في بيروت الموجوعة بالظروف المعيشيّة والصحيّة، وفي لبنان المسكون بأجواء الاحتقان السياسي والطائفي، احتشد في قاعة الرئيس الشهيد ياسر عرفات في سفارة فلسطين، مئات من اللبنانيّين والفلسطينيّين والعرب، في أمسية وفاء لمناضلين لبنانيّين وفلسطينيّين وعرب راحلين، كانوا أمناء على العهد لفلسطين وقضايا الأمة، وساهموا في تأسيس «الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمة»، قبل عشرين عاماً، كما واكبوا مجمل فعاليّاتها في الشارع والاعتصامات والمنتديات والملتقيات العربية والدولية.19 مناضلاً من كلّ لبنان بكافة مناطقه وبيئاته، ومن فلسطين من كافّة الفصائل والتنظيمات، جمعتهم أمسية وفاء في سفارة فلسطين، تجسيداً لوحدة اللبنانيّين حول فلسطين، ولوحدة الفلسطينيّين حول المقاومة طريقاً لتحرير الأرض.
في الاحتفال الحاشد، الذي تحدّث فيه قادة ومناضلون عن رفاق دربهم، رسموا لوحة لتلاحم لبناني - فلسطيني - عربي، لن تستطيع قوة مهما بلغت عتوّها أن تفك عراه، وليؤكّدوا أنّ فلسطين قضية توحّد الأمة، وأنّ ما ارتبط بها مناضل إلّا واعتزّ، وما ابتعد عنها سياسي إلّا واهتزّ.
كان الاحتفال الحاشد أيضاً، دليلاً على سلامة الاتجاه الذي سارت عليه الحملة الأهلية على مدى عقدين، رغم كلّ ما واجهته من اتهامات ظالمة، لأنّها وضعت فلسطين بوصلتها، وقضايا الأمة شاغلها، فالتقى كل أحرار لبنان وفلسطين حولها، وشاركوا في تظاهرات دعت إليها من أجل فلسطين وانتفاضاتها، وفي مبادرات أطلقتها لكسر الحصار الجوي على العراق والانتصار لمقاومته ضد الاحتلال الأميركي، وفي كسر الحصار البحري والبرّي على قطاع غزة الفلسطيني، وفي إطلاق مسيرة كبرى باتجاه بعبدا (حيث الرئيس إميل لحود)، ودمشق (حيث الرئيس بشار الأسد)، تحية لمواقفهما في القمة العربية في شرم الشيخ ضدّ الغزو الأميركي للعراق، ومبادرات متعدّدة تجاه كلّ قطر عربي يعاني، بل تجاه كل دولة في العالم تواجه بشجاعة محاولات الهيمنة الأميركية.
للاحتفال مغزى آخر لا يدرك أهميته إلّا اللبنانيين الحريصين على أمن بلدهم واستقراره، ودحر الفساد والفاسدين عن التحكّم بمقدراتهم، وهو أنّ القيّمين عليه يدركون العلاقة الوثيقة بين مقاومة المشروع الصهيوني - الاستعماري في فلسطين، وبين مقاومة منظومات الفساد والجشع والاستبداد التي تتحكّم بلبنان وأقطار الأمة، وبالتالي فإنّ كلّ مبادرة باتجاه مقاومة المشروع الصهيوني - الاستعماري وحصاره للبنان تتكامل مع كل مبادرة لمقاومة الفساد والجشع والاستبداد، ولصون الأمن والاستقرار والسلم الأهلي في البلاد.
فتحيّة اعتزاز بنضال رفاقنا الذين التقينا حول ذكراهم في أمسية الوفاء، وتحيّة لكلّ مَن تجشّم متاعب الحضور إلى هذه الأمسية، رغم قطع الطرقات وأجواء التوتّر.
إنه الوجه الآخر للبنان، لبنان الوحدة الوطنية، والالتزام القومي والإنساني، والحرص على السلم الأهلي.
المكرّمون (حسب التسلسل الأبجدي):
- أحمد مصطفى (فلسطين)
- المحامي جهاد جورج كرم (حامات، شمال لبنان)
- د. جهاد سقايا (بيروت)
- جورج قربان (الخنشارة، جبل لبنان)
- حسين الخطيب (فلسطين)
- حسين حمود - أبو أسعد (كفرملكي، جنوب لبنان)
- زياد حمو (فلسطين)
- سمير شركس (طرابلس، شمال لبنان)
- د. سمير صباغ (بيروت)
- سمير طرابلسي (بيروت)
- صبحي جابر - أبو خالد الشمال (فلسطين)
- عباس دبوق - الجمعة (صور، جنوب لبنان)
- عبد اللطيف شماس (بيروت)
- علي أيوب (فلسطين)
- غازي حسن (فلسطين)
- غازي خميس (بيروت)
- د. محمود حسين (مصر)
- منيب حزوري (فلسطين)
- هاني فاخوري (بيروت)

* كاتب وسياسي لبناني