في الآونة الأخيرة، تُعدّ التقارير الإخبارية حول تدافع دول البلقان والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية لإعادة العلاقات مع دمشق مؤشراً إلى الانهيار الفعلي لسياسات الحرب والعقوبات والحصار التي أنتهجها الغرب لعقود، في محاولة للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد في سوريا. في السياق، أعلن الأردن، الجار الجنوبي لسوريا، عن فتح حدوده للتبادلات التجارية معها في أيلول، كتمهيدٍ لمشروع أنبوب الغاز الذي سيمرّ عبر حدوده من مصر إلى لبنان. كما تلقى الملك عبدالله اتصالاً من الأسد، ما أثار خيبة طبقة الخبراء في الشأن السوري الذين تماشت قراراتهم مع السياسات الأميركية منذ بداية الصراع. كما تبادل وزيرا الخارجية المصري والسوري محادثات خلال الجمعية العامة للأمم المتّحدة في نيويورك. إضافة إلى ذلك، تريد الجزائر أن تحضر سوريا القمّة العربية المقبلة، كما دعت الإمارات سوريا علناً للمشاركة في معرض «إكسبو الدولي»، الذي تمّ افتتاحه في تشرين الأوّل. أمّا صربيا وقبرص واليونان، التي تقلقها مسألة اللاجئين أكثر من التجارة، فلجأت إلى تطبيع العلاقات العام المنصرم. ومن جهتها، رحّبت الصين التي تسعى إلى الانخراط قدر المستطاع في الشرق الأوسط، بسوريا للانضمام إلى «مبادرة الحزام والطريق»، هذا الشهر، بالرغم من عدم وضوح ما يعنيه ذلك تحديداً في هذه المرحلة. وحتى المملكة العربية السعودية، التي تحوّلت بين ليلة وضحاها إلى عدوّ لدود للأسد، بناء على أوامر من واشنطن، منتصف العام 2011، تحاول حالياً التواصل مع دمشق.
«العنف الغبي» ( (أنجل بوليغان ــ المكسيك)

وأكثر ما هو لافت في الأمر، هو أنّ الدول العربية، التي لطالما كانت تهتمّ برأي الحكومة الأميركية، تحظى، على الأرجح، بالموافقة الضمنية من إدارة بايدن. وقد طمأنت الولايات المتّحدة الأردن علناً إلى عدم وجود أي تبعات في حال أراد الاستمرار باتفاق الغاز، بعدما جادل مطوّلاً بضرورة انتهاج مقاربة جديدة تجاه سوريا، لتردّ إدارة بايدن بما بدا أنّه إشارات حول أنّها ستخفف من الجهود الرامية إلى منع الدول من إعادة صلاتها مع سوريا. بالرغم من أنّه لدى تحدّث وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن، علناً عن هذه المسألة، أكّد أنّ موقف الولايات المتّحدة يتلخّص في معارضة إعادة بناء سوريا قبل التوصل إلى حلّ سياسي. تزامناً مع ذلك، لا يزال البنتاغون يحتفظ بقوات في حقول النفط الصحراوية وبقاعدة على الطريق السريع بين بغداد ودمشق، لأسباب متعلّقة على الأغلب بالأمن الإسرائيلي ومنع عبور الأسلحة من إيران إلى حزب الله في لبنان. وفي عام 2020، فرض الكونغرس الأميركي العقوبات المرتبطة بـ«قانون قيصر»، التي استهدفت الأسد وعائلته وكبار المسؤولين ومؤسسات على غرار البنك المركزي، ليضاف السوريون إلى لائحة السكان في مختلف أنحاء العالم، الذين شوّهت الحكومة الأميركية حياتهم، بسبب إساءة استخدام وضع الدولار كعملة احتياطية عالمية. بمعنى آخر، لا يزال التناقض يلفّ السياسة الأميركية.

الصراع الكارثي
كانت الحرب السورية، بكلّ المقاييس، بمثابة كارثة شاملة. يقدّر مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عدد قتلى هذه الحرب بما لا يقل عن 350 ألف شخص. رقمٌ يقول «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض إنّه يبلغ 616 ألفاً، بما يشمل المدنيين والمقاتلين ومجموعة القوات الدولية النظامية وغير النظامية التي انضمّت إلى الحرب. وفيما كان عدد السكان ما قبل الحرب يبلغ حوالي 22 مليون نسمة، تقدّر «وكالة الأمم المتحدة للّاجئين» أنّ حوالي 6.7 مليون نسمة شُرّدوا داخلياً، في حين فرّ 6.6 مليون شخص من البلاد، لا سيّما إلى تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر. أمّا الصور المرعبة للخراب الحضري في حمص وكوباني وحلب، حيث وقعت أشرس المعارك، فبدأت تظهر بحلول عام 2013. وبدأت التقارير حول المعاملة الفظيعة للمحتجزين تصدر في وقت مبكر، أوائل نيسان 2011، ولم تزدد، مذّاك، إلا سوءاً. وبعد عام من التحذيرات الغربية الشديدة بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية، وقعت أوّل حادثة موثقة في الغوطة بالقرب من دمشق في آب 2013، ولكنها فشلت في إثارة رد عسكري واسع النطاق، كان متوقعاً، بقيادة الولايات المتحدة، على خلفية معارضة الساسة الغربيين لمثل هذا التدخّل الصريح.
بحلول تلك المرحلة، تحوّل الصراع إلى حرب تقودها الولايات المتّحدة بالوكالة، من خلال عمليات سرّية تنظّمها «وكالة الاستخبارات المركزية»، عبر الأردن وتركيا، لنقل الأسلحة والمقاتلين الدوليين إلى سوريا، في إطار ما عُرف بـ«برنامج خشب الجميز». مكرّرةً توزيع الأدوار خلال حرب أفغانستان ضد السوفيات في الثمانينيات، موّلت السعودية مشروع تسليح الأيديولوجية الجهادية الإسلامية بشكل كبير، ضد نظام وصفته وسائل الإعلام العربية الداعمة لهذه الخطوة بـ«المرتد والكافر». وعلى الرغم من جميع الإجراءات التي زُعم أنها اتخذت، فإن ذلك فتح الباب أمام ما يشبه فيضاناً من نحو 50 ألف مقاتل أجنبي من الذين دخلوا سوريا، وانضمّ بعضهم إلى «جبهة النصرة» التابعة لتنظيم «القاعدة»، والتي تعتبرها وزارة الخارجية حليفاً، بيد أنّ العدد الأكبر منهم توجّه إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» المتنامي، «داعش»، الذي أعلن، في حزيران 2014، عن تأسيس دولته الخاصة، «الخلافة»، في الأراضي المتداخلة شمال العراق وشمال سوريا. ولم يكن ذلك برومانسية حرب همينغواي الأهلية الإسبانية. مدفوعة بمشاهد قتل الأسرى الغربيين، والانتحارات الجماعية، والقصف وغيرها من الهجمات، لم يكن أمام الحكومات الغربية المشارِكة إلا تحويل أولوياتها من الإطاحة بالأسد باتجاه تدمير شبكة «داعش» عبر الذراع العسكرية لـ«حلف شمال الأطلسي»، وهو ما تحقّق أخيراً في عام 2017. في وقت سابق، كانت إدارة أوباما قد سمحت لـ«داعش» بالتوسّع، بهدف الضغط على دمشق وانتزاع تنازلات، غير أنّ تدخّل روسيا ضد «داعش» في عام 2015 جعل إنقاذ نظام الأسد محتوماً. وقد بدأ هذا الأخير باسترجاع الأراضي التي خسرها. وخلال فترة رئاسته، أمر دونالد ترامب أخيراً «سي آي أي» بإيقاف عملها مع من يُسمون في الخطاب السائد بـ«المتمرّدين المعتدلين». وقد أصبحت الإستراتيجية الأميركية الفاشلة فوضوية إلى درجة أنّ تقارير صدرت تقول إن جماعات مدفوعة من وكالة الـ«سي آي أي»، من جهة، والبنتاغون، من جهة أخرى، بدأت تضرب بعضها البعض.
أوقف تأطير الصراع وفقاً لهذه المعايير النقاش العام وهو بطبيعة الحال ما كان مقصوداً


بدورها، عانت تركيا من عواقب سياسية واقتصادية، غير مقصودة، بسبب دورها في تأجيج الحرب. فبهدف الانتقام من تعاونها مع «الأطلسي»، شنّت «داعش» سلسلة من الهجمات الجماعية في الفترة الممتدة بين عامي 2015 و2017، ساهمت في تدهور الاقتصاد، ومكّنت السوريين الأكراد من إنشاء منطقة واسعة ذات حكم ذاتي على حدود تركيا. وقد أجبر ذلك أنقرة أيضاً على تحويل أولويّتها بعيداً من إسقاط النظام، إلى سحق التجربة الكردية. وبالنسبة لشعب الإيغور في مقاطعة شينغيانغ في الصين، فإنّ التكلفة كانت أعلى. ففي أعقاب حملة مكثّفة من التفجيرات والهجمات الانتحارية شنّها انفصاليون من «الحزب التركستاني الإسلامي»، مشجَّعين من تجربتهم في الجهاد السوري، شنّت الصين حملة شرسة من الاعتقالات الجماعية للإيغور في عام 2017، بدأت الآن تخف. بيد أنّه بالنسبة إلى دول الخليج العربي، لم يتسبّب التدخّل السوري بأكثر من مجرّد إزعاج محلي طفيف، إذ شنّ «داعش» حملة محدودة في السعودية، وتمكنّت الحكومة من التعامل معها بشكل أسهل من التعامل مع تمرّد «القاعدة»، والذي اندلع عقب الغزو الأميركي-البريطاني للعراق. أمّا قطر، اللاعب الرئيسي الآخر في الحرب بالوكالة، فلم تتكبّد أي ثمن على الصعيد المحلي على الإطلاق. وقد سلّط ذلك كلّه الضوء على القدرة المستمرّة لملوك البترودولار على الانخراط في حروب جهادية، من دون أن يترتّب على ذلك أي عواقب. هم ليسوا الحكومة الإسبانية الداعمة للحرب على العراق، التي أقالتها الانتخابات، في أعقاب تفجيرات قطار مدريد في آذار 2004.

خبراء الحرب
ونظراً إلى المعاناة الإنسانية القاهرة، قد يتوقّع المرء أن تعيد الدوائر السياسية المعنية النظر بحدود عقد من السياسات الفاشلة في سوريا وبأساليبها ودوافعها. غير أنّ جوقة صاخبة من المهلّلين كانت تواكب الحرب، مدفوعة بمزيج من مصالح سياسية ومهنية وبعض القلق من الناحية الإنسانية، للضغط من أجل التدخّل لإسقاط نظام الأسد المنحاز إلى إيران وحزب الله.
تريد مراكز البحث التأثير في السياسة الأميركية والبريطانية، لكن الحقيقة أن السياسة هي التي تؤثر فيها، يعني هي في الآخر أبواق تعبّر عن السياسة؛ مجموعة من الخبراء الذين حضروا بكثافة على وسائل الإعلام الاجتماعية والتقليدية، مع عدد هائل من المقاطع الصوتية والمقالات والكتب. وفي مراحل الحرب المبكرة، عندما بدأت الـ«سي آي أي» بممارسة نشاطها، تمكّن مثل هؤلاء المحللين من إسكات أصحاب الأصوات العقلانية، على غرار الناشط الحقوقي السوري هيثم مناع، الذي عارض تحوّل الاحتجاج إلى مظاهر من انعدام الأمن والتدخّل الأجنبي واللجوء إلى الانقسام الطائفي. بالنسبة للخليج العربي والسياسة المدعومة من صنّاع الأسلحة في واشنطن، فإنّ الهدف الأساسي كان إغراق حكومة الولايات المتحدة بالصراع أكثر، إن من حيث العمل العسكري المباشر، أو الدعم العسكري والمالي لمختلف الجماعات المتمرّدة. وأبعد من بيع الأسلحة، تركّزت دوافع المموّلين على القضاء على القوى الإقليمية، التي تعتبر أن أيديولوجية «المحافظين الجدد» تهدّد أمن إسرائيل والسعودية.

حاول جيلبير الأشقر إنقاذ سمعة مشروع الحرب بالوكالة من خلال ألاعيب المصطلحات


وفي ما يلي بعض الأمثلة على الطريقة التي غذى بها هؤلاء الكتّاب الماكينة الإعلامية والحربية والأيديولوجية: جَمعت كتبٌ مثل «داعش: داخل جيش الإرهاب» (2015)، ومقالات مثل «كيفية إنقاذ سوريا» (2017)، شرائحَ مختلفة من معسكر دعاة الحرب اللامتناهية. وقد شارك في كتابتهما أحد أصحاب أيديولوجية «المحافظين الجدد» الداعمة لإسرائيل، والذي انضمّ لاحقاً إلى الدعاية المناهضة لروسيا، في عهد ترامب، وأحد المحللين من صناع القرار، الذي عمد إلى تأمين الغطاء للممارسات الطائفية للمتمرّدين، بذريعة أنهم انبثقوا من حركة سورية تقليدية، «السلفية»، وهو مصطلح غير واضح وخارج السياق التاريخي، تمّ استخدامه لإضفاء الدفء والألفة على حركة هامشية. وبحلول عام 2016، عندما بدأ بعض خبراء الحرب في مؤسسات مثل «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية»، المموّل من البحرين في المملكة المتحدة، ومعهد «بروكينغز» الذي تموّله قطر، يدركون أنّ الحرب خسرت، انتقلوا إلى الاهتمام بقضايا أخرى. كما لجأ آخرون منهم إلى التكتّل في مؤسسة بحثية جديدة في العاصمة واشنطن، عُرفت باسم معهد «نيولاينز»، الذي كان سابقاً «مركز السياسة العالمية»، الذي أنشأه الكاتب/ الناشط السني أحمد علواني، مؤسس «جامعة فيرفاكس الأميركية»، التي تواجه مشكلات عدة.
وحالياً، تمّ استبدال الضّغط الشرس لشنّ الحرب، بإصرار على فرض العقوبات والحصار. في السياق، انتقد مدير برامج «سوريا ومكافحة الإرهاب والتطرّف» في «معهد الشرق الأوسط» الذي تموّله السعودية والإمارات، السياسة الأميركية الصاعدة التي وصفها بـ«الاستقرار بالوصاية»، والتي يتمّ خلالها السماح للقوى الإقليمية بمتابعة ترتيباتهم الخاصة مع دمشق. وهو يؤكد: «للأسف، يبدو أنّ الأسد هنا ليبقى، ولكن هذا لا يعني أنّ على جيرانه أو المجتمع الدولي أن يعطوه هامشاً واسعاً من الحرية». تصريحٌ يأتي على الطريقة النموذجية لصقور الحرب وأصحاب الأيديولوجيات الذين يعمدون إلى تجاهل معاناة الناس العاديين، والانخراط في لعبة العروش التي تثيرهم أكثر إثارة بكثير. وقد أكّد أحد محللي السياسة بصراحة تامة أنّه من غير المجدي تحسين حياة السوريين، إذا كان ذلك يعني دعم نظام الأسد. إذ أكّد جوش روغان، في صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، أنّ «النتيجة الطويلة الأجل ستحمل المزيد من التطرّف واللاجئين وزعزعة الاستقرار»، لافتاً إلى أنّه «بدلاً من ذلك، يتعيّن على الولايات المتحدة أن تساعد في تحسين حياة السوريين الذين يعيشون خارج سيطرة الأسد»، في تقييم غير مقصود منه لنتائج عقود من المحاولات الفاشلة لتغيير النظام.

أحجية جدلية
يبدو التقييم الذاتي ميّتاً. الخبراء الذين دفعوا باتجاه استمرار الحرب، نظيفة كانت أم قذرة، مكشوفة أو خفية، أخطأوا التقدير بشكل كارثي في ما يتعلّق بسوريا. نجا النظام وخبراتهم ظهرت منقوصة. وبالرغم من ذلك، فإنهم لا يجدون سبباً لإعادة التفكير في السياسات الكارثية التي أدّت إلى استمرار إراقة الدماء، وفي دورهم في صياغتها وبيعها. وبحسب سردهم للأحداث، يعتبر هؤلاء أنّ سوريا هي مسرح لمأساة إنسانية، حيث الفساد الأخلاقي والقيادة الفاشلة تأتي بشكل قاطع من جانب واحد فقط، وهذا بمثابة مسرحية لم يكتب شكسبير يوماً مثيلاً لها. وقد تمثّل عدم كفاءة هؤلاء في التفكير بأنّ الانتقال المنظّم للسلطة كان هدفاً سياسياً قابلاً للتطبيق، مع الشعار الذي أطلقته وزارة الخارجية «على الأسد أن يرحل»، الذي يجب أن يصنّف، إلى جانب شعار «أنا معها»، الخاص بهيلاري كلينتون، كواحد من أكثر عناصر الدعاية السياسية سخفاً على الإطلاق. في الواقع، ما كان استعداد النظام لارتكاب فظائع، وهو الذي قتل أكثر من 20 ألف شخص أثناء الاستيلاء على مدينة حماة خلال ثورة «الإخوان المسلمين» عام 1982، أن يشكّل مفاجأة لأحد. وعلى الرغم من هذا، فإن واحدة من أفظع ساحات القتل وأكثرها عبثية في الآونة الأخيرة تحوّلت إلى لغز جدلي، تمّ على إثرها تصنيف منتقدي تسليح انتفاضة «الربيع العربي» الشجاعة وتدويلها وتقسيمها طائفياً بـ«الأسديين»، وتصنيف الصحافيين المستقلين الذين شككوا في السرديات الرسمية على أنّهم مدافعون عن الإبادة الجماعية.
أوقف تأطير الصراع وفقاً لهذه المعايير النقاش العام، وهو، بطبيعة الحال، ما كان مقصوداً. منذ فترة طويلة وسوريا تشكّل كارثة السياسة الخارجية، التي لا ترغب إلا قلة قليلة، حتى اليسارية منها، في التطرّق إليها، وهو ما ينطبق عليه وصف الراحلة جوان ديديون، أثناء حديث لها، في إحدى المرات، عن الصراع الفلسطيني مع دولة إسرائيل، إذ قالت: «يعادل ذلك حقيبة غير مرغوب بها على متن حافلة». أخيراً، حاول جيلبير الأشقر إنقاذ سمعة مشروع الحرب بالوكالة، من خلال الانخراط في ألاعيب المصطلحات، مثل: «لم يحدث تغيير النظام بسبب عدم وجود غزو؛ روسيا هي الإمبريالية السيئة»، في حين تتمثّل القضية الفعلية في أنّ المجموعة «أ» رأت فرصة مناسبة لإسقاط نظام لا يعجبها، في حين عملت المجموعة «ب» على إيقافها. تبدو «New Politics» الأميركية، التي تنشر للأشقر، ممزقة من القلق من أنّ نقد السياسة الخارجية الأميركية قد يظهر كاعتذار من خصومها، وهذا موقف نموذجي في وسائل الإعلام الليبرالية واليسارية. أن تثير مجرد مكالمة هاتفية من الأسد مع رئيس أي دولة مجاورة سخط جوقة خبراء واشنطن، تعدّ مؤشراً جيّداً إلى أي مدى وصلت السياسة المتّبعة حول سوريا إلى طريق مسدود. حالياً، بدأ سحر كلمات الخبراء/ جوقة المحللين يتلاشى، وسواء كانت للأفضل أو الأسوأ، فقد انتقل اللاعبون إلى الخطوة التالية.

* أستاذ التأريخ في جامعة «أكسفورد»، صحافي بريطاني عمل في العالم العربي مع وكالة «رويترز» و«إذاعة لندن» و«بي بي سي عربي»