهذا ما أعلنه الأسعد عندما تهرّب من طلبِ الفرنسيين عرائض ضد ملَكية فيصل، وإنشاء «حرس وطني»، وقال: «بصفتي رئيس هذه البلاد لا أستطيع أن أفعل ما لا يريدونه... ولا يذعنون لرياستي... في ما يخالف مبدأهم الديني» (26)، وإنْ لم تعفوني من ذلك سأهجر إلى فلسطين. وتأكيداً لحدْس «البك» بالتمرّد العاملي عليه، كان شبان يلتفون حول قادة «العصابات» (أدهم وصادق) سنداً وحماية.
وينقل الأرشيف الفرنسي رؤية الجنرال غورو عن الحراك الاجتماعي العاملي: إن «وحدة الجماهير العاملية صارت تتشكل من دون الزعماء، وبالتالي على حسابهم»؛ ويتابع محلّلاً معلّلاً: إذا كان «بعضهم قد أيّد حتى الآن الحركة الوطنية (المقاومة)، فهم خائفون اليوم من هذا التوجه، ويريدون إيقاف هذا المد الصاعد. لكن هذا جاء متأخراً» (27). لكن لحسن حظ الزعماء، جاءت حملة نيجر الفرنسية لتنهي هذه الحركة، وتعيد جبل عامل إلى تقليده «البيكوي»... إلى أن كان ظهور الإمام موسى الصدر في النصف الثاني من القرن العشرين، الذي أسّس لإنهاء الإقطاع السياسي التقليدي، ولكن للأسف، لتتجدّد تلك البُنى بأوجه حداثوية متطورة.
أمّا الإعراب الجهري عن نقمة الأعيان على الثوار فلم يكن، فعلاً، إلا مع حملة نيجر (أيار/حزيران 1920) لأسباب عامة لا خاصة. ذلك أن موازين القوى السياسية والعسكرية انقلبت رأساً على عقب، وفظائع الفرنسيين استفحلت، والأحلام الاستقلالية أُحبطت، والويلات بالأرواح والأملاك تضاعفت؛ فحُكِم الزعماء بالإعدام أو النفي واعتُقل من تبقّى منهم في جبل عامل، وحجِّر عليهم في صيدا حتى يعلنوا الاستسلام التام، والرضوخ لطلباتهم السياسية والمادية، وآخرها نُصْح، لا بل إرغام، فلول الثوار على الكف عن المقاومة (28).
وهنا بالذات، وليس قبل ذلك، سُجل أوّل تباين جدّي ظرفي بين المقاومين الغاضبين المحبطين والأعيان العاملين لوقف مسار الحملة التدميرية الفرنسية على العامة. وذهب وفدهم التسووي إلى النبطية لاستنقاذ الوضع العاملي الكارثي، وراسلَ الثوار للتهدئة، لعلّ «في سكينتهم قد تجدي شفاعة الشافعين باستصدار العفو عنهم»، لكنهم لم يذعنوا؛ عندها قال الشيخ عبد الحسين صادق للشيخ حسين مغنية غاضباً: «هلُمّ نذهب بأنفسنا إليهم ونحاربهم إن لم يكفوا»(29).

زيارة وفد عاملي لغورو وردّ الزيارة
عنوان طريف من عناوين د. جابر عن جبل عامل (ص 162)، يوحي، للوهلة الأولى، بالود والوئام وتوافق العلاقات بين الطرفين، خلافاً للواقع. وحقيقة الأمر أن وفد العامليين كان مَسوقاً إلى غورو في ظروف حرجة عدائية ملخّصها: إغارات المقاومة العربية على ثكنة مرجعيون أواخر 1919 واحتلال البلدة لأيام وإجلاء الجيش الفرنسي إلى المطلة اليهودية؛ تبعتها حملة المقدم ديسباس الانتقامية التدميرية لقرى منطقة مرجعيون وأهليها، بمن فيهم البك الأسعد. ذلك أن الإعلام الموجّه صوّر «زعيم البلاد» بأنه رأس المقاومة العاملية، فتوجهت فرقة (ألف جندي) لاعتقاله في بلدته الطيبة... لكن البك استبقها لاجئاً إلى الشام، فدُمّر قصره ونُهب أثاثه. وأحس العامليون بشيء من «اليتْم السياسي» بغياب زعيمهم.
هنا، وفي هذه الظروف المأساوية، جاء استدعاء أعيان العامليين لزيارة غورو، وعلى رأسهم السيد عبد الحسين شرف الدين، للتشفّع لديه للعفو عن «البك الأسعد»، وإعادته إلى «جبله». ولبّى غورو رغبتهم بثمن ثقيل: شرْط موافقة جبل عامل على الانضمام إلى لبنان الكبير (30). وكان القبول القسري في أواخر كانون ثاني 1920 (ولن أتوسّع هنا لأنّي سبق أن نشرت تفاصيل ذلك في جريدة «الأخبار» عدد (26 أيار 2023).
أمّا زيارة غورو لجبل عامل، فلم تكن ردّاً ودّياً، بل تكريساً لخضوع جبل عامل: من صيدا إلى صور إلى النبطية ومرجعيون. ورغم غداء مجدرة في قلعة الشقيف، اعتبرَ النبطاويون قدومه «يومَ نحس» ورفضوا استقباله بالطبل والزمْر لأن «الطبل مفخوت»، ونُقِل عن الأسعد تأريخه الزيارة شعراً، قائلاً: ويوم كله ظلمٌ... نأى عن أفقه النور *** به للنحس تاريخ... كيوم جاءهم غورو (1328هـ) (31).
فأي ودٍّ في «زيارة لغورو» من وفد عاملي مأسور؟ وأي «ردّ للزيارة» لجبل مكسور؟!
مما تقدّم يحسن التذكير بقاعدة منهجية للبحث التاريخي: إنْ لم يقرِن الباحث الأحداث بظروفها وأوقاتها وأسبابها وتداعياتها، ينحرف بالتأريخ عن مساره الصحيح إلى ما يُعرف بـ«صناعة التاريخ»؛ وهذه خطايا بحق نضالات الشعوب الوطنية، وبالتالي تغييب لظروف الارتداد السياسي العاملي محلياً.
لكن كان لهذا التحول السياسي العاملي إسهام عملي في وعي الثوار، بأن معاونة الاحتلال لا طائفة لها، وغير محصورة بطائفة المسيحيين، بل تصل إلى طوائف المسلمين الشيعة واليهود وغيرهم. عندها صار الثوار يطاولون المشبوهين من الشيعة (بجويا وخربة سلم وقانا وسيناي)، ويعفون عن المسيحيين ذوي الميول الاستقلالية العروبية (شباب من مرجعيون وقانا)، وفتحوا جبهة كبيرة على اليهود في الحولة: من المطلة إلى التخشيبة (32)...
هذا إضافة إلى تصعيد الثوار وتركيز أعمالهم العسكرية على الفرنسيين، في الثكنات والطرقات الرئيسة والجسور والقوافل التموينية ووسائل الاتصالات. وعموماً حقّقوا إنجازات هامة، فانحصرت سيطرة الفرنسيين على المدن والثكنات والطرق الرئيسة: صيدا-صور-الناقورة، طريق صيدا-النبطية-مرجعيون. وبقيت البراري العاملية مسرحاً لـ«عصابات» الثوار للتصرّف على الأرض: تخطيطاً وإغارات وأهدافاً، وبخاصة في جهات صور. وفي هذه المرحلة كان حاكم صور الفرنسي ينام في دارعة في عُرض البحر، وسهّل الثوار هروب بعض رفاقهم من سجن صور، وعفوا عن المدنيين في بعض الغارات، ولم يلاحقوا المهجّرين في مناطق لجوئهم الشيعي (النبطية وشحور وصريفا وصور) بعدما خرجوا من الميزان العسكري. وتسامح الثوار أحياناً في مطالبة المسيحيين بتسليم سلاحهم الفرنسوي (يارون وعين إبل)...
ومن أعمال المقاومة المسلحة النوعية أختار حادثاً معبّراً بجهاديته: كان حاكم صور الفرنسي مدعواً إلى وليمة أحمد عرب على رأس العين، فكمن له «شقي» من شيحين، إبراهيم، وصوّب عليه مرتين: وجاهاً والتفافاً، لكنه لم يصبه.

إنّ سيطرة الثوار البالغة على مناطق عاملية تُعتبر، بتقديرنا، أحد عوامل تشجيع الحكومة العربية في دمشق على إعلان الملَكية، 7 آذار 1920 بحضور أعيان جبل عامل الاستقلاليين (عبدالله يحيى الخليل ومراد غلمية...) ومن قادة المقاومة (صادق الحمزة) الذي تولّى إعلان الملكية في أنحاء جبل عامل وفرض سيطرته عليها (33)، وبالتالي صار على المقاومة العاملية فرْض سيطرتها العسكرية والإدارية على مناطق نفوذها وتحرير ما أمكن منها. وأول مظاهر التحرير: نزع سلاح المتطوعين مع الفرنسيين، وجمْع الأموال الأميرية من الأهالي لصالح المملكة العربية، وإعطاؤهم وصولات رسمية بها، وإنذارهم بعدم دفعها لمأموري الانتداب (34) (هذا ما أشار إليه د. جابر من سيطرة الثوار على «الأعشار والأبشار»، ص 164) (35)؛ فهذا عمل تحريري مبدئي أكثر مما هو سلطوي، إذ كان الثوار يسرّحون الجباة ويأخذون الخيل لأنفسهم ويعيدون الأموال للأهالي مع الإنذار بعدم التكرار (36).
ثم أصبح استكمال السيطرة على جبل عامل يتطلب موقفاً حاسماً من الزعماء بالذات، خلافاً لارتدادهم السابق. فوَفد على «زعيم البلاد» البك الأسعد وفد المقاومة العربية (أحمد مْريْوِد وأسعد العاص) يهدّدونه ويخيّرونه بين أن يكون معهم بجبل عامل، أو «يكون غرضاً لحربهم قبل فرنسا»، وكان الطلب أكبر من سلطة البك (37) فاضطر إلى عقد مؤتمر الحجير العاملي الجامع للأعيان وأصحاب الرأي، وبعد المداولات كان قرارهم تاريخياً بالانضمام إلى المملكة العربية السورية... و«حماية النصارى» بخاصة.
وبعد الحجير استأنف الثوار أعمالهم «التحريرية»، من جهات مرجعيون إلى صور. وذلك بيّن في كثافة إغاراتهم في التواريخ التالية: 25 و27 و29 نيسان و3و5 و6 و7 و9 و12 أيار 1920. وكان أخطرها وأسوأها الهجوم المستنكر على بلدة عين إبل، قرب بنت جبيل، فمُنيت بعشرات الشهداء الأبرار دفاعاً عن البلدة، وهُجّر أهلوها إلى فلسطين... وقد تُخفف من وقع هذا المنزلق الطائفي المدان من عموم الشيعة مبادرات احتضانهم للاجئي عين إبل، نساء وأطفالاً وشيوخاً، من قِبل أهالي بنت جبيل وشقراء وتبنين وغيرها، ومبادرة «رجل الشهامة» بتبنين، نمر دكروب، إلى إيصالهم إلى صور بأمان. أضف إلى أن المصالحة الطائفية لم تتأخر طويلاً، لـ3 أشهر فقط، وجرت على بركة شلعبون رسمياً برعاية المستشار شاربنتيه، آب 1920، وشعبياً الأربعاء 16 آب 1921، بعد العفو عن كامل الأسعد، فجَرت برعاية وحضور البك والمطران عبدالله خوري (38).

وبعد، كانت حملة نيجر الحاسمة التدميرية على جبل عامل، وإجلاء سكانه وزعمائه وثواره إلى الحولة فسوريا فالأردن (فنهاية الثورة). لكن هذه الحملة تجاوزت بأبعادها الاستراتيجة وترابطها العضوي إلى معركة ميسلون التي أنهت الحكم العربي الفيصلي بدمشق. ويذهب السيد عبد الحسين شرف الدين بعيداً في إدراك العلاقة السببية والتراتبية بين المصيرين، العاملي والسوري، فيقول: «وهكذا قُدّر لهذا الجبل أن يُخفِق، فكان إخفاقه سبباً في إخفاق القضية السورية؛ لأنه كان المرحلة التجريبية التي جرّأت فرنسا بعدئذٍ على سوريا» (39).

ختاماً، أكتفي بهذا القدر من التقويم، فالتيمّم لا يفضل الوضوء، ولا يمكن اختصار مئات الصفحات عن المقاومة للفرنسيين بصفحات معدودات. ثم، وتجاوزاً للوجه الظاهري للأحداث وتأويلاتها الطائفية، أرى، للعبرة، استعادة التقويم الصحيح لتلك «المقاومة» بالوثائق الفرنسية، فرأى غورو في أعمال الثوار «حرباً شديدة جداً»،«ذات طابع عسكري»، و«ذات هدف سياسي»: سواء «لينتزعوا منا أصدقاءنا القدامى»، أو لضم مناطق [جبل عامل] للحكم الشريفي»، أو «لطردنا من المنطقة الغربية» (40).
كما تجب إعادة التقويم المحلي لـ«المقاومة العاملية» موضوعياً، خلافاً للرأي العام الشعبوي العُصْبوي، لنراها مع المؤرّخ حسن الأمين «التعبير العملي للثورة العاملية على الفرنسين»(41)، إنما كان ينقصها مفكر يقودها إلى حسْن المآل.
وعلى الرغم من المشهد الطائفي للأحداث، لا ضير من إيرادها بوقائعها، فالأحداث الماضية محكومة بظروفها «وأحوال زمانها» - وفق التعبير الخلدوني - وتبِعاتها تقع على عاتق فاعليها دون تعميم، ولا يجوز إسقاطها تعسُّفاً على وارثيها من الأجيال، بل على هؤلاء الكشف والتحليل والتصويب والاتعاظ، فالخطأ أبو الصواب، وكلما عُرِف الداء نجُع الدواء.
ولعلها من الظروف التخفيفية لوقْع تلك الأحداث المستنكَرة، في زمن الجهالة منذ نحو قرن من اليوم، يوم كانت الملّة هي الهوية، فيحسُن التذكير بما شهده اللبنانيون في حربهم الأهلية (1975 - 1990) من فظاعات طائفية غير معقولة وغير مقبولة في الزمن الحديث، المفترض أنه زمن الديموقراطية والعلمانية والوعي والتنوُّر ورُقيّ المعتقد والتفكير والتعبير... فما أهوَن الأمس بالنسبة إلى اليوم!

* مؤرّخ مهتم بالتاريخ الحديث لجبل عامل


(1) رضا، مذكرات، العرفان، م 33، ج 8، ص 858. راجع منذر جابر، يوسف بك، ص 170.
(2) ظاهر، تقارير 12 تموز و6 أيلول 1919. قارن الأوضاع العاملية تحت الاحتلال الفرنسي ومثيلاتها في ظل الاحتلال الإسرائيلي في الشريط اللبناني الجنوبي المحتل، قبل اندحاره في 25 أيار 2000، مهزوماً بفعل المقاومة الوطنية والإسلامية، وراجع بسام، جبل عامل، ص 232.
(3) راجع ظاهر، تقارير 12 و22 و28 تموز و8 و16آب 1919، وراجع، جريدة الحقيقة11 تموز 1910، وبسام، جبل عامل، ص 229.
(4) جريدة العاصمة الدمشقية، ع 124، 13 أيار 1920. كانت تسمي أعمال المقاومة العاملية: «ثورة جبل عامل».
(5) AAE,V26, f 185. &V25, f 100 &296 تقارير 17 آذار و 2 نيسان و8 أيار 1920. وبسام، جبل عامل، ص 276 و 431.
(6) قول لأحد عيون الحركة الوطنية اليسارية الحديثة في عصر التنوير. ولنسأل ماذا فعلت البندقية المسيّسة أكثر؟
(7) تقرير غورو AAE, V.28, f.162
(8) تقرير AAE, V28, f.162، يُنشر في كتابي التالي قيد الإعداد (جبل عامل في لبنان الكبير).
(9) الشهيدان محمد الجمال وعقيل الدعبول من عيناثا، وثالث من بنت جبيل هو مصطفى العشي، في انتفاضة 1936 للتبغ والوحدة السورية.
(10) البشير، 22 تشرين الثاني 1919 و20 نيسان 1920.
(11) رضا، مذكرات 24 نيسان 1930؛ عرفان م 33، ج9، ص 991.
(12) يونغ، م م، ص 212، وبسام، جبل عامل، ص 428.
(13) بسام، جبل عامل، 266. و255. AAE, V 28 , f 6
(14) لسان الحال، 28 شباط 1920، وراجع الهجوم موجزاً في «ذكريات» مراد غلمية، ص 155.
(15) رضا، مذكرات، 5 و6/1/1920، العرفان، م 32، ص849 - 850. ويحصر البيوت المتضررة بثمانية. وهو يروي عن الحاج محمد سعيد بزي، وراجع ظاهر، تقارير 7 كانون الثاني 1920، يقول: «لم ينهب إلا بيوت المعروفين... مع الاحتلاليين».
ومهما يكن، فقد أدّت المعارك غرضها على المفاوضات في باريس، وكان انعقاد «اتفاق فيصل/ كليمنصو» التسووي (6 كانون الثاني 1920).
(16) بسام، جبل عامل، ص 239.
(17) البشير، 24 حزيران 1920.
(18) بسام، جبل عامل، ص 336-339.
(19) بسام، جبل عامل، ص 418.
(20) شؤون جنوبية ع 39، أيار 2005، ص 42، مقالة عبد الحميد بعلبكي: الزين طباجة يتذكر. وبسام، جبل عامل، ص 418.
(21) بسام، جبل عامل، ص 428، ومنذر جابر، مؤتمر الحجير، ص 44.
(22) AAE< V 28, f 6- 8 لسان الحال، 2 آذار 1920. والبشير، 27 أيار، 1920.
(23) الحقيقة، 19 كانون الأول 1918، وبسام، جبل عامل.
(24) البشير 3 و20 نيسان 1920، ولسان الحال 19 نيسان 1920.
(25) لسان الحال، 14 شباط، والبشير 3 نيسان 1920.
(26) رضا، مذكرات، 18 ،21 ،24 ، 27 آذار 19.
(27) تقرير AAE, V.28, f.162
(28) ظاهر، مفكرات 18 حزيران 1920، 22 أيار 1920، وبسام، جبل عامل، ص 488- 489.
(29) بسام، جبل عامل، ص 488، وظاهر، مفكرات، 18/6/1920 ورضا، مذكرات 12 و 14/6/1920.
(30) بسام، جبل عامل، ص 318.
(31) بسام ، جبل عامل، ص 325.
(32) AAE, V26, f 175 &V24, f 249 وبسام، جبل عامل، 336 وما بعدها.
(33) صابرين ميرفان، الإصلاح الشيعي...، ص 418.
(34) راجع ، البشير خلال نيسان، 1920 تصدي صادق ورجاله للجندرمة، وأخْذ ما جمعوه من أموال أميرية من تبنين، وسرّح الدرك، وأخذ الخيل لنفسه، وأعاد المال للأهالي وفق ما هو مسجّل في الدفتر، وأنذرهم بألا يدفعوا لهم ثانية.
(35) جابر، يوسف بك ، ص 164.
(36) راجع البشير، 3 نيسان، 1920 حادثة «الدح» أعلاه، وحادثة أدهم مع لصوص حبوش. أخذ الخيل لنفسه وردّ المسروقات إلى أصحابها.
(37) رضا، مذكرات 24 نيسان 1920.
(38) رضا، مذكرات 2 آب 1920؛ والبرق، منتصف آب 1921. كان المطران ينزل ببيت يوسف خليل آغا الشماس خريش في عين إبل.
(39) شرف الدين، مخطوط بغية الراغبين، ص 76، وراجع بسام، جبل عامل، ص 491 - 493.
(40 ) تقرير 8 أيار 1920 .V. 25, f. 269 وتقرير 2 نيسان، 1920 AAE, V. 26, f. 185 وراجع إنذار غورو للأمير فيصل. وتقرير 17 آذار 1920، AAE, V. 25, f. 100
(41) حسن الأمين، "الذكريات من الطفولة إلى الصبا"،ج1، دار الغدير، بيروت 1971، ص 128.